لطالما اقترن اسم المصمم الفرنسي الأسطوري Jean Paul Gaultier (1952) بلقب «الولد الشقي» L›enfant terrible، فهو ذلك العقل الثوري المتمرد الذي واصل الإبحار عكس التيار منذ يومه الأول، إبداعاته كافة تطرح التفرقة على أساس النوع أرضاً، وتقف شاهدة على تصاميمه الجريئة، وتستفزنا مصحوبة بابتسامته الساحرة. دعونا نستعرض بعضاً من بصماته التي لا تزال تلهم الكثير من المصممين بالتغريد خارج السرب.
نشأ في إحدى ضواحي باريس، وتأثر في بداياته بجدته التي قدمته إلى عالم الموضة، لم يتدرب أبداً على تصميم الأزياء، بل وجد نفسه مدفوعاً بموهبته، يرسل رسوم التصاميم إلى مشاهير الـ«هوت كوتور» آنذاك، رأى فيه Pierre Cardin نجماً واعداً فاتخذه مساعداً له عام 1970، ثم عمل لدىJacques Esterel (1971)، وJean Patou، وبعد ذلك عاد ليدير «بوتيك» بيير كاردان في مانيلا عام 1974، ويعكف على تصميم أزياء Imelda Marcos التي أصبحت لاحقاً سيدة الفلبين الأولى.
طرح أول مجموعة أزياء خاصة به عام 1976، وتميزت مجموعاته التالية من الألبسة الجاهزة بطابع خاص حيث اقتربت من أزياء الشارع والثقافة الشعبية، بينما كانت أزياء الـ«هوت كوتور» التي صممها بالغة الرسمية، لكن في الوقت نفسه تشوبها الروح المرحة، وقد نجح في الثمانينات في أن يجعل من حقائب القمامة والعلب المعدنية قطعاً تتصدر اتجاهات الموضة، من منا ينسى تلك العلبة الفضية المضلعة التي احتوت عطوره الشهيرة وظهرت صورتها على الحقائب والمجوهرات؟!
عام 1985 قدم التنورة للرجل كوسيلة لجلب الحداثة إلى الموضة الذكورية، وصدم أوساط الموضة حين استعان بعارضين غير تقليديين، مثل الرجال المتقدمين في العمر، والنساء ذوات القوام الممتلئ، والمفرطات في التزين بالوشم وثقب أجزاء من أجسادهن، وعام 1993 عمل مقدم برنامج تلفزيوني، وفي الفترة من 2003 إلى 2010 كان المدير الإبداعي لدار Hermès، كما صمم بعض قطع الأثاث للعلامة الفرنسية الشهيرة Roche Bobois.
في أوائل عام 2015 توقف عن تصميم الألبسة الجاهزة بعد 38 عاماً، وقرر أن يكرس طاقته لكل من أزياء الكوتور، ومجموعته الحصرية لعلامة Target، قائلاً: «الكثير من الأزياء يقتل الأزياء، فالموضة تغيرت، ولم يعد هنالك ما يكفي من البشر لشراء ما نصممه من أزياء»، كما مال نحو تعزيز موضة ما بعد الحداثة، وكان أول مصمم يجمع بين الفساتين الأنثوية الجميلة ولا سيما من التول، والجاكيت الكاجوال الذي يرتديه سائق الدراجة النارية.
لم تكن النجمة مادونا أول من أقبلت على أزيائه الشبيهة بالمنحوتات، ولا سيما مشد الصدر المخروطي والذي يعد أحد أهم بصماته الأيقونية، ورغم أن العقل الجمعي للموضة سيظل يربط بين النجمة وهذا المشد للأبد، يبقى أن دبته «نانا» هي أول من ارتدته، مصممنا كان في السادسة من عمره حين صمم المشد متمنياً أن تكون دبته دمية.
هذا الولد الشقي صمم أزياء العديد من النجمات أمثال Kylie Minogue وRihanna وNicole Kidman وCate Blanchett، وSonam Kapoor، وDita Von Teese، وKaty Perry، وKim Kardashian، ويراهن على إلهام الجيل الجديد من المصممين بكسر القوالب الجامدة والتفكير خارج الصندوق.