لاما عزت 3 يونيو 2018
قبل عقودٍ خلت درجت المرأة، التي تنتمي إلى طبقة اجتماعيّة معيّنة في منطقة الخليج العربي وعند البدو في بلاد الشّام والعراق وسيناء، على ارتداء السّوِيْعِيَّة فوق لباسها التّقليديّ صيفاً وشتاءً، وفي ساعات ومناسبات محدّدة، وربما لهذا السبب حملت هذا الاسم. وهي رداء أسود واسع جدّاً يشبه عباءة الرّجل (عَبَايَة). اسمها القديم المندثر (مَدْخَر)، كما تُعرف بأسماء مختلفة حسب المنطقة، فهي (بِشْت)، (دفّة)، (أمّ الـمَـچَاسِيْر)، (أمّ خدود)، (أمّ الگِيطان/ البِيْطان)، والگِيطان/ الْقِيْطان خيوط حريريّة رفيعة مبرومة كالحِبال. كانت السيّدة تضع السّوِيْعِيَّة على رأسها بشكل مستقيم أو تُميلها قليلاً نحو جهة معيّنة بطريقة تُدعى (گَبْعَة/ چَبْعَة)، وتُسدلها حتّى كعبيها، وقد ترفع طرفيها الأماميين على ساعديها، أو تضع أحد الطّرفين تحت إبطها. وقماش السّوِيْعِيَّة مستوردٌ، يُصنع من الحرير اللامع أو من الصوف الناعم والغليظ، فخُصصت الحريرية للصيف، والصوفيّة للشتاء. ومع أن النّساء اشتغلن في خياطتها، إلّا أن الرّجال تميّزوا وأبدعوا واشتهروا بها. والمشتغل في خياطة السّوِيْعِيَّات يُدعى (مْـچَبِّن/ مْخَبِّن)، وتشير بعض المصادر إلى أن الإحساء تفوّقت في خياطتها، تلتها الشارقة ودبي وأبوظبي، واشتُهرت حماه السوريّة والنجف العراقيّة بحياكة (الگَصَب/ الزَّرِي/ الخْوَار) من خيوط الذهب والحرير، ولاحقاً توافرت اليابانية والإنجليزية.
تتكوّن السُّوِيْعِيَّة من (فجّتين) عرضيّتين متساويتي الطّول، الأولى تبدأ من مقدّمة الرّأس إلى منتصف الجسم، وتتصّل مع الثّانية في منطقة (الْـچَبْنَة/ الخَبْنَة)، وهي ثنيةٌ عرضيّةٌ تمنح التّفصيل شكلاً منحنياً يتناسب وشكل الجسد، وتساعد على إطالتها أو تقصيرها حسب طول مرتديتها.
والسّوِيْعِيَّة مفتوحةٌ من الأمام بشكل كامل، ولها فتحتان ضيّقتان للكفّين، والمنطقة الّتي توضع على الرّأس أضيق في عباءة المرأة مقارنةً بعباءة الرّجل، تُخاط بها من الدّاخل (بطَانَة) تمنعها من الانزلاق، وتحدّ من تلفها بسبب زيت الشّعر العطريّ.
وللسّوِيْعِيَّة الخليجيّة گَصَب ذهبيّ يتميّز بروعة وجمال أشكاله، يوضع على حافّتيها الأماميّتين، يبدأ من منتصف الجسم ويُلفّ نحو الأعلى ليصل إلى النّاحية المقابلة، وينتهي بزوج گِيطان ذهبيّة، في نهاية كلّ خيط كرة صغيرة (عمِيْلَة/ بَسْرَة) كالّتي في عباءة الرّجل، وتُضاف الگِيطان من منتصف السّوِيْعِيَّة إلى أسفلها، ومن الزَّرِي على الكتفين إلى نهاية الكمّين وفتحتيهما. فإن تغيّر لون الگَصَب؛ يُدّق بمطرقةٍ معدنيّةٍ لتلميعه، في عمليّةٍ تُسمّى (بُرْدَاخ). وزيادة في التّميزّ، عمدت بعض السّيّدات على ارتداء سّوِيْعيّات ذات (بَسْرَات/ عْمَايِل) مصوغة من الذّهب الخالص بأحجام وأشكال مختلفة قد تصل إلى حجم حبة الجوز، وأحياناً يصل طول السلسلة إلى الرُّكبتين.
ارتبطت بعض العادات بارتداء السّوِيْعِيَّة، فارتفاع ثمنها أسهم في انتشار نظام الاستعارة الذي استمرّ حتّى بداية الطفرة الاقتصاديّة. ففي الإمارات تستعيرها العروس لترتديها ليلة زفافها وتجلل بها حين ذهابها إلى بيت زوجها، وفي بعض دول الخليج الأخرى تلتزم العروس بارتدائها عدّة شهورٍ، كما ترتديها بعض السيدات في فترة الحداد، ولا يخلعنها إلّا عند النوم.
لم ينتهِ عصر السّوِيْعِيَّة، فعادت موضتها مع اختلاف أنواع الأقمشة والگَصَب وطريقة الخياطة، وأصبحت من دون (خَبْنَة) وبطانة، وباتت تضعها الفتيات على أكتافهن بما يناسب استخدامهن اليوميّ لها في أمكنة العمل.