#منوعات
ضحى السعفي 3 ابريل 2022
جذبت نجومُ السماء الطفلة «رانيا»؛ فراحت تتابع حركتها، كان اختفاء النجوم نهاراً، ثم ظهورها مجدداً في المساء يزيدان إصرارها على الاقتراب من لمعانها، وفهم أسرارها. لذا، قررت الشابة التونسية، رانيا التوكابري، أن يكون الفضاء مجال دراستها، الذي تفوقت فيه، وأصبحت «نجمة» في سماء العلم، حيث اختيرت - وعمرها 27 عاماً - لتكون ضمن قائمة أفضل المختصين بمجال الفضاء في القارة الأفريقية، بعد تتويجها بالعديد من الجوائز الدولية. وقد تمكنت - رغم صغر سنها - من أن تحفر لنفسها مكاناً بين علماء العالم. وتعمل رانيا، حالياً، على مشاريع تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية. ولأنها تعد نموذجاً للمرأة القوية، التقيناها فكان هذا الحوار:
• للباحثين والعلماء ميزات تختلف عن غيرهم، تظهر في سن الطفولة وتكبر معهم.. حدثينا عن بداية تعلقك بالفضاء ومكنوناته؟
- كنت وأنا طفلة أحلم بالفضاء، وأقضي وقتاً طويلاً أتأمل النجوم، كانت لي رغبة في بلوغها، وكشف أسرارها والاقتراب منها. وطيلة دراستي الأساسية رسمت طريقي، وحددت هدفي في ولوج هذا العالم السحري، فدرست في المرحلة الجامعية تكنولوجيا الفضاء، والأنظمة الأساسية لمركبات الفضاء، وبعد الدراسة حظيت بالكثير من الفرص التدريبية والعملية.
«الانفجار العظيم»
• ما أهم المشاريع التي تعملين عليها في الوقت الحالي مع فريق العمل؟
- أعمل على مشاريع اكتشاف الفضاء؛ للبحث عن أصول الكون، ودراسة الكواكب مع فريقي في شركة ألمانية، تقوم بتصميم الحاسوب الأساسي للأقمار الاصطناعية، ووحدات التشفير، ووحدة معالجة البيانات، كذلك التواصل مع المحطة الأرضية تحت إشراف وكالة الفضاء الأوروبية. ومن بين هذه المشاريع: مشروع «Plato»، وهو تليسكوب فضائي قيد التطوير لإطلاقه في عام 2026، من قبل وكالة الفضاء الأوروبية، ومشروع «JUICE»، وهو عبارة عن إنجاز مركبة فضائية، يمكنها اكتشاف ما إذا كانت توجد مياه سائلة في عمق بعض الكواكب، مثل المشتري، ومشروع الدفاع الكوكبي (HERA)، إلى جانب مشروع «Biomass»، وهو قمر اصطناعي لرصد الأرض، مخطط لإطلاقه من قبل وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، في أغسطس 2023، وسيوفر أول قياسات شاملة للكتلة الأحيائية العالمية، ومن المفترض أن تستمر المهمة لمدة خمس سنوات، ومراقبة ما لا يقل عن ثماني دورات نمو في غابات العالم.
• ما الاكتشافات التي أبهرتك في مجال الفضاء.. أولاً؟
- أول ما شدني إلى مجال الفضاء نظرية الانفجار العظيم، وهو النموذج الكوني السائد، الذي يشرح وجود الكون، ويصف النموذج كيف توسع الكون من حالة أولية من الكثافة العالية، ودرجة الحرارة. وهذه النظرية تقدم تفسيراً شاملاً لمجموعة واسعة من الظواهر المرصودة، بما في ذلك: وفرة العناصر الضوئية، وإشعاع الخلفية الكونية الميكروية. كما انبهرت بما يعرف بـ«الطاقة المظلمة»، وهو الاسم الذي يطلق على القوة الغامضة، التي تتسبب في تسارع معدل تمدد الكون بمرور الوقت، بدلاً من تباطؤه، وهذا مخالف لما قد يتوقعه المرء من كون بدأ مع الانفجار العظيم، كما شدني «الثقب الأسود» فائق القدرة.
• ما المهارات التي يجب اكتسابها؛ لدخول عالم هندسة الفضاء؟
- يجب توفر مهارات رياضية، وتحليلية، وقدرة قوية على حل المشكلات، وخبرات التقنية، وإبداع وتفكير ابتكاري، والأهم من هذا الانتباه إلى التفاصيل.
• ما الطموحات التي تتطلعين إلى تحقيقها، من خلال عملك؟
- إجابة الأسئلة الكونية، التي لم يتمكن العلم من الإجابة عليها حتى الآن، إلى جانب البحث عن إمكانية العيش خارج الأرض، والقدرة على توفير موارد من خارجها.
• بين فترة وأخرى تطالعنا أخبار عن اقتراب أجرام سماوية ونيازك قد تودي بكوكب الأرض.. ما الحقيقة؟
- حالياً، نتمكن من مراقبة النيازك الضخمة، ومعرفة مدى خطورتها في وقت مبكر. ومرور النيازك جزء من تركيبة النظام الشمسي، وحالياً نعمل على تقنيات الدفاع الكوكبي، وأول مشروع انطلق في 2021 هو مهمة «AIDA»، لتقييم تأثير وانحراف الكوكيب، وتهدف المهمة إلى اختيار نماذج الاصطدام، والتحقق من صحتها، ودراسة إمكانية إن كانت المركبة الفضائية قادرة على تحويل مسار كويكب في مسار تصادم مع الأرض بنجاح.
راقصة باليه
• ما التحديات التي تواجه مجال الفضاء؟
- تكنولوجيا الفضاء مجال حساس، وممارسته تحتاج إلى الدقة والسرعة، وحل المشاكل في وقت وجيز هو أول تحدٍّ لأي مهمة، خاصة أنه مجال يعتمد على تقنيات عالية. ولأنه مجال لايزال في بداياته، مقارنة بمجالات أخرى، ولسنا قادرين على إيجاد كل الحلول؛ فنحن بحاجة إلى المزيد من البحث. وهناك تحدٍّ آخر يتمثل في أن مجال الفضاء به هيمنة ذكورية أرفضها، وأتطلع إلى أن تنفتح الفتيات على هذا المجال.
• من أكبر الداعمين لك حالياً؟
- والداي وإخوتي أكبر الداعمين لي منذ مراحل دراستي الأولى. وبفضلهم تمسكت بحلمي، وتجاوزت مصاعب كثيرة.
• بعيداً عن عالم الفضاء.. ما اهتماماتك اليومية؟
- لي اهتمامات بالفن والموسيقى؛ فكنت راقصة باليه طيلة 21 سنة، ودرست الموسيقى في فترة المراهقة بأوقات الفراغ، بالإضافة إلى القراءة.
• ما الكتاب الذي تنصحين غيرك بقراءته؟
- هناك العديد من الكتب، التي تستحق القراءة، منها: «الحرب والسلام» لمؤلفه تلستوي، و«الجريمة والعقاب» لديستوفسكي، و«أبي الغني أبي الفقير» لروبرت كيوساكي، و«1984» لجورج أوريل.