رسّخت الألعاب العالمية لـ«الأولمبياد الخاص» التي استضافتها أبوظبي لأول مرة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، سمعة دولة الإمارات، عاصمة عالمية للتعايش والتسامح وتقبّل الآخر، وأظهرت قدراتها التنظيمية أمام الوفود الآتية من 190 دولة، وآلاف اللاعبين من «أصحاب الهمم»، الذين وجدوا الأمان والتسهيلات الضرورية كافة على أرض الإمارات.
أسهم هذا الحدث الرياضي الإنساني والتاريخي في تعزيز الوعي المجتمعي بفئة «أصحاب الهمم»، وبدورهم الفاعل في الحركة الرياضية، وتجلّى ذلك من خلال تلاحم أفراد المجتمع كافة لدعم هذه الفئة المتميزة من الناس، من خلال حضور المباريات وتقديم المؤسسات العامة والخاصة والشركات دعمها، لبرامج تمكين «أصحاب الهمم» وتعزيز اندماجهم في المجتمع. أطفئت شعلة «الأولمبياد الخاص»، وتزينت الصدور بالميداليات، ومن لم يعتلِ منصة التتويج، استحق الفوز أيضاً، في مثل هذه «الألعاب الإنسانية» لا وجود لخاسرٍ فالكل رابح.
مدربة «زومبا»
لاعبة «التنس» من «أصحاب الهمم» كلارا ليمكول (28 عاماً)، تشارك للمرة الأولى في «الأولمبياد الخاص»، ممثلة للإمارات في مباريات «التنس». كلارا التي تتحدث بصعوبة قليلاً نظراً إلى إصابتها بـ«متلازمة داون»، نجحت في الوصول إلى الأولمبياد بفضل عزيمتها ودعم والدتها التي تُحسب لها قصة نجاح كلارا، في أن تصبح ليس لاعبة «تنس» فحسب، بل أيضاً مدربة «زومبا» معترفاً بها دولياً. تقول كلارا التي جاءت لتقدم الدعم للمشاركين في أولى مسابقات الأولمبياد الخاص الـ«ترايثلون»، إنها بدأت تمارس «التنس» منذ سن ست سنوات، وتعشق الرياضة لأنها تُسهم في تعزيز ثقتها بنفسها، كما أنها تشعر من خلالها بأنها تحقق إنجازاً كبيراً.
أجمل لحظة
على بُعد أمتار من كلارا، كان محمد حُذيفة (22 عاماً) من المغرب، يحتفي بفوزه بأول ميدالية ذهبية له في الـ«ترايثلون»، مُحققاً نتائج جيدة، على الرغم من إعاقته الذهنية. «أجمل لحظة بالنسبة إليّ كانت لدى وصولي إلى خط النهاية ورفع يدي عالياً». قال حذيفة مُعرباً عن سعادته بالمشاركة الأولى له في هذا الحدث العالمي، ومُقدّماً شكره إلى دولة الإمارات لاستضافته ومنحه هذه الفرصة التاريخية بالنسبة إليه.
أحلام وردية
بعيداً عن الـ«ترايثلون» الذي شهدت بطولته مشاركة 33 رياضياً من «أصحاب الهمم»، يمثلون 14 دولة، كانت لاعبات فريق «كرة القدم النسائي» المشكّل حديثاً من «أصحاب الهمم»، يتدربن في أحد ملاعب مدينة زايد الرياضية، وفق وتيرتهنّ الخاصة. فتيات أصغرهن عمرها 13 عاماً، وأكبرهن 23، جمعهن حب الرياضة، فتحدّين إعاقتهن الذهنية والجسدية بدعم من أهاليهن، ونجحن في الوصول وإظهار قُدراتهن للجميع. لكل من هذه الفتيات قصة تريد أن تحكيها وحلم تتمنى تحقيقه، ومنهم شما عدنان ابنة الـ16 عاماً التي تحلم بأن تصبح موظفة إدارية، وسريعة مبارك (16 عاماً) التي تحلم بأن تصبــــــح «مهندســـــــة كهــــربــائيـــــــة». أحـــلام يمكن أن تتحقق بفضل توجهات قيادة الإمارات الرشيدة، الرامية إلى تمكين «أصحاب الهمم» وتقديم الفرص المتكافئة لهم.
مشاركة نسائية متميزة
أعرب المدير التنفيذي لمؤسسة «الأولمبياد الخاص»، طلال الهاشمي، عن فخره بمُشاركة الإمارات التاريخية في «الأولمبياد الخاص» بأكبر وفد رياضي في تاريخ الدولة، مُنوّهاً إلى المشاركة النسائية اللافتة، إذ أشار إلى تجاوز عدد المشاركات في المنافسات الـ140 سيدة، ويدل ذلك بحسب الهاشمي، على حدوث نمو كبير في قطاع الرياضة النسائية لـ«أصحاب الهمم». وأضاف: «نعمل في المؤسسة على برامج داعمة للرياضة لخلق سلسلة متكاملة من البرامج التنموية التي تُسهم بشكل مباشر في دمج وتمكين (أصحاب الهمم - ذوي الإعاقة الذهنية)، كما نعمل على نشر الوعي لدى أسر اللاعبين، إيماناً بأن المنزل أول نقطة يبدأ منها التغيير الإيجابي».