#تحقيقات وحوارات
رحاب الشيخ 11 نوفمبر 2020
تشير المستشارة التربوية الدكتورة نعيمة قاسم إلى أن ظاهرة التنمر موجودة منذ القدم، لكنها حديثة في تسميتها، مضيفة في حديثها لـ«زهرة الخليج»: «كم مرة سمعنا المعلم أو الأخصائي الاجتماعي يطلق على بعض الطلاب مصطلح (مشاغب أو متمرد أو عدواني)، إلى أن أصبحنا نقرأ في الصحف ونسمع البعض يردد كلمة تنمر، إذ بدأت الظاهرة تتفشى وتزداد مع انتشار الألعاب الإلكترونية العدوانية المليئة بالعنف، وعلى الرغم من أن معظم الطلاب حالياً يتابعون تعليمهم عن بعد، بسبب جائحة «كوفيد 19»، إلا أن التنمر بينهم لم ينتهِ، ويحدث ما بينهم عبر منصات التواصل الاجتماعي».
تهديد وترهيب
توضح قاسم أن التنمر شكل من أشكال العنف، وهي الإساءة والإهانة والإيذاء اللفظي والجسدي والمعنوي والنفسي وربما التحرش الجنسي، وهو موجه من طالب واحد أو مجموعة من الطلاب، يختارون واحداً من الطلاب المؤدبين أو ضعاف الشخصية ويكيلون له كل أنواع التعنيف، وهؤلاء المتنمرون يتبعون سياسة التخويف والرعب وأحياناً التهديد والترهيب، وقد يمارَس التنمر في المدرسة، أو خارجها أو في الأحياء السكنية، وأحدثها عبر وسائل التكنولوجيا ومواقع التواصل.
تاثيرات سلبية
عن انعكاسات التنمر بكل ألوانه على الطالب، تشير قاسم إلى أن التنمر قد يؤثر في المستوى الأكاديمي للطالب، كما يسبب الانطواء والعزلة والهروب من المجتمع، كما تضعف من شخصيته وقد تؤدي به لمرض نفسي يصاحبه مدى الحياة، ويظهر أثره على أسرته وأبنائه في المستقبل، كما قد يتضرر في مكان عمله في المستقبل، بسبب الشائعات التي تطلق عليه كقولهم: (غبي، مجنون إلى مثل ذلك) أو نشر معلوماته الخاصة وصوره عبر المواقع، وتضيف قاسم: «قد يتجه المتنمر عليه إلى الإدمان للهروب من واقعه الأليم، وقد يميل إلى الاكتئاب، والإحساس بالانعزال عن المجتمع، والانسحاب من النشاطات المدرسية، وأحياناً يؤدي به إلى الانتحار، فهنالك علاقة قوية بين التنمر والانتحار، وفق إحصائيات كثيرة تم الإعلان عنها في الدراسات والأبحاث مؤخراً. كما قد ينعدم اهتمام الشخص بمظهره الخارجي وملابسه ودراسته وواجباته المنزلية، وقد يلجأ إلى النوم كثيراً وربما يصبح عصبياً في المنزل، فيضرب إخوته أو يحطم أشياء داخل المنزل كرد فعل سلبي انتقاماً لذاته».
برامج توعوية
تشير قاسم إلى أن دولة الإمارات اهتمت بمعالجة هذه الظاهرة السلبية بكل قوة، عبر البرامج التوعوية لتسليط الضوء للحد من هذه الظاهرة المدمرة، وأهم ما تم اتخاذه في هذا الشأن للحد من هذه الظاهرة السلبية، وضع لائحة السلوك المدرسي ومعاقبة المتنمرين وفق اللائحة التي قد تضطر لفصلهم عن الدراسة أو وضعهم في مؤسسات الأحداث، كما سنت الدولة قوانين رادعة للمتنمرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفرضت غرامات مادية عالية عليهم، وأحياناً يرافقها السجن والحرمان من كثير من الميزات وخاصة في صحيفة الحالة الجنائية، فضلاً عن تدريس منهج التربية الأخلاقية كمادة أساسية في المدارس، لتأكيد دور الأخلاق في بناء الإنسان، كما خصصت وزارة تنمية المجتمع ووزارة التربية والتعليم برامج لتوعية أولياء الأمور، بالاهتمام بتنشئة أبنائهم التنشئة السليمة المبنية على حسن الخلق والاقتداء بأخلاق القيادة الرشيدة، في مبدأ التسامح واحترام الآخر من دون التفرقة بينهم في اللون أو الدين أو العرق أو الجنس أو اللغة.
الدور المجتمعي
تلفت قاسم إلى الدور المجتمعي المهم المطلوب اتباعه من الأفراد والمربين والتربويين، لمعالجة التنمر من خلال تعزيز ثقة الطلبة والأبناء بأنفسهم وتوعيتهم وتحذيرهم ممن حولهم، وحثهم على اختيار الصديق الصالح ومراقبة سلوكياتهم مبكراً لملاحظة أي تغيير، وبناء علاقة صداقة معهم مبنية على الوضوح والصراحة والصدق في جو عائلي فيه الدفء والحنان، بعيداً عن التعنيف اللفظي والجسدي والنفسي، حفاظاً عليهم من التنمر أو انتهاج سلوك المتنمرين، وأهم من كل ذلك توضيح عقوبات التنمر لهم وعواقبها الوخيمة على مستقبلهم.
اقرأ أيضاً: 16 فيلماً في الدورة 42 لمهرجان القاهرة السينمائي