#تحقيقات وحوارات
محمود الخطيب 8 نوفمبر 2020
لم يدر بخلد الطبيب الجزائري إلياس آدم زهروني (12 أبريل 1951)، الذي حصل على شهادة الدكتوراه في الطب من جامعة الجزائر عام 1975، وهو يغادر بلده متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، في سن الرابعة والعشرين برفقة زوجته طبيبة الأطفال نادية عزت، أنه سيحظى بتكريمين رئاسيين في البلد الذي اختار أن يواصل فيه رحلته العلمية ويجري بحوثه، التي أنتجت ثماني براءات اختراع، فضلاً عن ابتكاراته في التصوير الإشعاعي، عدا وصوله حالياً لمنصب المستشار الخاص للوكالة الوطنية للأمن الصحي.
بداية الرحلة
الاختيار الطبي الفريد الذي لجأ لدراسته الدكتور زرهوني فور وصوله إلى أميركا، كان سبباً في كل النجاحات التالية التي حققها هذا النابغة الجزائري، فقد التحق بجامعة جون هوبكنز لدراسة التصوير الطبي عبر الأشعة، وفي عام 1978، عين أستاذاً مساعداً بالجامعة نفسها، ثم تدرج ليصبح أستاذاً محاضراً وهو لم يتجاوز الرابعة والثلاثين من العمر. وبين عامي 1981 و1985، بدأت ملامح الطفرة العلمية، إذ عمل في قسم الطب الإشعاعي في كلية الطب في فرجينيا الشرقية، واشتغل على استخدام التصوير الإشعاعي كوسيلة للتشخيص المُبكّر للأمراض السرطانية، ليبتكر أولاً جهازاً للتصوير المجسم (سكانر)، وحتى عام 1996، أنجز زرهوني 157 ورقة بحث معتمدة، ونال ثماني براءات اختراع عن مكتشفاته في التصوير الإشعاعي، ومُنح الميدالية الذهبية للعلوم في أميركا.
الابتكار الكبير
يتمثّل الاكتشاف الكبير للبروفيسور زرهوني في استعمال صور (السكانر) لتحديد نسبة الكالسيوم في الأنسجة الحيّة، مما مكّنه من استخدام تلك الصور للتمييز بين الورمين الخبيث والحميد. ما يزيد من أهمية هذا الاكتشاف، أنه أغنى الأطباء والمرضى عن الحاجة إلى أخذ عينات من الأورام جراحياً عن طريق الخزعة، حيث لم يسبقه أحد إلى تلك التقنية، التي استخدمها للتعرف إلى نسبة الكالسيوم في العظام، مما جعله أول من استعمل الصور الإشعاعية منذ عام 1978، لتشخيص مرض ترقق العظام، والذي يعتبر من أكثر الأمراض انتشاراً، خاصة بين النساء. كما استطاع زرهوني المساهمة في تحويل صور (السكانر) العادية إلى صور عالية الدقة، وهو ابتكار مسجل باسمه.
مكافأة رئاسية
عام 2002 اختار الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، إلياس زرهوني مديراً عاماً للمعاهد الطبية الأميركية، بموافقة من الكونغرس، وتمثل هذه الهيئة أعلى مرجع طبي في الولايات المتحدة، فهي ترعى 27 معهداً ومركز بحث، وتُشغّل 27 ألف باحث وموظف، بينهم 17 ألف متفرغ، وتقدر ميزانيتها السنوية بأكثر من 28 مليار دولار. أما الرئيس السابق باراك أوباما، فقد اختاره ليكون ضمن فريق (حكماء البيت الأبيض) ومستشاره في مجال الصحة، وعينه موفداً خاصاً للعلوم والتكنولوجيا إلى منطقة الشرق الأوسط. كما قلده الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بوسام (فارس جوقة الشرف) عام 2008، وهو أعلى وسام في الدولة الفرنسية.
اقرأ أيضاً: الغاف.. شجرة الماضي تكتب الحاضر والمستقبل