شغفها بالعلم والمعرفة، وإيمانها بدور المرأة في المجتمع، دفعاها إلى خوض مسيرة امتدت إلى ثلاثة عقود بقطاع التعليم والإدارة، قبل أن تتجه إلى عالم الاستشارات الأسرية والتدريب. رحلة طويلة خاضتها في ميدان التربية والتعليم، حيث اكتسبت خبرات ساهمت في تشكيل شخصيتها القيادية، ودفعها اهتمامها بالقضايا المجتمعية إلى خوض غمار عالم الاستشارات والتدريب؛ لتصبح أحد أبرز الأسماء في هذا المجال. وانطلاقًا من رؤيتها لتمكين المرأة وتعزيز الاستقرار الأسري، أسست جمعية «المرأة سند للوطن»، التي أصبحت منصة لدعم المرأة والأسرة.. في هذا الحوار، تسلط الدكتورة أمينة عبد الله الماجد، رئيسة ومؤسسة الجمعية، الضوء على أبرز محطات مسيرتها، والتحديات التي واجهتها، ورؤيتها لمستقبل المرأة الإماراتية، ودورها في المجتمع:

  • أمينة عبد الله الماجد: المجتمع القوي يبدأ من أسرة متماسكة

ثلاثة عقود

ثلاثة عقود في التعليم والإدارة.. كيف انعكست هذه الرحلة على رؤيتك لدور المرأة في المجتمع؟

رحلتي في قطاع التربية كانت غنية بالجمال والخبرة والعطاء. ففي كل مرحلة من مسيرتي، كنت أكتشف جوانب جديدة في شخصيتي، وأطور مهاراتي، وصولًا إلى منصب مديرة مدرسة. ومن أكثر الفترات، التي أثرت فيّ كانت مرحلة عملي مديرةً لإحدى مدارس الوثبة لمدة ثلاث سنوات، ثم مرحلة إدارة مدرسة ثانوية للبنات، حيث أتاح لي هذا الدور فرصة التواصل الوثيق مع المجتمع، خاصة من خلال مجلس الأمهات. كان لهذه التجربة أثر كبير في تعزيز إحساسي بالمسؤولية تجاه الأسرة والمجتمع، فبذلت كل جهدي؛ لنقل خبراتي، وتقديم الدعم اللازم إلى الأسر. وبعد تراكم هذه الخبرات، قررت التوجه إلى مجال الاستشارات الأسرية؛ فخضعت لدورات تدريبية وورش عمل عدة؛ أهلتني لأصبح مستشارة في العلاقات الأسرية، بجانب خبرتي الأكاديمية. 

ما الدافع الرئيسي وراء تأسيس جمعية «المرأة سند للوطن»؟

خلال عملي، لاحظت تردد العديد من الفتيات في طرح الأسئلة، أو اللجوء إلى عائلاتهن، أو أشخاص أكثر خبرة لمساعدتهن في مواجهة المشكلات الحياتية. هذا الأمر دفعني إلى التفكير في تأسيس جمعية، توفر لهن الدعم والتوجيه اللازمين، وهكذا انطلقت فكرة «المرأة سند للوطن». استقبلنا في الجمعية العديد من الحالات، التي تعاني تحديات أسرية، خاصة صغيرات السن، اللواتي لم تكن لديهن الخبرة الكافية بالتعامل مع هذه القضايا. وبفضل الله، تمكنا من حل الكثير من هذه المشكلات في فترة قصيرة. ولكَوْني أماً، ولديَّ أسرة؛ كان الهاجس الأكبر الذي شغلني هو حماية الأسرة من التفكك، ما دفعني إلى تكريس جهودي؛ لتقديم الدعم والتوجيه إلى الأسر.

  • أمينة عبد الله الماجد: المجتمع القوي يبدأ من أسرة متماسكة

كيف تساهم «الجمعية» في تمكين المرأة، وما أثرها في حل المشكلات الأسرية؟

نجحت «المرأة سند للوطن» في بناء علاقات متينة داخل المجتمع؛ لأن عضواتها من بنات الوطن، ومن التخصصات والمجالات المختلفة؛ ما ساعد في تقديم حلول عملية للمشكلات الأسرية دون عراقيل. كذلك، حرصنا على دعم الفئات، التي تواجه صعوبة في الحصول على فرص عمل، ففتحنا باب التسجيل في الجمعية؛ لتمكينها، وتعزيز شعورها بالمسؤولية تجاه أسرها، ومجتمعها. 

ما أبرز المبادرات، التي أطلقتها «الجمعية»؛ لدعم المرأة الإماراتية؟

أطلقنا العديد من المبادرات؛ لتمكين المرأة الإماراتية وتثقيفها تجاه الأسرة، خاصة المقبلة على الزواج، ومشروع الهوية الوطنية، وتنمية القيم وتعزيزها، وتحفيز السلوك الإيجابي بين الطلاب. وخلال هذه الفترة، سيتم توقيع عقود؛ لطرح مثل هذه البرامج الخاصة مع العديد من المدارس.

تأثير إيجابي

ما اللحظة، التي شعرتِ خلالها بأنكِ صنعتِ تغييرًا حقيقيًا؟

عندما تساهم في إحداث فرق ملموس في حياة الآخرين، تشعر بفخر كبير. وأكثر ما لمسني هو رؤية التأثير الإيجابي للجمعية في الفتيات المشاركات بها، وكيف تحولن إلى عضوات فاعلات في المجتمع. كما أن العمل التطوعي، الذي نقدمه دون مقابل، منحني يقينًا بأننا نسير في الاتجاه الصحيح. 

  • أمينة عبد الله الماجد: المجتمع القوي يبدأ من أسرة متماسكة

ما أكبر تحدٍّ واجهك خلال مسيرتكِ، وكيف تغلبتِ عليه؟

أكبر تحدٍّ كان إيجاد مقر للجمعية، ونشر الفكرة بين أفراد المجتمع، خاصة أن عملنا تطوعي بالكامل. في ظل وجود جمعيات نسائية أخرى، تملك مقار وإمكانات أكبر، كان علينا مضاعفة الجهود للاستمرار. إن لدينا الكفاءات والبرامج القوية، لكننا ما زلنا بحاجة إلى دعم مادي، يتيح لنا توسيع نطاق عملنا، والوصول إلى أكبر شريحة ممكنة. 

كيف تقيّمين واقع العمل المجتمعي في الإمارات؟

الإمارات غنية بالقيم المجتمعية والأخلاقية الراسخة، والمرأة الإماراتية وصلت إلى أعلى المناصب؛ بفضل الدعم الكبير، الذي تقدمه إليها القيادة الرشيدة، فنحن اليوم بمرحلة، نشهد فيها تمكينًا حقيقيًا للمرأة، ونتطلع إلى إنجازات أكبر في المستقبل. 

هل توقعت وصول تأثير «الجمعية» إلى هذا المستوى، أم أن الإنجازات تخطت تطلعاتك؟

بالنسبة لإنجازات «الجمعية»، فإنها فاقت التوقعات. فعند التأسيس بدأنا بسبع عضوات، وبفضل الله، ودعم القيادة الرشيدة وصلنا اليوم إلى 150 عضوة، يمثلن جانباً كبيراً من احتياجات المجتمع، فكل واحدة منهن تقدم وتمثل شيئاً يفيد المجتمع، فقد حملنا على عاتقنا مسؤولية خدمة المجتمع والمرأة. وبالتأكيد بعد هذه الإنجازات والأهداف التي وصلت إليها «الجمعية»، بعد ثلاث سنوات من تأسيسها، طموحنا أن نصل إلى المجتمع الإماراتي كافة، وأن نكون في المراتب الأولى بالدولة، ونستمر في تقديم كل ما يلزم؛ لتمكين الفتاة الإماراتية. كما نطمح، في الخطة الاستراتيجية القادمة، أن يكون هناك برنامج خاص للشباب المقبلين على الزواج أيضاً.

«عام المجتمع»

2025 «عام المجتمع» في الإمارات.. كيف ترين دوره في تعزيز التماسك المجتمعي؟

 «عام المجتمع» خطوة مهمة؛ لتعزيز التكاتف الأسري والاجتماعي، تتطلب تكامل الجهود بين المؤسسات، والجمعيات؛ لدعم هذا الهدف. فـ«يداً بيد»، نستطيع أن نبني مجتمعاً متماسكاً، وجيلاً قوياً. وهنا يأتي دور الجمعيات بأن تكون مكملة لخطة الدولة، وهذا ما نريده ونقدمه في «الجمعية»! 

  • أمينة عبد الله الماجد: المجتمع القوي يبدأ من أسرة متماسكة

ما القضايا الأكثر إلحاحًا، التي يجب التركيز عليها خلال «عام المجتمع»؟

من أهم القضايا، التي يجب أن يتم التركيز عليها، غياب الأم عن منزلها وعائلتها، فالأطفال بحاجة إلى التربية من قبل الأب والأم معاً، ويجب ألا يتم تسليم هذه المهمة إلى المساعدات المنزليات، أو مراكز تربية الأطفال، كما يجب أن يكون كل شيء مدروساً في مثل هذه الحالات، خاصة إذا كان أحد أفراد العائلة من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ما أثر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في العلاقات الأسرية؟

  للأسف، هناك تأثيرات سلبية عدة، حيث أصبحت بعض المنصات وسيلة لنشر الأفكار المغلوطة، وتحريض الأزواج ضد بعضهم، ولا بد من وضع قوانين صارمة؛ للحد من هذه الظاهرة. وفي المقابل، لا يمكن إنكار الجانب الإيجابي، حيث سهّلت التكنولوجيا التواصل بين أفراد العائلة، في ظل انشغالهم بالسفر، والعمل.

ما حلمك الشخصي، الذي لم يتحقق بَعْدُ؟

 لا أعتبره حلمًا، إنه طموح أسعى إلى تحقيقه، وهو خدمة المجتمع بكل ما أملك من خبرة ومعرفة؛ فمنذ أن بدأت رحلتي المهنية، وأنا أضع تمكين الفتاة الإماراتية نُصْبَ عينيَّ، وأطمح أن تستمر «الجمعية» في تحقيق أهدافها، بما يعزز مكانة المرأة الإماراتية، ودورها الريادي، في بناء الوطن.