الحمام المغربي: شعائر تاريخية ومركز حياة النساء
لو لم يكن الفضل للرومان واليونانيين لربما كنا حتى الآن نستحم في البرد. ففي الحقيقة أنه بفضل إختراع الرومان للتدفئة أو الحمام الساخن، ولدت جذور كل تقاليدنا العصرية للإستحمام وكذلك تقاليد حمام البخار التركي. ويعد الحمام أقدم تقاليد الإستحمام في العالم. فشعبيته لم يأفل نجمها مع مرور الزمن، بل على العكس فإن شعائر حمام البخار القديم كسبت محبين أكثر حماسا لها في كل ركن من أركان العالم.
كان الرومان يؤمنون بضرورة أن يكون لديهم مبنى كبيرا يضم حماما ضخما يمكنه إستقبال الآلاف ليستمتعوا بمراسم الإستحمام يوميا، ولتبادل الحديث ومعرفة آخر الأخبار. وضم العثمانيون تقاليد الإستحمام عند الرومان إلى قواعدهم الخاصة بالنظافة المستمدة من الدين الإسلامي. فعادة شعائر الطهارة والوضوء قبل الصلاة جعلتم يفضلون بناء حمامات أصغر حجما تتناثر حول أرجاء المدينة، وربما لذلك غالبا ما نجد مواقع الحمامات بجوار المساجد.
كان الحمام مخصصا في البداية للرجال فقط. ولكن فيما بعد، أصبح يسمح للنساء المريضات واللاتي وضعن بزيارة الحمام، وكان ذلك بالطبع في أوقات مختلفة عن مواعيد الرجال. ومع مرور الزمن أصبح في إمكان كل النساء زيارة الحمام. وإعتبرت الكثيرات أن هذه الزيارة بمثابة الهروب اليومي من الإنعزال بالمنزل.
أصبح الحمام مركزا إجتماعيا هاما للنساء والرجال على حد سواء وعلى مختلف طبقاتهم المادية وخلفياتهم الإجتماعية. وتطور الحمام ليصبح أكثر من مجرد مكان يمكنك تنظيف الجسم به. فهو ما زال في بعض القرى ليس ملاذا فقط لتنظيف الجسد والروح، ولكنه موقع للإحتفال بالمناسبات المهمة والإستمتاع بالبهجة والطعام والموسيقى. فهو مكان للوصول إلى درجة النقاء بطريقة الشعائر التقليدية قبل الزواج والإحتفال بمرور 40 يوما على ولادة الطفل وقبل طهور الأطفال وأي مناسبة هامة أخرى في حياة الفرد.
الحمام المغربي
شعائر الحمام المغربي ترجع إلى التقاليد التي سادت لقرون وإستمرت حتى اليوم. يتم في الحمام غسل الجسد من الرأس وحتى أطراف أصابع الأقدام. وهي واحدة من أفضل الطرق للتخلص من الجلد الميت الذي يسبب الخشونة والرؤوس السوداء، ويغذي الجلد ويساعد على محاربة حبوب الشباب وأيضا الحفاظ على شباب البشرة وجمالها.
وتأخذك الرحلة في الحمام عبر سلسلة تتكون من ثلاث غرف مختلفة. تكون البداية في الغرفة الدافئة حيث يسترخي المستحمون على سطح ساخن، فتتعرق أجسادهم بسبب البخار الساخن الذي يهب عليهم ويلفهم بإستمرار.
ويبدأ العلاج بتصبين الجسم كله بالصابون الأسود الذي تترك رغاويه عليه لمدة عشر دقائق. وتقوم النساء بعد ذلك بالإستلقاء على طاولة من الرخام الساخن، وتقوم المدلكة بفرك جسمها بشدة بإستعمال قفازات خاصة لإزالة الجلد الميت.
ويلي ذلك وضع قناع من طين الغسول على جلد الجسم لتلطيفه وتغذيته إزالة السموم. وطين الغاسول عبارة عن طين خاص بالتجميل لونه بنيا يميل إلى اللون الأحمر، وهو يستعمل منذ 1400 سنة كصابون وشامبو وملطف للجلد. ويستخدم في تركيبات أرقى المنتجعات حول العالم حاليا بسبب فوائده العلاجية. ويترك الطين على الجسم لمدة عشر دفائق قبل غسله بالماء الدافيء.
والخطوة الأخيرة في الحمام عبارة عن تدليك البشرة بالزيوت الطبيعية منل زيت الأرغان والورد لترطيب وتنعيم وحماية البشرة وتعطيرها.