معظم من يزورون معارض الكتب، يقومون بالتخطيط لما سيبحثون عنه لدى دُور النشر المختلفة، مثل كتاب لرواية جديدة، آخر لقصة جديدة لطفله، وكتاب في التنمية الذاتية، وربما في «اللامبالاة»، لكن أحدنا لا يذهب ليسأل الواقفين بابتساماتهم وتحاياهم المعتادة، عمّا يقرؤون، وعمّا يبحثون هم أيضاً في مكتبات المعرض المتنوعة، وهذا ما فعلته «زهرة الخليج» في الدورة العاشرة من «معرض العين للكتاب» 2018، وهذا ما وجدناه بعد بحث لدى باعة الكتب.
روايات واقعية
سيد عبد المنعم، من بيت الكتب للتجارة، يقرأ الروايات الواقعية، خاصة للكتّاب المصريين، مُبتعداً عن روايات الخيال، لأنها تذهب به إلى عوالم غير حقيقية، وهو مَيّال إلى قراءة ما يمسّ تجاربه الواقعية أكثر وتعرّفه إلى تجارب أخرى، بعيداً عن المبالغة التي تعتمد عليها روايات الخيال، ويُشاركه في هذه النظرة بائع الكتب لدى «الجوهرة لخدمات نشر الكتب» علي داوود. بينما تستهوي كُتب السيرة الذاتية وأدب الرحلات مريم الجنيبي، مُنسّقة المبيعات لدى «دار الكتب الوطنية»، على الرغم من كل التنوع الذي تسوّقه الجنيبي إلى مُرتادي ركن الدار في «معرض العين للكتاب»، من شعر ورواية وكتب علمية، وكتب في أدب الطفل، لكن زائر الجناح الموجودة فيه مريم، سيُدرك ما تحبه من دون سؤالها عنه، ممّا تضعه أمامها على الطاولة حين يمرّ نحوها، موضحة: «هذا الكتاب الأفضل بالنسبة إليّ، وأرى أن في «أدب الرحالات» فائدة كبيرة لكل قارئ».
معرفة بديلة
من المفارقات العجيبة، أن تكون مُحاطاً بالكتب من كل نوع وحجم، وألا تحب القراءة من الغلاف إلى الغلاف، هذا ما تفعله سوسن الجعيدي، الواقفة بابتسامة في ركن «دار صهيل للنشر والتوزيع»، ولكنها على الرغم من ذلك، تعرف نبذة عن أغلب الكتب التي تسوقها، مُبيّنة: «أنا أستبدل القراءة المتأنّية بالسؤال المتعمّق عن الكتب ممّن يقرؤونها، وبالتالي أخذ المعرفة التي أريدها عنها». بينما يرى البائع مصطفى السيد من «دار الهدهد»، أن كتب تعلّم الطبخ تستهويه، شارحاً: «بدأ شغفي بابتياع كتب تعلم الطبخ بعد بداية عملي خارج بلدي، فهي لها أهمية كبرى لي ولمن هم مثلي من المغتربين الذين نعيش وحدنا».
تبايُن في الاهتمامات
بدورها، تأخذ أسماء يونس، مندوبة «دار جميرا للنشر» قوّتها من الكتب التي تتحدث عن الجن وعوالمهم، لتؤكد أنها تبحث عنها في كل معرض تشارك فيه، إلى جانب بحثها عن كتب علم نفس الشخصيات، حيث ترغب أكثر في سَبْر أغوار كل شخص يَعبُر حياتها، أو ركنها ربما.
بينما يميل «العم علي» كما يحب أن يُطلق عليه، وهو جالس في ركن «دار قنديل»، إلى قراءة الشعر القديم وأشعار الروّاد في إحياء القصيدة العربية، أمثال أحمد شوقي والمتنبّي. فعلي عبد الله ورفيقه الشريف محمد عثمان، بائع الكتب لدى «دار مُلهمون»، يتفقان على أنهما من هُواة قراءة الكتب التي تقدّم لهما معرفة خمسة كتب في كتاب واحد، كمجموعة «كتاب في دقائق»، التي تصدرها (مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة).
القراءة تفتح الآفاق
«مَن حرّك قطعة الجبن الخاصة بي؟» وكتب بول آردن، غيّرت حياة بائع الكتب سعيد راشد، حيث حرّضته على تغيير عمله، والانتقال إلى حياة أجمل وأكثر شغفاً «حسب تعبيره»، موضحاً: «خرجت من روتين الملل إلى عالم القراءة الرّحب، حيث أصبحت كتب تطوير الذات والتنمية الإيجابية من أحب الكتب إلى قلبي، حتى إنني أجيد تسويقها أكثر من غيرها». وعلى الرغم من أن مهمّتها تسويق الكتب الملونة المختصة بعوالم الطفولة في جناح «دار أجيال»، إلا أن آلاء نبيل، جارة راشد، لا تميل إلى قراءة كتب هذه العوالم الملونة، وإنما قراءة ما يُعاكسها من عالم الجريمة وعالم الكبار في الروايات العربية والمترجمة، وروايات أحلام مستغانمي، وخاصة رواية «الأسود يليق بك».