كثيراً ما تكون الصور أبلغ أثراً وأدق وصفاً من الكلام، خاصة إذا كانت تروي حكاية حُب يجتمع فيها العديد من الشخصيات ونجوم الغناء والجمهور، اتّحدوا جميعاً على محبة واحترام المحتفى به في هذه الحكاية. سيراً على هذا، تم رصد «كواليس» ليلة الوفاء، التي شهدها مسرح «الملك فهد الثقافي» في العاصمة السعودية الرياض، التي أقيمت برعاية وحضور المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للترفيه»، من تنظيم «روتانا»، احتفاءً بذكرى رحيل الكبير أبو بكر سالم وتكريماً له.
شارك فيها غناءً وتفاعُلاً (14 مطرباً) هم: محمد عبده، عبادي الجوهر، عبد الرب إدريس، عبد المجيد عبد الله، راشد الماجد، رابح صقر، عبد الله الرويشد، نبيل شعيل، ماجد المهندس، علي بن محمد، أحمد فتحي، فؤاد عبد الواحد، مطرف المطرف وأصيل أبو بكر نجل الراحل، ليكون الحفل فعلاً كعنوانه «ليلة في حُب أبو أصيل».
أخبار وكواليس
• وصل المستشار تركي آل الشيخ إلى الحفل مباشرةً قادماً من أميركا، بعد زيارة استغرقت قرابة الأسبوعين، أبرم خلالها اتفاقيات عدة مع شركات عالمية، بينها «ورنر» و«ديزني» لتقديم عروض ترفيهية في السعودية، لذلك تأجل موعد حفل «ليلة في حُب أبو أصيل» قرابة الساعة، حيث كان النجوم المشاركون مجتمعين معاً داخل مبنى الحدث ينتظرون وصوله.
• ظهر في تقنية «الهولوغرام»، التي استخدمت في الحفل واستحضرت من جديد أبو بكر سالم على المسرح، أديب أبو بكر، النجل الأكبر للراحل، الذي تم تصويره والاستفادة من الشبَه الكبير بينه وبين والده في تقمّص شخصية المطرب الراحل.
• يُعد عبد المجيد عبد الله آخر المطربين الواصلين إلى الرياض للمشاركة في الحفل، حيث وصل برفقة صديقه الملحن و«المايسترو» ممدوح سيف، وذلك قبل ساعتين من الحفل، كما كان أول المغادرين، إذ بعد انتهاء الفقرة الأولى، غادر المكان عائداً إلى جدّة من دون أن يشارك مع زملائه النجوم في تقديم أغنية «يا بلادي واصِلِي» مجتمعين. وعلمنا أن عبد المجيد تقديراً للراحل تغلب على آلام الأذن التي يُعانيها، ولارتباطه بموعد الطيران انصرف مستأذناً.
• بينما حضر جميع نجوم الغناء المشاركين في الحدث «البروفة»، التي أقيمت قبل ليلة من موعد الحفل، تغيّب عنها كلٌّ من عبادي الجوهر، فؤاد عبد الواحد وعبد المجيد.
• استمرت مدة «البروفة» قرابة الخمس ساعات، ذلك لأن المطربين عدا انشغالهم بالغناء، أخذوا يتابعون مباراة «الكلاسيكو» التي أقيمت يومها بين ناديي «برشلونة» و«ريال مدريد» ضمن بطولة كأس ملك إسبانيا، ويومها ابتسمت وجوه راشد الماجد وأصيل وماجد المهندس جرّاء فوز «البرشا»، بينما أبدى سالم الهندي امتعاضه لخسارة «الملكي».
«دينامو الحدث»
• أجمع نجوم الحفل على أن زميلهم راشد الماجد يستحق لقب «دينامو الحدث»، كونه ملأ المكان فرحاً وسعادة بـ«قفشاته»، هذا عدا المحبة التي يكنّها له الجميع، وقدرته بلباقته وذكائه على احتواء الجميع. وعلمنا من راشد أولاً، أن لديه ألبوماً جديداً بدأ يُجهز له، إنما لن يكون ذلك قبل عيد الفطر. ثانياً، رغبته في عمل «ريجيم»، لذا أخذ موضوع أنواع الريجيم وطُرقه حيّزاً من نقاشات الفنانين معاً.
• فاجأ أصيل أبو بكر الجميع برشاقته، بعد أن تقلّص وزنه إلى درجة كبيرة، حيث أجرى مؤخراً في أميركا عميلة «قص معدة».
• قبل بدء الحفل، حرص المستشار تركي آل الشيخ على التوجه إلى حيث كانت تجلس السيّدة نورة العبّاس، حرم الراحل أبو بكر سالم، وذلك لمواساتها بعد أن أخذت تبكي تأثراً بالمناسبة، مؤكداً لها أن الراحل في قلوب الجميع.
• على الرغم من غياب صورة «فنان العرب» عن «بوستر» وإعلانات حفل تكريم أبو بكر، لكنه في اللحظات الأخيرة قرر الحضور، وجرّاء أنه لم يكن حافظاً المقطع الذي يغنيه إلى جانب زملائه في الأغنية الختامية للحدث، فاجأ زميله عبادي الجوهر بأن غنّى المقاطع الخاصة بالأخير.
• عبد الله الرويشد، بعد أن قدّم في الحفل أغنية «يا غيّار»، وبناءً على طلب من تركي آل الشيخ، قدّم أغنية ثانية هي «ما في أحد مرتاح»، التي كان أبو بكر سالم قد لحنها له وغنّاها معه.
• قال الفنان نبيل شعيل: «أبو بكر لم يكتفِ بأن يجمعنا نحن المطربين فقط أثناء حياته، بل أيضاً بعد مماته من خلال هذا الحفل. وأتمنى أن نكون قدمنا له في ليلة تكريمه شيئاً من الذي قدّمه ويليق بتاريخه».
• سجّل الحفل أول تصريح إعلامي للمطرب رابح صقر، المبتعد عن الإعلام، إذ قال وهو يُغادر الحفل: «شرفٌ كبيرٌ وعظيمٌ أن أكون من ضمن الفنانين المشاركين في تكريم هرَم كبير للأغنية». وكانت فقرته الغنائية، وهو يشدو أغنية «عادك إلا صغير»، شهدت حواراً جمع محمد عبده وعبد المجيد، حول الطريقة التي يتميّز بها رابح أثناء الغناء وتحيّته العسكرية للجمهور.
• أوعز تركي آل الشيخ لسالم الهندي أن تُجهز «روتانا» لحفلي تكريم: الأول للراحل طلال مدّاح، والثاني للقدير الدكتور عبد الرب إدريس، الذي لمَعت عيناه بعد أن سمع بالأمر، خاصة أن تكريمه سيأتي في حياته.
غياب الجسمي
• كان مفترضاً أن يحضر المطرب حسين الجسمي المناسبة، لكن جرّاء تأجيل موعدها مرتين، وارتباط الجسمي برحلة سفر إلى أميركا، تعذّر مجيئه. وحضر الحفل الإعلامي صالح الجسمي، شقيق حسين الذي كانت تربطه صداقة بـ«أبو أصيل».
• تم توجيه الدعوة لحضور الحفل إلى أربعة فنانين كانوا على صداقة مع أبو بكر، هم: المطرب البحريني أحمد الجميري، الملحن الإماراتي إبراهيم جمعة، فايز السعيد، وعيسى الجابر، الصديق الصدوق للراحل. وكشف الجابر أنه يحضّر مشروعاً إعلامياً ضخماً عن الراحل سيُعلن عنه في حينه.
• على هامش الحفل، أقيم معرض تضمّن مقتنيات قيّمة من حياة الراحل، مثل الأوسمة والتكريمات والشهادات التي نالها، وبعض حاجيّاته الخاصة من ملابس ومحفظة نقود، والعصا التي كان يتّكئ عليها وخنجره، والكثير من أوراقه الثبوتية وصُوره النادرة. وتجوّل الفنانون في هذا المعرض مع عامة الجمهور.
• قام تركي آل الشيخ بتكريم أبو بكر سالم على المسرح في ختام الحفل بتسليم أبنائه: أديب، أصيل أحمد وأليف «درع التكريم»، وقد حضر الأبناء برفقة أولادهم كي يرى الأحفاد أهمية مكانة جدّهم.
• تم الكشف في نهاية الحفل عن دراسة تقوم بها اللجنة الفنية التابعة لـ«هيئة الترفيه»، لإصدار ترخيص أول معهد موسيقي في السعودية قريباً. وذكر البعض أنها الخطوة الأولى استعداداً لافتتاح «أوبرا سعودية».
• في اليوم التالي للحفل، قام كلٌّ من إبراهيم جمعة وعيسى الجابر بزيارة منزل أبو بكر في الرياض والتقيا زوجته، وأدمعت أعيُن الضيفين بعد مغادرتهما المكان.
مناسبة رائعة
الملحن إبراهيم جمعة، الذي يُعرف عنه أنه «الصندوق الأسود» في حياة الراحل وتجمعه به ذكريات عدة، قال مُحلّلاً «ليلة في حُب أبو أصيل»: «كانت المناسبة رائعة، لم يَبْخل بها المستشار تركي آل الشيخ بشيء، وبدا واضحاً تقديره للراحل. أمّا الحفل، ففي جميع محتواه كانت تفوح فيه رائحة أبو بكر سالم من كلماته وألحانه وأغانيه، ولم ينقص الحدث شيء سوى الشق الوثائقي، بمعنى تذكير الجمهور بنبذة ولو مختصرة عن حياة الراحل الفنية. مثلاً، أنا لي خمسة ألحان قدّمتها لأبو بكر في أول ألبوم قدّمه للجمهور بعد فترة اعتزاله في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات. كذلك الفنان عبد الرب إدريس أنجز أكثر من ستة ألحان للراحل، وكنت أنا وعبد الرب حاضرين في الحفل، مع ذلك لم يعرف الكثير من الجمهور أننا تعاونّا مع أبو بكر، لذا كان يجب أن يتم تعريف الحضور بتفاصيل الأعمال والضيوف الفنانين الذين كانوا موجودين في المناسبة».
فؤاد ومطرف
وعن رأي إبراهيم جمعة، حول أكثر المطربين إجادة في الغناء ليلة تكريم «أبو أصيل»، يقول: «على الرغم من أن كلهم أجادوا في غنائهم لأبو بكر، لكن في نظري الأفضل بينهم كان أقربهم إلى منطقة اليمن التي ينتمي إليها الراحل، لذلك أحببتُ كثيراً غناء الصوت الشاب فؤاد عبد الواحد، والمطرب مطرف المطرف، وأعجبني هذان الاثنان لأن المطربين الآخرين المشاركين لديهم خبرتهم الفنية التي تشفع لهم كل ما يفعلونه، لكن هذين الشابين وقَفَا على المسرح بكل ثقة وتمكّن».
«مايسترو» الغناء
وبالحديث عن أغنية «يا بلادي واصِلِي»، التي اتّحد نجوم الحفل على تقديمها معاً، وهي من ألحان وكلمات أبو بكر، يرصد إبراهيم جمعة أداء المطربين فيها قائلاً: «إذا كان أمير عبد المجيد (مايسترو) الفرقة الموسيقية، فإني أتوّج أصيل أبو بكر (مايسترو) الغناء في الحفل، حيث قاد غناء المجموعة لهذا العمل بكل دقة، هذا على الرغم من التداخُل الذي شعر به الجمهور بين محمد عبده وعبادي الجوهر عند غناء كلٍّ منهما المقطع الخاص به، فقد غَزَا «فنان العرب» فقرة عبادي، وذُهل الأخير من الموقف، بل وذُهلنا كجمهور من هذا الغزو، ولكنه كان غزواً ظريفاً».