في فضاء يطمس الحدود بين المادي واللامرئي، يُقام هذا الشهر في صالة «فاوندري» بدبي معرض فردي جديد بعنوان «مجرد»، يُقدّم مقاربة فنية تستكشف مفاهيم التحوّل، والهوية، والحضور الغائب، من خلال لوحات زيتية ومنحوتات شفافة معلقة في الفراغ. المعرض، الذي يُفتتح غداً، يُعد محطة جديدة في مسار فني يسائل التجربة الإنسانية من منظور بصري، يتقاطع فيه الجمالي بالفلسفي.
-
بين المادي واللامرئي.. معرض «مجرد» يفتح أسئلة الوجود في دبي
وتقدم الأعمال المعروضة مشاهد حالمة لشخصيات تتبدد في فضاءات ملونة، تهيمن عليها درجات الأزرق والأحمر، بينما تنأى المنحوتات عن الثبات؛ لتبدو كأنها تحلّق في الهواء، في محاولة لتفكيك المفاهيم التقليدية للجسد والوجود. هذه التجربة البصرية تأتي ضمن توجه معاصر يجمع بين تقنيات فنية متعددة، من الرسم والنحت إلى التكوينات الفراغية ذات الإحالة المعمارية.
ووراء هذا المشروع، تقف الفنانة اللبنانية روز ماري شمعون، التي تنتمي إلى جيل من الفنانين الشباب، الذين يمزجون بين المعرفة التقنية والحس الجمالي، والتي تحمل شهادة في الهندسة المعمارية من جامعة «سيدة اللويزة» - بيروت، وعملت في مشاريع دولية، قبل أن تتجه إلى الممارسة الفنية بشكل كامل. غير أن انتقالها إلى الفن لم يكن انفصالاً عن خلفيتها، بل هو امتداد لرؤية تسعى إلى الربط بين الشكل والمضمون، وبين الفضاءات المادية والمعاني الرمزية.
-
الفنانة اللبنانية روز ماري شمعون
في هذا المعرض، تتخذ الفنانة من «مجرد» مساحة للغوص في ما تصفه بـ«الحدود المتغيرة بين الذات والكون»، ساعية إلى تجسيد التوتر بين الحالة المادية وغير المادية، من خلال أعمال تنبض بتجريد شاعري، يتداخل فيه الحس الوجودي بالعاطفة البصرية. وقد أوضحت شمعون، في تعليقها، أن كل عمل يمثل نوعاً من «التحرر من الأشكال الثابتة»، وسعياً نحو انفتاح على المجهول.
وتواصل شمعون، بهذا المعرض، مراكمة مشروعها الفني الذي بدأ يلفت الانتباه إقليمياً، بعد عرض أعمالها السابقة في بيروت، ومنها معرضها الأخير بعنوان «The Secret»، في «غاليري جانين ربيز». ويأتي معرض «مجرد» كامتداد لهذا المسار، محاولًا توسيع النقاش البصري حول الهوية والانتماء، والانفتاح على مستويات تأملية أعمق في الفن المعاصر.
ويستمر المعرض حتى 30 أبريل الحالي، ضمن برنامج «فاوندري» الفني، الذي يستقطب تجارب من مشارب مختلفة، تعكس التنوع المتنامي في المشهد الثقافي بدولة الإمارات.