في عصر التطور الرقمي والتكنولوجي المتسارع، يقود الشباب العرب مسار التحول نحو رقمنة الأعمال في جميع المجالات، التي تهم الحياة اليومية، وفق دراسة بحثية استقصائية، أظهرت أن عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في العالم العربي، يبلغ نحو 384 مليون مستخدم، يمثلون ما نسبته 70.2% من عدد السكان، فيما يستخدم منهم 228 مليوناً مواقع التواصل الاجتماعي، بنسبة بلغت 46%.
الدراسة البحثية الاستقصائية، التي أعدها مركز «جلال وكراوي للاستشارات الإدارية»، بالتعاون مع «أورينت بلانيت للأبحاث»، استقت نتائجها من مصادر عالمية موثوقة، أبرزها: «داتا ريبورتال»، وشركاؤها الرئيسيون، مثل: «جي إس إم أيه إنتليجنس»، و«ستاتيستا»، و«سيمرش»، و«سكاي».
وكان مفتاح الوصول إلى هذه النتائج إجراء مقارنة تحليلية بين تكتلين إقليميين رئيسيين، هما: جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، بهدف فهم أعمق للمشهد الرقمي، ومؤشراته الديموغرافية في كلتا المنطقتين، وانعكاساته.
-
الشباب العربي يقود التحول الرقمي في المنطقة
وتؤكد الدراسة البحثية الاستقصائية أن المنصات الرقمية أصبحت أداة محورية في استراتيجيات الحكومات العربية؛ للتواصل بفاعلية مع جيل الألفية وجيل «زد»، كون تطوير محتوى رقمي محلي يتناغم مع الهوية الثقافية للمنطقة، ويستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمثل خطوة أساسية في تعزيز التفاعل المجتمعي والمشاركة الفاعلة للمواطنين، بما يتماشى مع أهداف التحول الرقمي الطموحة، التي تتبناها العديد من الحكومات العربية؛ لتحقيق تنمية مستدامة وبناء مستقبل رقمي مزدهر.
وتُبرز الأرقام الدقيقة، التي تم الوصول إليها، امتلاك المنطقة العربية لمقومات رقمية قوية، تجعل منها سوقاً واعداً للنمو والابتكار، إذ يعكس الانتشار الواسع للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تحولاً جوهرياً في أنماط الاستهلاك والتفاعل، ما يستدعي من الحكومات والشركات تبنّي استراتيجيات رقمية متقدمة، تُسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي، وتهيئة بيئة استثمارية مستدامة.
وتبيّن نتائج الدراسة أن الفجوة الرقمية بين منطقة الدول العربية والاتحاد الأوروبي بدأت في التقلص، حيث سجل الاتحاد الأوروبي حوالي 419 مليون مستخدم للإنترنت، في حين بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية 384 مليوناً، بفارق يصل إلى 71 مليون مستخدم.
وعلى صعيد منصات التواصل الاجتماعي، أشار التقرير إلى تقارب لافت في نسب الاستخدام، حيث بلغ عدد المستخدمين في الاتحاد الأوروبي نحو 230 مليون مستخدم، وهو رقم يقارب تقريباً عدد المستخدمين في الدول العربية، ما يعكس تنامي الحضور الرقمي في المنطقة العربية بوتيرة متسارعة.
وتحتل مصر صدارة الدول العربية من حيث عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، مسجلةً نحو 50.7 مليون مستخدم، تلتها العراق بـ34.3 مليوناً، ثم السعودية بـ34.1 مليوناً، وجاءت الجزائر في المرتبة الرابعة بـ25.6 مليوناً، يليها المغرب بـ21.3 مليوناً، والإمارات بـ11.3 مليون مستخدم. وتشكل هذه الدول مجتمعة ما نسبته 77% من إجمالي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية.
-
الشباب العربي يقود التحول الرقمي في المنطقة
المنصات الأكثر تفضيلاً
وحول المنصات الأكثر تفضيلاً، تصدّر تطبيق «تيك توك» قائمة التطبيقات الأكثر استخداماً في دول الخليج العربي، وعلى رأسها: السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين. كما يمتد انتشاره إلى العراق، ولبنان، والسودان، وموريتانيا، واليمن، والصومال. ويُشير هذا التحول إلى تغيّر لافت في سلوك المستخدمين بمنطقة كانت تقليدياً أكثر ارتباطاً بمنصات، مثل: «إنستغرام»، و«سناب شات».
أما منصة «فيسبوك»، فلا تزال تحظى بنسبة الاستخدام الأعلى في دول شمال أفريقيا - باستثناء مصر - بما في ذلك: الجزائر، والمغرب، وتونس وليبيا، إلى جانب حضور قوي في فلسطين، وجزر القمر، ما يعزز دورها كمحور أساسي للتفاعل الاجتماعي، ووسيلة فعالة للوصول إلى شرائح واسعة من المستخدمين في تلك الدول.
وفي السياق نفسه، تتصدر منصة «يوتيوب» الاستخدام في مصر والأردن وسلطنة عُمان، حيث تُعد المنصة الرئيسية لاستهلاك المحتوى المرئي والتعليمي والترفيهي. بينما يحتفظ «سناب شات» بشعبيته في منطقة الخليج العربي، خصوصاً في السعودية التي بلغ فيها عدد مستخدميه 24.7 مليون مستخدم، ما يرسّخ مكانته كمنصة مفضّلة للتواصل البصري بين فئة الشباب.
وفي جانب الاستخدام المهني، أظهرت البيانات انتشاراً لافتاً لمنصة «لينكدإن» المهنية في الدول ذات النشاط الاقتصادي العالي، حيث بلغ عدد مستخدميها في السعودية نحو 11 مليوناً، تلتها الإمارات بـ9.4 ملايين مستخدم، ما يعكس ارتباط المنصة ببيئات العمل المتطورة، والفرص المهنية المتنامية في هذه الأسواق.
وتعكس المؤشرات الديموغرافية، بوضوح، التباين بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي، حيث تلعب القاعدة الشبابية الواسعة في الدول العربية دوراً محورياً في تشكيل ملامح المستقبل الرقمي للمنطقة، حيث يبدو واضحاً أن الشباب يقودون التحول الرقمي في المنطقة العربية، فالشباب دون سن 35 عاماً يشكلون نحو 62.8% من إجمالي عدد السكان، في ظل معدل نمو سكاني سنوي مرتفع يبلغ 2.1%.