في حياة كل منا كتاب أو كاتب أثر في وعيه، ودفعه إلى الأمام، وكان هادياً له في كل مراحل حياته. والقدوة لا تتمثل بأشخاص نتعلم منهم فحسب، ولكن يمكن أن نجدها أيضاً في كتاب أو عمل أدبي أو إبداعي. وفي هذا التقرير نتعرف إلى بعض الكتاب والكتب التي أثرت في حياة عدد من المثقفين في مجالات مختلفة.

كتب الإمام محمد عبده

يقول أستاذ التاريخ العربي الحديث في جامعة الأزهر ووزير الثقافة المصري الأسبق الدكتور محمد صابر عرب: «تأثرت كثيراً بكتب الإمام محمد عبده. وفي هذا الوقت الذي ينتشر فيه القتل باسم الإسلام، لا بد أن تتواجد كتب الإمام محمد عبده في كل المؤسسات التعليمية، كي نواجه الفكر المتشدد بالفكر التنويري. والإمام محمد عبده، ليس مفسراً أو فقيهاً فحسب، وإنما أيضاً شخصية أحدثت تغييراً مجتمعياً، ويفضل تدريس كتبه في المدارس، حتى يكون مرجعاً أمام حجج المتشددين».
كان الإمام محمد عبده مؤمناً بأن العقل لا بد أن يكون ناقداً غير مستسلم لما يقرأ، بحسب الدكتور محمد، «وهذا دليل على أن الإمام كان سابقاً لزمانه، حتى أنه قال إن الدين الكامل عقل ولب، وظل الإمام محمد عبده متمسكاً بأن الدين والعلم متفقان، ولا يجب استعمال الدين للشقاق ولا التقسيم لأحزاب، ومن حق كل أمة مع سير حركة الزمن أن تعيد تفسير الأمور مع ما يسير لمصلحتها».

كتاب «قالوا» لأنيس منصور

تقول الأستاذ بكلية الفنون الجميلة الفنانة التشكيلية د.منى عليوة: «خلال مسيرتي العلمية والثقافية لم أتأثر بكتاب بعينه، وإنما بكاتب، أو بالأحرى كاتبين كان لهما بالغ الأثر في تشكيل وعيي وثقافتي ووجداني، وكان ذلك في المرحلة الجامعية وما قبلها بقليل وهما: الكاتب مصطفى محمود، والكاتب الكبير أنيس منصور، ذلك الفيلسوف العبقري الذي يصل بمنتهى السهولة لقارئه من دون تكلف. فقد كان منصور لبساطة أسلوبه مع بلاغته يعكس توليفة خاصة يصعب مضاهاتها، أو ما يطلق عليه السهل الممتنع وربما يكون هذا نفس المنهج الذي اتبعه الآن في أعمالي الفنية، ومن أهم ما قرأت له «عاشوا في حياتي»، و«قالوا» الذي تضمن بعض عبارات عن المرأة والحب. لم يؤثر أنيس منصور الكاتب فيّ فقط، إذ شكل وجدان جيل كامل ولا يزال».
تتابع «أما مصطفى محمود فقد كان أسلوبه يتسم بالجاذبية والعمق والبساطة، ومن ضمن ما قرأت له في تلك الفترة وما زال عالقاً في ذهني كتب: الروح والجسد، ولغز الحياه والمـــــــــــوت، ورحلتي من الشـــــك إلى الإيمان وغيرها».

كتب طه حسن والعقاد

يقول أستاذ النقد الأدبي في جامعة عين شمس ورئيس دار الكتب الأسبق الناقد د.عبد الناصر حسن: «تأثرت بكتابات عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، لأنه ينحو نحو العلمية وأنا بطبيعتي كأستاذ جامعي أعمل في العلم. تعلمت من طه حسين الكثير بداية من «الفتنة الكبرى» و«علي وبنوه» والسيرة الذاتية له في «الأيام» والتي دُرست لنا في المدرسة، وقد تأثرت بهذا الكاتب على الرغم من صغر سني في ذلك الوقت، لصعوبة أسلوبه بالنسبة إليّ آنذاك ولكني كنت محارباً أحاول أن أفهم ما أقرأ. وكذلك استفدت من عباس العقاد ليس فقط في العبقريات ولكن في طريقة ومنهجية الفكر. فعلى الرغم من أنه نال حظاً قليلاً من التعليم. ولكنه كان لديه منهجية صارمة. فهو شاعر ومفكر. وقد تأثرت بالمفكر سلامة موسى وكثير من مصطلحاته التي يتم تناولها حالياً مثل القوى الظلامية وقوى التنوير».

حكايات عنترة

ويقول الكاتب والقاص العماني محمود الرحبي: «الكثير من الكتب التي طالعتها وأنا فتى، شعرت فيما بعد بأنها تلاحقني حتى الآن وستستمر، وهي مرحلة تأسيسية مهمة جداً في نظري، فحكايات عنترة العبسي والسير الشعبية بصفة عامة ما زلت أتهجاها مع أبنائي قبل النوم حتى الآن، وذلك لما فيها من خصوبة في الخيال وانفتاح سردي مذهل ولما فيها من احتفاء بالقيم العربية النبيلة كالكرم والشجاعة وغيرها».

كتابات صنع الله

تقول الأديبة والباحثة عزة سلطان: «حين أتحدث عن تأثير الكتاب أو بمن تأثرت، فأنا أتحدث عن مراحل متعددة بدأت بالحكايات الشفاهية من جدتي، مروراً بالقصص المصورة وكتب الألغاز والمغامرات ودواوين الشعر لفاروق جويدة، تلك المرحلة التي أراها تأسيسية بحق، فلو أن أحد هذه الروافد لم تستطع جذبي لما استمر فعل القراءة لدي، والموهبة مهما كانت قوية، من دون وعي ومعرفة كانت ستفتر، لا يمكن أن أُحدد كتاباً واحداً، كل كتاب أثر في حياتي لا أُنكره، فقد تأثرت بكتابات صنع الله إبراهيم، وإبراهيم عبد المجيد، وجمال الغيطاني، وميلان كونديرا، وماركيز، وكثيرين غيرهم. نحن نتأثر بالكتاب حين نقرأه ونبالغ في رد فعلنا تجاه ما نقرأ ومدى إعجابنا به، لكن التأثر الحقيقي يظهر فيما بعد، حين يتشكل الأسلوب الخاص للكاتب، وحين نرى التراث الإنساني في كتابته من دون أن نسميه أنه ناقل أو مقلد لأحد، هنا يمكن أن نتحدث عن التأثير الحقيقي».