لاما عزت 29 ابريل 2014
مستلهمة تفاصيلها من طفولة الأميرة هيا بنت الحسين صدرت رواية "الأميرة وبنت الريح" بترجمة رنا حايك عن الكتاب الأصلي The Princess and the Foal للكاتبة النيوزلندية ستايسي غريغ. وبهذا الإصدار الجميل تكون دار "نوفل"، ناشر العمل والتابعة لمجموعة "هاشيت انطوان"، من دور النشر العربية القليلة التي تكترث لأدب النائشة وتولي اهتماما للأطفال فوق عمر الثانية عشرة. الكتاب الذي تنشر "أنا زهرة" مقاطع منه على موقعنا وتجري محاورة مع مترجمته، يدور حول مرحلة معينة من حياة الأميرة هيا زوجة نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. تقدم الرواية شخصية طفلة يمكنها أن تكون ملهمة لأطفال كثيرين يمرون بمحن مشابهة، محنة فقدان الأم. فقد فقدت الأميرة هيا والدتها الملكة علياء الحسين في حادث تحطم الطائرة سنة 1977. وحين أهداها والدها مهرة يتيمة تعتني بها وتتعلم بها ركوب الخيل وهي في عمر السادسة، استعانت الطفلة هيا بها ببراءة لتواسي نفسها عن غياب والدتها. في إحدى مقابلاتها، تقول الأميرة الفارسة هيا "والدي أهداني حصاني الأول عندما كنتُ في السادسة من عمري. ولكن حتى قبل أن أمشي، كان لديّ حصان خشبي، وكل ما كنت اريده هو ركوبه". وكانت مؤلفة العمل غريغ التقت بالأميرة عدة مرات وعن ذلك تقول" إنه لترف حقا أن أكتب رواية تستند إلى قصة حقيقية ومقتبسة عن طفولة الأميرة هيا وحياتها المميزة، بالنسبة للحكاية فإن 95 في المئة، مقتبسة عن أحداث حقيقية من طفولتها". كما زارت غريغ الاسطبلات الملكية في الأردن للعمل على الرواية: "الاسطبلات التي كتبت عنها في الأميرة وبنت الريح هي الاسطبلات ذاتها التي رأيتها في عمان. اسطبلات رائعة اسبانية التصميم، على نحو مذهل". الكتاب ممتع وشيق ويظهر شخصية الطفلة المشاغبة وخفيفة الظل والذكية في القصر الملكي الأردني. "أنا زهرة" دردشت مع مترجمة الرواية رنا حايك في مقابلة هاتفية وكان هذا اللقاء: أولا: لماذا وقع اختيارك على ترجمة هذه القصة؟ مالذي يميزها؟ ومالذي يجعل اي أم تشتري هذا الكتاب لطفلتها أو طفلها برأيك؟ الترجمة عملية غير آلية كما قد تبدو للبعض. فالمترجم، رغم الحيادية التي عليه أن يحافظ عليها تجاه اللغة والأسلوب خلال نقل النص، غالباً ما تصعقه نوبة عشق، منذ اللحظة الأولى، وهو لا يزال يتعرّف على النص. وذلك ما كان بالنسبة لي مع "الأميرة وبنت الريح". فقد اختبرت منذ القراءة الأولى لمقتطفات من النص حالات مستفزّة من التأثر دفعتني للتمسك بترجمة الكتاب. أولا لأننا نفتقر في العالم العربي لكتب تتوجه لهذه الشريحة العمرية من القراء الفتيان والشباب، من دون أن تستخف بعقولهم، وثانيًا لأن القصة الواقعية دائمًا ما تتحلى بجاذبية خاصة وثالثًا لأن هذه الرواية تحديداً مكتوبة بأسلوب رشيق وشيق وممتع، فهي تضحكك أحياناً وتبكيك أحياناً وتسليك دائماً، وكل ذلك في إطار ذائقة عالية المستوى من الناحية الأدبية. كل هذه أسباب دفعتني لترجمة الكتاب وهي الأسباب ذاتها التي ستدفع أي أم لاقتنائه لأبنائها. ثانيا: القصة مقتبسة من حياة الأميرة هيا بنت الحسين وأول فرس امتلكتها. وهي مكتوبة أصلا بالإنجليزية، كيف قدمت الحكاية بالنص الأصلي؟ أعني حكاية أميرة عربية بالإنجليزية، كيف يتم تقديم الحكاية للطفل الغربي؟ مالفرق؟ وكيف تنظرين لهذا الموضوع؟ هل هناك صور نمطية في طريقة القص؟ هذا السؤال مهم جدًا في الحقيقة، وذلك لأن ثمة ظاهرة تجاوزتها الكاتبة النيوزيلندية ستايسي غريغ ببراعة، وهي ظاهرة "الاستشراق"، فذلك فخ قد يقع فيه الكاتب العربي إذا ما كتب نصًا بالإنجليزية موجهًا للقارئ الغربي، وذلك لمغازلته، أو الكاتب الغربي لشدة ما قد يكون مأخوذًا بأسطورة الشرق. ميزة غريغ هي أنها تجاوزت هذا الفخ، ولم تستخدم الاستعارات المحملة بإرث "ألف ليلة وليلة" سوى بما يخدم النص الموجه لفتيان، وفتيات تحديداً، يسحرهن الانجرار في عالم الأحلام والرومانسية في هذه السن. بشكل عام، كتبت غريغ للطفل الغربي قصة عن أميرة عربية في إطار حديث وبلغة حديثة، بعيدا عن التنميط الأسطوري المُتخيَّل. فالأميرة، رغم كونها أميرة، هي طفلة في النهاية، سلوكها سلوك طفلة مشاغبة، وعلاقتها بوالدها وبوالدتها هي كعلاقة أي طفل بذويه. طبعاً راعت المؤلفة الحالة الخاصة لمنزل ملكي في النهاية ولكن في الحدود التي تخدم القصة فقط، أي قصة طفلة حرمَت من والدتها وعانت من ذلك الحرمان ثم تجاوزته بشجاعة وقوة إرادة استثنائيتين. الترجمة بلغة قريبة من الطفل، لنتحدث عن هذا الأمر ماهي تحديات هذه اللغة وكيف يستطيع المترجم التعامل معها والاحتيال عليها؟ هذه مسألة جوهرية في لغتنا العربية. في الإنجليزية أو الفرنسية، يكتب المؤلفون باللغة ذاتها التي يتحدث بها الأطفال والناشئة، ما يجعل لغة الكتب مفهومة تماماً بالنسبة لهم. أما لدينا، فالمشكلة أن الفصحى بعيدة جدًا عن اللهجات اليومية التي نستخدمها في حياتنا ومع أطفالنا، والتي يستخدمها الشباب والناشئة في ما بينهم. لذلك يكون التحدي أكبر في تأليف كتب أو ترجمة أخرى بلغة أقرب ما تكون إلى ذهن الطفل والناشئة، مع احترامها لقواعد وأصول اللغة الفصحى، بحيث تشجعه على القراءة ولا تنفّره منها كما يحدث في معظم الأحيان. هذه الترجمة صادرة عن دار تتخذ على عاتقها بشكل عام، في جميع إصداراتها من أدب الطفل والناشئة، مهمّة جذب القارئ الصغير والفتى عبر مخاطبته بأسلوب ومضمون حديثين. هذا الكتاب الصادر عن دار "نوفل" يأتي في السياق ذاته لجميع الكتب التي تصدرها الدار، ولكن مع مراعاةٍ إضافيةٍ لخصوصية ان رواية "الأميرة وبنت الريح" موجّهة الى الفتيان والناشئة. كان التحدي صعب لا أنكر، فاللغة العربية جذابة، ونحن مأخوذون، ككتّاب ومترجمين، بإرث طويل من العبارات الصعبة والرنانة، لذلك شكلت عملية الترجمة تحديا ذاتيا بالنسبة لي: كيف أقول الجملة ذاتها بأبسط طريقة ممكنة رغم أن لدي خيارات قد تستهويني أكثر أحيانا لأنني تشربتها منذ الصغر. كل جملة من جمل الكتاب شكّلت تحديا على هذا المستوى، واكتشفت أن المسألة غير مستحيلة هي فقط صعبة وتحتاج إلى المزيد من الجهد، وبالتحديد، الكثير من احترام القارئ الشاب ومراعاته. طبعاً هناك عبارات كانت صعبة وهي تلك المتعلقة بالفروسية ولكن في هذا الإطار لا مفرّ، ثم إن أحد أهداف القراءة بالنسبة لهذه الشريحة العمرية هي تحفيزها على اكتشاف عبارات وعوالم جديدة وتغذية المعجم اللغوي لدى الشاب أو الشابة. اللغة العربية جميلة، ومعجمها أوسع بكثير مما نتخيل، علينا فقط أن نقوم ببعض المجهود الإضافي لجذب الناشئة نحو القراءة وذلك من خلال مخاطبتهم بلغة قريبة إلى نفوسهم وإلى حياتهم اليومية، حتى لا يشعروا باغتراب يبعدهم عن الكتب وهم يقرأونها. ستجدون في الكتاب "أوكي" أحيانًا. فهل يجيب أحد أبنائنا بـ "حسنًا" حين نطلب منه أن يفرك أسنانه قبل النوم؟! القصة كما فهمت موجه لفئة الناشئة وهي فئة مظلومة في مكتبتنا العربية، وهي فئة ليس الكتاب من ضمن خياراتها المعرفية الأولى في زمن الإنترنت؟ فهل لدى أنطوان خطة لتغذية رفوف المكتبة المخصصة لهذا العمر، وكيف يمكن إعادة الاعتبار للكتاب في حياتها؟ هذه الفئة، والفئة الأصغر أيضًا هي في جوهر اهتمامات دار "نوفل" و"هاشيت أنطوان"، وهذا الاهتمام يتجلى في اختيار العناوين الأفضل لها وترجمتها بأفضل طريقة ممكنة. الدار تبحث عن الكتب الممتعة والتي تمرّر "الموعظة" من دون أن تكون تلك "الموعظة" هي الهدف الأسمى والمباشر والأوضح في الكتاب، تبحث عن الكتب التي لا تستخف بعقول الصغار، وتحرص على تقديم لغة بسيطة من دون أن تكون ركيكة طبعًا، فالمعايير صارمة في هذا المجال، هذا غير احترام أصول النحو التي لا تتهاون الدار فيها أبدًا، فالتدقيق اللغوي هو من أهم المراحل التي تمر بها كتب الأطفال الصادرة عن الدار، فما بالك بشأن الكتب الموجّهة الى الناشئة والشباب وهي شريحة مهملة جدا في إصداراتنا العربية. ولنكن واقعيين، القيمون على الدار يدركون تماماً كم هو صعب مضاهاة وسائل الترفيه المتوفرة للفتيات والفتيان وللأطفال مع كل الطفرة التكنولوجية الحالية، ولكن، مع ذلك، هم مؤمنون بأن واجبهم يملي عليهم بأن يمدّوا القراء الصغار بالمادة الجذابة. فإذا لم يكن الكتاب الممتع متوفّرًا أصلَا، كيف لك أن تقدم للطفل الخيار؟ ماذا ينتظر الطفل العربي القارئ من جديد ترجمات أدب الأطفال؟ هل لديك أنت شخصيا المزيد من المشاريع بهذا الخصوص؟ حاليًا ليس لدي مشاريع، لكنني دائمة الاستعداد لأي فرصة تتيح لنا تقديم الكتاب الجيد والحديث لأطفالنا. الطفل العربي يحتاج لكتاب يخاطبه بلغته، وعلينا أن نصبّ كل مجهودنا لتأمين ذلك الكتاب له. أعرف أن لديك طفلة..ماهي خياراتك كمترجمة وصحافية التي تقدمينها لمكتبة صغيرتك؟ كيف تختارين كتبها؟ كيف تجعلينها تحب القراءة وهي واحدة من أصعب المهام التي تقع على عاتق الأم، فكيف إذا كانت تنتمي لعالم الأدب والكتابة؟ طفلتي لا تزال في عمر السنتين و5 شهور، لكنني بدأت أضعها في حضني عندما كانت لا تزال ابنة 4 أشهر وأقرأ لها. أعرف أن ذلك قد يبدو مضحكًا للبعض. طبعًا هي لم تكن تفقه شيئًا مما تقرأ، وكنت أعي ذلك تمامًا، لكنني كنت أربي فيها تلك البذرة. لاحقًا، أصبحت القراءة طقسًا يوميًا أساسيًا قبل النوم. الاغتسال ثم العشاء ثم القصة في السرير. في سنّها هذه، آتي بالكثير من الكتب الغنية بالألوان والأصوات، والشخصيات التي تحبها، ولطالما أذهلتني بقدرتها على ترداد أسماء الأشياء التي كانت تراها في الصور في كتبها. فالأطفال سريعو الاستيعاب ولديهم نهم معرفي يفوق خيالنا، علينا فقط أن نقدّم لهم ما يحتاجونه لتنميته. أدعها تكتب وترسم على كتبها، على عكس ما تربينا عليه من تعليمات، لأنها تعليمات تشعر الطفل بأنه بعيد عن الكتاب وبأن الكتاب شيء غير حميم وأليف بل مقدّس. وبرأيي، وأبعد من كل ذلك، لن يفكر طفل في القراءة إذا خلا بيت أهله من مكتبة أصلًا، إذا لم يرَ بعينيه أحد والديه وهو ممسك بكتاب. كيف نزرع فيهم حبًا ليس فينا؟ هذا مستحيل. وعلى العكس من ذلك يصبح الأمر أسهل إذا كان طبيعيًا، جزءًا من الحياة. على الأطفال أن يشعروا أن الكتاب تسلية وليس واجبًا. توقع الكاتبة بحضور المترجمة، النسخة العربية من رواية "الأميرة وبنت الريح" في الثاني من مايو (أيار) المقبل في معرض أبو ظبي للكتاب. اقرأي أيضا: قريبا في معرض أبو ظبي للكتاب خربشة إبداعية للأطفال واختبار التوفا الأميرة هيا..في عشق الفروسية والخيل قصص حب الرؤساء والملوك العرب لزوجاتهم أجمل قصص الأطفال من دار “الساقي”ساعة رولكس
أدخل بياناتك
شكراً
ننتظرك غداً مع سؤال جديد
التالي
اغلق
"الأميرة وبنت الريح"..الطفلة هيا تداوي فقدان الأم بتربية مُهرة
#مجتمعك