يحتفي العالم في الخامس من ديسمبر كل عام بيوم التطوع العالمي، الذي اعتبرته المنظمات العالمية احتفالية سنوية منذ العام 1985، بهدف تحفيز الأفراد على روح المبادرة والعمل الإنساني التطوعي، وتعد هذه المناسبة بمثابة تقدير للمتطوعين على جهودهم، إضافةً إلى كونها تهدف إلى زيادة وعي الأفراد بأهمية تطوعهم في المجتمع، وتتيح المناسبة العالمية الفرصة للمنظمات التي تعنى بالعمل التطوعي للتعريف بمجالات الالتحاق ببرامجها. وتتعدد أشكال العمل التطوعي، ليدخل في جميع مناحي الحياة؛ الاجتماعية والصحية والتربوية، فهو عمل عام ليس فيه أي التزام وظيفي، بل هو التزام أخلاقي، وهو كل جهد بدني أو فكري يقوم به الأشخاص، وهو سلوك حضاري يسهم في بناء المجتمعات. «زهرة الخليج» تحتفي مع قرائها باليوم العالمي للتطوع وتسلط الضوء على العمل التطوعي العربي، في ملف مشترك يشمل: الإمارات، السعودية، الأردن، لبنان وفلسطين.

أبوظبي عاصمة التطوع 2020

أعلنت الرابطة الدولية للجهود التطوّعية اختيار العاصمة الإماراتية أبوظبي لاستضافة المؤتمر العالمي السادس والعشرين للتطوّع عام 2020، لتكون بذلك أول مدينة في العالم العربي والشرق الأوسط تستضيف أكبر تجمع عالمي لخبراء وممارسي العمل التطوعي. وجاء إعلان الاستضافة خلال مؤتمر الرابطة الدولية للجهود التطوّعية والذي عقد في مدينة أوغسبروغ بألمانيا في أكتوبر الماضي، بحضور وفد من دولة الإمارات برئاسة وزيرة تنمية المجتمع حصة بنت عيسى بوحميد، وتضمن الوفد ممثلي الجهات التطوعية الرائدة في دولة الإمارات، مثل: «مؤسسة الإمارات»، و«الهلال الأحمر»، و«دبي للعطاء». وتتولى مؤسسة الإمارات -المؤسسة الوطنية الرائدة في مجال رفع كفاءات الشباب وترسيخ المسؤولية المجتمعية بين القطاعين العام والخاص- مسؤولية تنسيق المؤتمر العالمي السادس والعشرين للتطوّع عام 2020 والذي يُعقد للمرة الأولى في العالم العربي والشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يجتذب أكثر من 1000 مُشارك من حوالي 90 دولة يمثلون القطاع التطوعي، بما في ذلك القطاعان الحكومي والخاص، وقادة العمل التطوعي والمنظمات غير الحكومية ومراكز التطوع ورواد التطوع من جميع أنحاء العالم.

يوم التطوع العالمي

يوم التطوع العالمي، أو اليوم الدولي للمتطوعين، اختصاراً (بالإنجليزية: IVD)، احتفالية عالمية سنوية تحدث في الخامس من ديسمبر من كل عام، حددتها الأمم المتحدة منذ عام 1985. يحتفل بهذا اليوم في غالبية بلدان العالم، ويعتبر الهدف المعلن من هذا النشاط، هو شكر المتطوعين على مجهوداتهم، إضافةً إلى زيادة وعي الجمهور حول إسهاماتهم في المجتمع. وينظم هذا الحدث من قبل المنظمات غير الحكومية. كما يحظى بمساندة ودعم من متطوعي الأمم المتحدة، وهو برنامج عالمي للسلام والتنمية ترعاه المنظمة الدولية.

نذروا حياتهم لخدمة الآخرين متطوعو الإمارات: في عملنا سعادة روحية

في العمل التطوعي سعادة روحية لا يختبرها إلا من تطوع في عمل إنساني. حقيقة يجمع عليها أهل التطوع الذين نذروا جزءاً
من حياتهم لخدمة الآخرين وإسعادهم، ورد جميل لدولة أعطتهم الكثير.
«زهرة الخليج» التقت عدداً من المتطوعين الإماراتيين الذين تحدثوا عن تجاربهم مع الأعمال التطوعية.

تقول جميلة البلوشي، إنها بدأت العمل التطوعي عام 1993، وعملت مع فرق تطوعية عديدة، منها: «تكاتف» و«الهلال الأحمر» و«مركز دبي للتطوع» الذي أصبح لاحقاً «هيئة تنمية المجتمع»، وهي اليوم عضو مجلس إدارة وأمينة صندوق «جمعية الإمارات للتطوع»، وتضيف: «يشغل العمل التطوعي جزءاً كبيراً من حياتي، فأنا موظفة في حكومة دبي منذ 19 عاماً، كما أنني متزوجة وأم لأربعة أولاد، وهذا كله لم يمنعني يوماً من القيام بواجباتي الإنسانية». ولأن التطوع «رسالة» في رأي البلوشي، تعترف: «لقد عمّمته على أسرتي، وهو ما يفعله معظم المتطوعين في الأغلب. وكثيراً ما نرى أولياء الأمور يسبقون أولادهم إلى العمل التطوعي، وهو أمر مشرف وله تأثيره الكبير في الأسرة التي هي نواة المجتمع وأساس الدولة». وتضيف: «الدولة بحاجة إلى المتطوعين والأعمال التطوعية، لأنها تربي وتعلم وتريد في المقابل الذين يخدمونها من دون أن ينتظروا مقابلاً، هي تريد جيلاً مثقفاً وواعياً لمسؤولياته وإدارة الذات، وحسن التصرف، وثقافة الحوار مع الآخر، والتطوع هو السبيل لتحقيق كل ما ذكرته».

عائلة واحدة

يرى أمين منصور ريحان، خريج «جامعة الإمارات - قسم الفيزياء»، منذ عام 2012، أن تطوعه في مجموعات «تكاتف» و«منصة» و«أسعد شعب» و«جمعية الإمارات للتطوع» و«الإحسان» وغيرها من الفرق غير حياته نحو الأفضل، موضحاً: «عمل التطوع ممتع، فحين نخدم أفراد المجتمع ونرى ابتسامتهم نحصل على أكبر مردود، أجمل من المال والشهادات الجامعية. ونرد جميلاً للدولة التي أعطتنا كل شيء». ويتطرق ريحان إلى علاقة الشباب من جيله بالعمل التطوعي، فيوضح: «سابقاً كان 95% من الجامعيين يدخلون العمل التطوعي للحصول على شهادات مطلوبة منهم في الجامعة. لكنهم اليوم يبادرون للانخراط بالأعمال التطوعية». ويُعقب: «التطوع يغير تفكير الشباب ويحوله إلى احترام متبادل بين المتطوعين، ليصبحوا إخوة من عائلة واحدة».

فرح نفسي

قد يكون محيي الدين أنور الجيلاني يكسب لقمة العيش بإدارة الأعمال الحرة، ولكنه في داخله يتوق إلى العمل التطوعي لمساعدة الغير، فيقول: «خدمة الناس والدولة أهم ما تعلمته منذ كنت في السلك العسكري سابقاً، فهي هدف أخلاقي وإنساني ولها أبعاد لا يعرفها المرء إلا بعد أن يختبرها. لقد تعلمت من العمل التطوعي أن أقتل الفراغ السلبي الموجود لديّ، عبر القيام بأفعال خير تثمر عليّ وعلى الآخرين فرحاً نفسياً». ويتذكر الجيلاني العمل التطوعي الذي قام به في رمضان الماضي، فيبتسم وهو يقول: «قمنا في جمعية الإحسان بمبادرة على صعيد الدولة انسحبت لاحقاً على دول أخرى، بإيصال رسالة من وزارة الداخلية مفادها حث السائقين على الطرقات، في وقت الإفطار، على الالتزام بإرشادات السير ليصلوا سالمين غانمين إلى أسرهم، ووزعنا عليهم وجبات صغيرة من التمر والماء، كانت بمثابة تحية سلام».

فريق «رسالة وطن» يساعد الآخر في الكويت

في دولة الكويت ينشط فريق «رسالة وطن» التطوعي، الذي يرى في التطوع حياة من أجل تطوير الذات ومساعدة الآخرين. عن مبادرات الفريق وطرق تعاملهم مع فئات المجتمع، يقول رئيس الفريق عبد العزيز العنزي: «بدأت في العمل التطوعي منذ أن كان عمري 15 عاماً، حيث التحقت بالعديد من المجموعات التطوعية وجمعيات النفع العام، واستطعنا المساعدة على التغلب والقضاء على الظواهر السلبية، من خلال استثمار أوقات الشباب فيما يعود عليهم وعلى مجتمعاتهم بالخير والفائدة، وتعزيز القيم والأخلاق التي نص عليها ديننا الحنيف، وتوضيح المخاطر التي يتعرض لها المجتمع من خلال الدورات والمؤتمرات والمعارض». ويعتبر العنزي أن الاهتمام العالمي بتخصيص يوم في العام للتطوع يحفز المتطوعين إلى بذل المزيد من الجهد لخدمة مجتمعاتهم.وتشاطر المهندسة مشاعل الحوطي زميلها العنزي رأيه بضرورة تحفيز المتطوع إلى بذل الجهد الكافي لخدمة مجتمعه، مؤكدة أن الاندماج في مجتمع التطوع، وخاصة في المشاركات الدولية، ممكن من الاستفادة من ثقافات مختلفة وخبرات ليست لها حدود. وتضيف: «العمل التطوعي سعادة وراحة وعطاء بلا حدود ومن دون مقابل، وهي تجربة استفدت بها على الصعيد العملي وفي حياتي الخاصة، فالتطوع عالم يحق استكشافه والمغامرة فيه».

شباب تجذبهم خدمة الإنسانية لتقديم العون للآخرين العمل التطوعي في السعودية يبحث عن «مظلة»

يجمع شبان سعوديون التقتهم «زهرة الخليج» على أن العمل التطوعي خدمة إنسانية تجذبهم لتقديم المساعدة للآخرين من دون مقابل، لكنهم يطالبون بأن ينضوي العمل التطوعي تحت مظلة جهة مسؤولة تضمن حقوق المتطوعين في حالات الإصابات. وفي اليوم العالمي للتطوع يتكاتف المتطوعون السعوديون في غرس حب الخير في المجتمع.

يحكي فيصل العباد 25 عاماً، الذي تطوع في مستشفيات وجمعيات خيرية عدة، عن هدفه يقول: «أبدأ حالياً بإثبات بصمتي الخاصة، يجب أن يكون لكل شخص عمل يتفرد به من دون مقابل ليبتغي الأجر من خالقه، إذ تزول عنه المشقة والتعب بعد رؤية ابتسامة زرعها على شخص جريح أو معلومة نشرها وساعد في تعليمها فاستفاد منها الآخرون وطبقوها وهذا سبب دخولي العمل التطوعي».

موقف لا يُنسى

بينما يمارس خالد الجاسر، 20 عاماً، العمل التطوعي منذ دخوله قسم الخدمات الطبية الطارئة قبل حوالي سنتين، وهذا ما ولّد في نفسه حب العمل التطوعي بعد أن مارسه على أرض الواقع، مشيراً إلى أن العمل التطوعي مناسب لتخصصه الجامعي، ويزيد من معلوماته وانسجامه مع البيئة الصحية. ويذكر الجاسر موقفاً لن ينساه في حياته عندما كان في الحرم المكي، وتحديداً في العشر الأواخر من رمضان الفائت، عندما كان متوجهاً إلى رجل في العقد السادس من العمر يشكو ضيقاً شديداً في التنفس، الأمر الذي جعله يتعامل معه طبياً ليوصله إلى مستشفى أجياد، قال لي: «أنتم ملائكة الرحمن في أرضه»، وما زالت هذه الكلمات راسخة في ذهنه حتى الآن.

روح الفريق

أما يحيى الأنصاري، الذي يُشارك في التطوع منذ تسع سنوات، فيقول: «سبب حبي لتطوعي مع الهلال الأحمر هو انسجامي معهم كفريق محب لعمل الخير، وسريع الاستجابة عند النداء، وسابقاً هم أول من أنقذوني عندما كنت في منطقه صحراوية». وعن بدايتها في الأعمال التطوعية تقول رفيدة عمر الموسى، ذات 23 عاماً: «رحلتي مع التطوع بدأتها قبل خمس سنوات تقريباً، وجدت في رحلتي الأولى المشاعر الجميلة التي تغمرني بالسعادة عند مساعدتي للآخرين، حتى إنك قد تنهمك بما تفعل، ولا تشعر بمرور الوقت، وعندما تنتهي تتمنى لو أن الرحلة كانت في بدايتها لتسعد من جديد».

أجمل موقف

بينما تصف نوران علي، في العقد الثاني، تجربتها في العمل التطوعي بالرائعة، وأن أجمل ما يسرها هو دعوات أولئك الأشخاص الذين قصدت مساعدتهم، وتذكر أن أجمل موقف كان من سيدة مصرية، أصيبت بألم في صدرها، بعد إسعافها، قبلت يدها وشكرتها بدعوة صادقة من القلب. وتقول صباح محمد (25 عاماً): «بدأت في التطوع، قبل ثلاث سنوات، تجربة التطوع من أفضل وأجمل التجارب في حياتي، دائماً ما تُشعرني هذه التجربة بالسعادة لأن فيها عطاء ومساعدة للآخرين وإسعادهم».

إقبال الشباب

يعرف رئيس الفريق الإعلامي في الهلال الأحمر قسم التطوع، محمد بن عمر فلاته، وله 20 عاماً مع الهلال الأحمر، بأن التطوع هو تقديم المساعدة للآخرين من دون مقابل، ومن هذا المنطلق نشاهد الإقبال الكبير من الشبان والشابات على العمل التطوعي في خدمة الناس. ويضيف: «من ضمن رؤية المملكة 2030 تفعيل دور العمل التطوعي على مستوى المملكة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين التي تقدم جميع الاحتياجات لشباب الوطن». وعن التوصيات يقول فلاته: «يحتاج العمل التطوعي لمظلة رسمية، حتى يتاح للراغبين في العمل به أن ينضموا تحت جهة مسؤولة تضمن حقوق المتطوعين في حالات الإصابات، وهذا يدفع المتطوع لبذل المزيد من العطاء».

الظروف الاستثنائية تفرض «التطوع» في فلسطين

تعتبر الساحة الفلسطينية ساحةً خصبةً للعمل التطوعي، في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها المجتمع، ويتركز جل العمل التطوعي في المساعدات الإغاثية خاصة في أوقات الأزمات، إذ يتحفز المئات من الشباب للعمل التطوعي في مجال مساعدة الفقراء أو الذين تضرروا نتيجة الأحداث القاهرة التي تدفع بها إلى الحاجة رغماً عنهم.

ولا يقتصر النشاط الشبابي التطوعي على تقديم المساعدات الإغاثية، بل يتعداه إلى حماية البيئة وتنظيف الشوارع والمرور والتفريغ النفسي والانفعالي للأطفال أو المعاقين.

تقول الناشطة في مجال العمل التطوعي نورة المشهراوي: «طبيعة الشعب الفلسطيني تميل نحو التطوع ومساعدة الآخرين، وهذا الأمر ينبع من حاجة المجتمع في ظل الأزمات والحروب، وأيضا من التكوين الفطري للإنسان العربي، إضافة إلى المفاهيم الدينية التي تحض على فعل الخير ومساعدة المحتاجين».

وتضيف: «الشخص الذي يعمل في مجال التطوع لا بد أن يخرج منه بأثر يعود عليه بفائدة وخبرة يكادُ من خلالهما يواجه بيئة العمل، كتنمية العلاقات مع المؤسسات، وصقل الصفات الإيجابية لدى الفرد، وتحسين الصفات السلبية».

وتُبيّن المشهراوي أن العمل التطوعي الفردي، الذي يقوم به الشخص من تلقاء ذاته هو رغبة ومحبة منه في تطوعه بمجالٍ معين، وله تأثير مجتمعي إيجابي يكبر كلما ازداد عدد المتطوعين، بينما «التطوع المؤسساتي» في الدوائر الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، تأثيره أكبر، لأن المؤسسة تقوم بضم عدد كبير من أفراد المجتمع وتؤثر فيهم، بخلاف التطوع الفردي الذي يؤثر فيمن حوله فقط.

وتلعب شبكات التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في العمل التطوعي. وتقول المشهراوي: «العمل التطوعي الإلكتروني يكون عادةً عبر شبكة الإنترنت من خلال تقديم الأخبار ووصف العمل التطوعي الذي سيقوم به الفرد، إضافة إلى أنه وسيلة لإنجاز عمل ما بعيداً عن المنظمات والمؤسسات».

تحت شعار «حقّ المعرفة».. ودون دعم مالي «كتابي كتابك» مبادرة لتثقيف الأطفال

تعد مبادرة «كتابي كتابك» من أبرز المبادرات التطوعية الأردنية، والتي تهدف إلى إنشاء مكتبات عامة للأطفال والناشئين في المخيمات الفلسطينية والمناطق الأقل حظاً، تحت شعار «حق المعرفة حق مقدس»، لتحقق التكافؤ بين مَن يمتلك ثمن الكتاب ومن لا يمتلك ثمنه. ونالت المبادرة الترخيص كجمعية تابعة لوزارة الثقافة الأردنية.


تقول الكاتبة والناشطة في مجال تكنولوجيا المعلومات وثقافة الإنترنت، مؤسسة المبادرة، المهندسة هناء الرملي: «نحن مجموعة من المتطوعين من مختلف الفئات والمراحل العمرية نعمل بجهد ذاتي تطوعي، لا ننتمي إلى أي تنظيم، ولا نعمل بقيادة أي جهة، نعمل للإنسانية والطفولة، ولا نهدف لأي ربح مادي أو مصالح شخصية، ولا نتلقى أي دعم مالي من أحد ولا تبرعات مالية من الأفراد، نجمع فقط الكتب المناسبة لفئة الأطفال والناشئين من الأفراد ودور النشر والمكتبات لننشئ مكتبات عامة لهم في المخيمات والأحياء الفقيرة».

متطوعون خارج الأردن

تضيف الرملي: «المبادرة ليست مجرد وسيط لإعادة توزيع الكتب للأفراد، وإنّما تسهم في إنشاء المكتبات العامة، وتقوم بمشاريع وأنشطة تفعِّل المكتبات، كما يتم التنسيق مع الجمعيات الناشطة في القرى والبادية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، التي توفر قاعات في مقراتها لجعلها مكتبات تخدم المجتمعات المحلية، وهناك إقبال كبير من المتطوعين حتى خارج الأردن نتيجة الثقة والمصداقية التي حازتها الجمعية والمبادرة على مرّ أكثر من خمس سنوات من العمل المتواصل والإنجازات على أرض الواقع».

وتشير الرملي إلى أنه منذ إطلاق المبادرة في منتصف عام 2009 عبر «فيسبوك»، نالت إعجاب العديد من أصدقائها في الدول العربية، لذلك: «قمت بتأسيس مجموعات على فيسبوك لكل بلد عربي، ودعوتهم لكي يلتقوا ويتفقوا على آلية عمل تناسب طبيعة بلدانهم واحتياجاتهم».

وتقول: «تمت دعوتي في عام 2010 من قبل إدارة معرض صفاقس الدولي لأدب الطفل في تونس، ووفروا جناحاً خاصاً للمبادرة. فأنشأت فريقاً من أصدقائي التونسيين والفلسطينيين المقيمين في تونس، ومعظمهم من الأدباء، مثل الكاتب الفلسطيني طلال حماد، والكاتبة التونسية بديعة بوليلة، إضافة إلى طلاب جامعيين تطوعوا في جناح المبادرة، وجمعوا ما يقرب من 10 آلاف كتاب خلال فترة المعرض».

مشاعر

يعرف شربل كيف يسيطر نفسياً على مشاعره في كل مرة يرى فيها الدم يسيل جراء حادث سير، أو يلفظ إنسان الروح بين يديه ويقول: «ثمة حوادث سير يومياً في لبنان، وحين تبدأ الأمطار تكثر الحوادث التي ينتج عنها جرحى وأحياناً قتلى. ومن خلال تجاربنا نعرف أن البند الأول في رحلة التطوع الإنقاذي هو القدرة على السيطرة على النفس. وأن نتذكر دائماً أن وجودنا له تأثير إيجابي في حياة الناس والبيئة والحيوان».

يتشاركون الأفكار الإيجابية شباب لبنان يواجهون «الأنانية» بتقديم المساعدة

تكثر في لبنان المؤسسات التطوعية، بين خاصة وعامة، لكن في كلها يبقى الأهم إلى المتطوعين الحقيقيين هو تكريس الوقت مقروناً مع كثير من الجهد والحبّ من أجل من يحتاج إلى كتفٍ وابتسامة ومساعدة.

وتعد عناصرُ الدفاع المدني أحد أكثر الشباب نشاطاً في المجال التطوعي. وهناك أيضاً شباب «الصليب الأحمر اللبناني» وسواهم، لكن ما يُميز التطوع في الدفاع المدني هو أن المنضوين فيه يقومون بأعمال الإنقاذ والإطفاء والإسعاف كلها.

ثلاثة في واحد. وهناك عشرات المؤسسات التطوعية الخاصة الأخرى التي تُعنى بشؤون البيئة والمريض والطفل والأم والإنسان، وكل من فيها، شباباً وصبايا، آمنوا بأن التطوع هو من أهم العناصر التي تسمح للإنسان بالانتقال من مرحلة المواطن المقيم إلى المواطنة الفعلية.


الشاب اللبناني شربل سلامة الذي هو في حراكٍ مستمرّ، مثل «الدينامو»، من أجل مدّ يد العون إلى كل من يحتاج إلى معونة. شربل متطوع في الدفاع المدني وفي جمعية «بيتا» التي تطالب بمعاملة أخلاقية مع الحيوانات.

ومع «حركة البيئة الخضراء» Green Environment movement، وهو متطوع أيضاً في جمعية Crush cancer with a smile، التي تساعد على سحق الخبيث بابتسامة.

ويملك شربل مفهوماً مميزاً للتطوع في العمل الاجتماعي وتجارب شتى. انضوى في جمعية تُعنى بإعادة رسم الابتسامة على وجوه المصابين بالسرطان.

وتطوعه فيها لم يأتِ بالصدفة بل بتصميمٍ عززته فيه إرادة صديقه في الجامعة شريف قيس الذي عانى سرطان اللوكيميا وقاوم المرض بشجاعة وابتسامة، ويوم شفي قرر أن يؤسس جمعية تُعيد رسم الابتسامة على من يمرّ بما عاناه. وهذا ما كان. أسس شريف الجمعية وكان شربل يمنحه أسبوعياً بلاكيت دم وها هو قد تطوع اليوم معه واثقاً بأن المريض يحتاج بجانب الدواء إلى ابتسامة.