زها حديد أول امرأة تنال "ريبا" منذ 167 عاماً
حين طُلب من زها حديد عام 1988 أن تتخيّل مستقبل برلين، وضعت سكتشات عدة للمصائر المعمارية المحتملة، جاعلة من الجدار محوراً تتعمّر على أطرافه بنايات جديدة، تتخللها ممرات مفتوحة ورحبة؛ ممرات مثل هذه إلى جانب صفات أخرى جعلت تصميماتها توصف بأنها العمارة التي تحترم المارّة.
تشغل زها حديد (1950) الصحافة هذه الأيام، لقد كسرت المعمارية العراقية البريطانية الطوق حول أرفع الجوائز العالمية في العمارة "ريبا"، والتي ظلت حكراً على الرجال لمدة 167 عاماً وعظماء العمارة والفنون المختلفة، ونالت الميدالية الملكية الذهبية فيها.
ولكن هذا ليس السبب الوحيد وراء انشغال الصحافة بها، فقد اضطرت الإذاعة البريطانية بي بي سي إلى الاعتذار لها بعد لقاء فظيع أجرته المذيعة سارة مونتاغ، وسألتها فيه اسئلة مغلوطة المعلومات، كما سألتها السؤال أقل ما يقال عنه أنه كان غبياً، إذ تسأل المذيعة في الحوار الذي أجري قبل أيام إن كان الناس يعتقدون أنها مرعبة، لتتلقى جواباً رادعاً لا ينفي كثيراً هذه الفكرة: "لا أعرف، لم يقترب مني أحد ويسألني إن كنت مخيفة أم لا" أجابت حديد.
يحرص معظم من يحاول أن يقدم زها على أن يكرس فكرة أنها اسم على مسمّى؛ امرأة حديدية بعمارة مجرّدة ومبتكرة، مستعيناً بغرائبيّتها وحقائبها ذات التصميمات المستقبلية وصوتها الأجش وملامحها الصارمة واستعدادها، لأن تكون فظة في أي لحظة.
وإن كانت المذيعة البريطانية سارة مونتاغ قد سألت سؤالاً غبياً لحديد في حوار معها على "بي بي سي" قبل لم يسر اللقاء مع نجمة العمارة العالمية على ما يرام، بل انتهى بانسحابها على الهواء: "لننهِ هذا الحوار، ليس لدي رغبة في إتمامه".
تأثرت حديد بأعمال مالييفتش ذات التكوينات الهندسية الحارة الانفجارية والطائرة، يقول الناقد المعماري البريطاني، ديان سوجيك، عن علاقتها بلوحات الفنان الروسي إنها "واحدة من مصادر أفكار زها حول الكيفية التي يثور الفضاء وينبثق من الأرض، والكيفية المحتملة لتقاطع المستويات، وانجذابها إلى الجدران الناشئة من أصل الأرض انبثاقاً من مستويات بنائية زائدة، بدا الأمر للمعماريين الآخرين متعذر البناء وغير عملي في عالم مستطيل.
ومع ذلك إنها تصاميم ناجحة كما نرى الآن". يؤكد ذلك أستاذها وشريكها وصديقها، زنغليس، الذي يقول إن زها الرسامة التي لم تعد ترسم، وإن لوحاتها ذات التراكيب الهندسية ثلاثية الأبعاد تقترب كثيراً من عوالم مالييفتش.
عمّا كان يعتمل في رأسها خلال 13 سنة، عملت فيها أستاذة في "الجمعية المعمارية البريطانية" بعد تخرّجها منها، واصفة إياها بالسنوات المؤثرة، تقول "كنا (المعماريون) نشعر أن هناك شيئاً سيحدث، أننا سنكتشف شيئاً، أن هناك طاقة عظيمة في الأرجاء، مثل طنين مجهول على السلالم وفي الغرف وفي الشباب الطائش وفي الموضة، كان الجو مشحوناً بالتمرّد على كل شيء، لم يرد أي أحد أن يكون عادياً".