نعم النساء غيرن وجه العالم، وها هن اليوم يصعدن إلى أبعد من الغيوم، إلى الفضاء نفسه، وباتت النساء لا يكتفين بالحلم، بل يصنعن الفضاء على صورتهن.

وفي التفاصيل، كانت مغنية البوب الأميركية، كاتي بيري، يوم أمس الإثنين في رحلةٍ، ضمت ست نساء حصراً، وصعدت معهن إلى الفضاء في رحلة قصيرة، وهي مغامرة وفرتها شركة «بلو أوريجين»، المملوكة للملياردير جيف بيزوس، وخُصصت لفئة مختارة.

ووصلت الرحلة إلى ارتفاع يزيد عن 100 كيلومتر عبر صاروخ من الشركة الفضائية، ورافقت بيري في الرحلة خمس نساء أخريات، بينهنّ لورين سانشيز، خطيبة بيزوس، كما رافقت بيري خلال هذه الرحلة القصيرة منتجة الأفلام كيريان فلين، ومؤسسة منظمة غير حكومية ملتزمة بمكافحة العنف هي أماندا نغوين، والعالمة السابقة في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) آيشا بوي، ومقدمة البرامج التلفزيونية غايل كينغ.

وعن هذه التجربة، كتبت بيري، خلال الاستعداد للانطلاق، في منشور مرفق بفيديو على حسابها بتطبيق «إنستغرام»: «لقد حلمت بالذهاب إلى الفضاء منذ 15 عاماً، وغداً يصبح هذا الحلم حقيقة». ونشرت بيري فيديو يوثق لحظات التدريب على متن كبسولة افتراضية، وظهرت وهي ترتدي بدلة فضاء زرقاء، وكشفت عن رمزها خلال الرحلة «فيذر»، بمعنى «ريشة»، وأعربت عن حماستها للغناء في الفضاء.

«هذه تجربة الحب الثانية.. بعد أن أصبحت أماً»، هذا تصريح بيري، التي خرجت من الكبسولة في غرب تكساس يوم 14 أبريل 2025، وكانت تمسك بزهرة الأقحوان التي اصطحبتها معها خلال الرحلة، وقالت: إنها اختارت هذه الزهرة؛ لأنها نبات شائع يمكنه النمو في أصعب الظروف. والرمزية هنا مزدوجة: فالزهرة أيضاً تحمل اسم ابنتها الصغيرة «ديزي دوف»، البالغة من العمر 4 سنوات، والتي كانت حاضرة لحظة الإطلاق. وأضافت بيري: «كل هذا من أجل مصلحة الأرض. أردت أن أكون نموذجاً للشجاعة والجدارة وعدم الخوف. كان من الصعب اتخاذ هذا القرار كامرأة وأم، لكنني شعرت بأنني بحاجة إلى الاستسلام للكون». ولمّحت بيري إلى أن هذه التجربة الاستثنائية ستكون مصدر إلهام لأغنية مستقبلية، قائلة بابتسامة: «بالطبع، سأكتب أغنية عنها».

وأثناء الرحلة، أدت بيري مقطعاً من أغنية «What a Wonderful World»، في لحظة وصفتها بأنها تفوق حدود الموسيقى والشهرة، فقالت: «الأمر لا يتعلق بي، ولا بالغناء فقط. هناك طاقة جماعية حقيقية، الأمر يتعلق بنا، بالنساء في المستقبل، بأن نحجز مكاننا ونشعر بأننا ننتمي». ووصفت الرحلة بأنها أعلى درجات الانتصار، والفخر.

ورغم شهرتها الفنية، قررت كاتي بيري أن تخطو هذه الخطوة غير المتوقعة، وهي الالتحاق برحلة فضائية سياحية برعاية إحدى الشركات الخاصة، لتعبّر عن شغفها بالمجهول، ورسالة ضمنية إلى جمهورها بأن لا شيء مستحيلاً أما النساء، حتى لو كان الحلم معلقاً بين النجوم.

والرحلة التي شاركت كاتي فيها ليست علمية بحتة، لكنها تحمل دلالة رمزية قوية، تعبر عن شخصية وطموح بيري، وهي أن المرأة يمكن أن تكون جزءاً من المغامرة الكبرى للإنسانية خارج الأرض، حتى إن لم تكن رائدة فضاء تقليدية، وفي الفيديو المرفق بمنشورها، قالت بيري: «أعتقد أنني سأغني، سأغني قليلاً يجب أن أغني في الفضاء».

يشار إلى أن شركة «بلو أوريجن» سجّلت الرحلة المدارية المأهولة الحادية عشرة، ضمن برنامجها للسياحة الفضائية، مستخدمة صاروخها الشهير «نيو شيبارد»، الذي أتاح منذ سنوات تجارب سياحية فضائية دون الكشف عن أسعارها.

وشهدت الرحلة، التي استغرقت نحو عشر دقائق، عبور الراكبات الست خط «كارمان»، الحدّ الفاصل بين المجالين الأرضي والفضائي، وفقاً للمعايير المعتمدة دولياً.

وخلال وجودهن في الفضاء، سُمح لهن بفكّ أحزمة الأمان، والانفصال عن المقاعد؛ ليختبرن لحظات فريدة من التحليق في حالة انعدام الجاذبية.