بداية المسيرة

في سن الـ15 لم تفكر المراهقة سارة المدني في اللعب مع صديقاتها، بل اكتشفت مواهبها التجارية مبكراً جداً، وافتتحت أول محل تجاري. قد يعود السبب للتربية التي تلقّتها والقائمة على مبدأ الحصول على أي مكتسب بعد جهد جهيد. وتسترجع ذكريات طفولتها لتقول: «عندما كنت صغيرة كنت أذهب إلى السوبرماركت لشراء الحلويات وأبيعها إلى أبناء أعمامي، لأن أهاليهم لا يسمحون لهم بالذهاب إلى السوبرماركت» (ضاحكة). وعندما بلغت الـ15 من عمري، قررت أن أنفصل مالياً عن أهلي، فاعتبروا الأمر مزحة. كنت أعمل خفية بعد دوام المدرسة لأدخر المال، وبالطبع كانوا يتساءلون أين تذهب هذه الفتاة؟ وعلى الرغم من أنه من الصعب أن يوافق أهلنا كإماراتيين أن نعمل، كنت أروّج للعلامات التجارية، أو أعرض أزياء فادخرت 25 ألف درهم، وهو مبلغ كبير آنذاك. صادف أنني وجدت محلاً للخياطة يتطلب (خلو رجل) فدفعت المبلغ وأخذت المحل وأبقيت على خياطيه. تعلمت منهم تصميم الأزياء، وبعد أربع سنوات افتتحت أربعة فروع أخرى. درست الإخراج السينمائي ولكن لم أستطع امتهانه، بل طبّقت التفكير المبدع الذي اكتسبته من دراسة الإخراج في كل أعمالي اللاحقة».

انتكاسة وانتفاضة

في عام 2013 أفلست المدني بالكامل، نتيجة خطأ في العقود التي تربطها بشريكها في العمل، فخسرت كل شيء، لتبدأ من الصفر من دون مساعدة أحد، وتنهض من كبوتها مجدداً. وفي مراجعة ذاتية، اكتشفت أن موهبتها لا تقتصر فقط على تصميم الأزياء، بل تجمح بعيداً، فافتتحت مطعماً بالشراكة مع إحدى صديقاتها، وعلّمت نفسها بنفسها لتحصد النجاح أيضاً.
لا تمل سارة ولا تكلّ في طرق مختلف المجالات، ولم تثنها يوماً حالتها الصحية ومعاناتها من عسر القراءة Dyslexia من مواصلة التميز والابتكار، فافتتحت شركة ألعاب تكنولوجية في لوس أنجلوس، كما ستطلق في شهر أغسطس موقع تسوق إلكتروني مختلف عن المعهود.
وتقول إن أحد أسباب نجاحها في مختلف أعمالها هو حرصها على تعيين موظفين أفضل منها كي تكتسب منهم المعرفة وتتعلّم من تجاربهم.

العمل الحكومي

لم تجد سارة نفسها بعد في قطاع الأعمال ولكنها شغوفة في كل ما تفعله، وتقول لنفسها دائماً إن الفشل علّمها الكثير. ولكنها وجدت نفسها في مكان آخر وهو العمل الحكومي. هناك اكتشفت جزءاً من شخصيتها لم تعرف مسبقاً أنه موجود، وهو كيف يستخدم الإنسان سلطة معينة ويجيّرها لمصلحة بلاده وتطوير ما حوله. تقول في هذا الصدد: «أعضاء مجلس الإدارة 19 بينهم سيدتان، وأنا الأصغر ولم أعامل يوماً على أنني الأصغر، فالاحترام متبادل. ودورنا يقضي بتعزيز وتطوير المنطقة والتجارة فيها، بناء وتمويل المشاريع من دون أي مصلحة شخصية. إنه منصب فخري، نعطي دولتنا ونعمل بجهد ونجتمع أسبوعياً ونعقد اجتماعات ونحضر مناسبات وإلى ما هنالك».

«البزنس» الخاص

تفتخر سارة بأي إنجاز تحققه المرأة الإماراتية، وتعتز بالعديد من السيدات المميزات، وتستطرد قائلة: «بالنسبة إليّ المرأة الإماراتية لم تكن ضعيفة تنتظر المساعدة بل كانت قوية تنتظر الفرصة والآن حانت تلك الفرصة».
تتحدث سارة بطلاقة قلّ نظيرها على الملأ، وتتطرق لمواضيع شتى تُطلب إليها، فتنقل تجاربها المتنوعة والمثمرة إلى الآخرين.
تُعتبر بفضل شخصيتها وخبراتها مثالاً حياً يثبت للمرأة الإماراتية أن لا شيء مستحيلاً. وتقول هنا: «عندما ينجح الإنسان يعيش نجاحه وحده، أما أنا فالنجاح بالنسبة إليّ له معنيان، ماذا فعلت لنفسك؟ وماذا فعلت لغيرك؟ أي نجاحي هو أيضاً نجاح من حولي. في وقت فراغي ألقّن وأساعد طلاب الجامعات على تكوين وبدء (البيزنس) الخاص بهم».

خيالُ مخرجة

خيالها خصب ورؤيتها في الإخراج والتصميم متشعبة. تأثرت بجايمس كاميرون ونادين لبكي. وهي المتخصصة في العباءات، صممت فستاناً وفق الطلب للفنانة العالمية مادونا عندما أتت إلى أبوظبي منذ قرابة الخمس سنوات. وعن ذلك تكشف: «تُعرف تصاميمي بالجلد ومادونا تحب الجلد، فطلبت مني الوكالة التي تهتم بأعمالها أن أصمم لها فستانا وهكذا كان».
تعكس تصاميم سارة المدني شخصيتها وتخاطب من خلالها المرأة الجريئة، القوية، الواثقة، والملهمة. وعن خطها الإبداعي تضيف: «أحرص على أن تشعر المرأة الإماراتية بأنها جزء من عالم الموضة العالمي وصيحاتها من خلال عباءتها التقليدية العادية المحتشمة».
مثلها الأعلى في تصميم الأزياء الراحل «ألكسندر ماكوين»، وإيلي صعب لأنه يفهم المرأة، ورامي قاضي الذي يلهمها. وتعتبر الممثلة الهوليوودية «بلايك لايفلي» أيقونتها في الموضة، لأنها تنتقي أزياءها بنفسها ولا تستعين بمنسّق أزياء.