على الرغم من أن تجسيد دور الصحافي على الشاشة مصدر جذب لمؤلفي السينما? إلا أن هذه الشخصيات ظلت ثانوية من دون الاعتماد عليها كبطل رئيسي. كما أنّ أغلب الأعمال السينمائية التي قدّمت شخصية الصحافي، ركزت في مضمونها إمّا على مساوئ الصحافي من خلال شخصية الانتهازي والفاسد والمحرّض، وإما تقديمه في شخصية الصحافي الشريف الذي يدفع عمره ثمناً لكلمة الحق من دون أن ينتصر.

وللغوص في تفاصيل هذا الموضوع أكثر رصدت زهرة الخليج أهمّ الأعمال السينمائية التي تناولت في أحداثها نظرة كتّابها لدور الصحافي في المجتمع العربي، وآراء النقاد حول قضية الصورة التي ترسمها السينما العربية للصحافي. يستعرض الناقد الفني أحمد السماحي لـ"زهرة الخليج"، الأفلام التي تناولت شخصية الصحافي عبر الأفلام قائلاً: "قدّم صنّاع السينما صورة سيئة للصحافي الفني المتملّق، من خلال الدور الذي قدمه الفنان حسن البارودي في فيلم "لعبة الست" عام 1946، حيث جسّد دور المخبر الصحافي الذي يفرض نفسه على الجميع.

ويُعتبر الفنان عبد المنعم إبراهيم أقدم وأشهر من جَسّد هذه المهنة من خلال أفلامه، وذلك في فيلم «طاقية الإخفاء» الذي تم إنتاجه عام 1959، ولاقى رد فعل إيجابياً من المشاهدين. أما فيلم "يوم من عمري" من إنتاج عام 1961، الذي قام ببطولته عبد الحليم حافظ وعبد السلام النابلسي، فتدور أحداثه حول صحافي ومصوّر، فاشلين في نظر رئيس تحريرهما، يقرران مساعدة فتاة هاربة، ليكتشفا أنها ابنة المليونير التي تتحدث عنها الصحافة. وتناول الفيلم تفاصيل عن الصحافة بشكل مغلوط ومبالغ فيها أحياناً.

وقد لعب الفنان كمال الشناوي شخصية الصحافي الوصولي "رؤوف علوان"، في فيلم "اللص والكلاب" المقتبس من رواية الأديب الكبير نجيب محفوظ العام 1962.

أما فيلم "القاهرة 30" الذي تم إنتاجه عام 1966، من إخراج الراحل صلاح أبو سيف، فقد تناول شخصية الصحافي الذي يعاني الفقر الشديد، ويتنازل عن مبادئه وشرفه مقابل الحصول على الأموال والترقية بالعمل، وجسد هذه الشخصية الفنان حمدي أحمد.

من ناحية أخرى، قدّمت السينما صورة أخرى للصحافي المغلوب على أمره من دون أن تنصفه، وهو ما جسده الفنان محمود ياسين من خلال فيلم "الكداب" الذي تم إنتاجه عام 1975.

أما الفيلم الشهير "الغول" من إنتاج عام 1983، الذي قام ببطولته النجوم عادل إمام وفريد شوقي ونيللي وحاتم ذو الفقار.. تدور أحداثه حول صحافي الفن في مجلة "النجوم"، الذي يجسد شخصيته عادل إمام، والذي يصبح شاهداً في واقعة قتل ارتكبها ابن أحد رجال الأعمال الانفتاحيين.

وفي فيلم النجمة نادية الجندي "الإرهاب"، الذي تم إنتاجه عام 1989، وشاركها في بطولته فاروق الفيشاوي وأحمد بدير، تدور الأحداث حول صحافية شهيرة تتعرف إلى متهم إرهابي هارب يُقنعها ببراءته، إلى أن يرسل معها طرداً في رحلتها إلى مؤتمر الإرهاب الدولي، لتُفاجأ بأنها قنبلة.

ويُعد فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" من الأفلام التي كان دور البطولة فيها يجسد شخصية الصحافي، وتم إنتاجه في عام 1990، وهو من بطولة أحمد زكي، يسرا.

كما قدمت النجمة نبيلة عبيد على الخط نفسه، في فيلم "قضية سميحة بدران" الذي تم عرضه عام 1990، دور صحافية تهاجم الفساد وتفضحه في الجرائد. أما الفنان سمير صبري، وفي فيلم "دموع صاحبة الجلالة" إنتاج عام 1992، فقد جسد أيضاً دور الصحافي المحب والعاشق لعمله ولكن بطريقة وصوليّة.

أمّا إلهام شاهين فقدمت دور الصحافية التي أسهمت في كشف إحدى العصابات الكبيرة عام 1997، من خلال فيلم "عفريت النهار" أمام نور الشريف، لتقدم نموذجاً إيجابياً للصحافي.

وقد جسد عدداً من النجوم الشباب دور الصحافي من خلال أعمالهم، ومنهم الفنانة غادة عادل، التي ظهرت في فيلم "عيال حبّيبة" مع النجم حمادة هلال. كذلك جسدت الفنانة حنان ترك دور الصحافية، من خلال فيلم "الآخر" للمخرج العالمي يوسف شاهين. على الرغم من اختلاف رؤية النقاد والمبدعين حول الصورة التي ظهر بها الصحافي على شاشة السينما، إلا أنهم اتفقوا جميعاً على أنه لا يوجد عمل حتى الآن يرصد الحياة الصحافية والصورة المعتدلة للصحافي.

وفي هذا الإطار يقول الناقد الفني طارق الشناوي لزهرة الخليج: "إن الصورة السيئة للصحافي على الشاشة هي سيد الموقف، ويأتي ذلك بسبب تركيز صنّاعها على الدراما بعيداً عن القيمة الفنية، على الرغم من أن هناك شخصيات صحافية كبيرة يمكن تجسيدها على الشاشة. كما أن عالم الصحافة والصحافيين مثله مثل قطاعات عديدة في المجتمع، فيهم الصالح والطالح، ولا نطالب بوضع ريشة على رؤوسنا، ولكني لست مع التركيز على جانب واحد فقط".