في حكاية «بياض الثلج»، التي رواها «الأخوان غريم» (Grimm)، مطلع القرن التاسع عشر، وقفت «الساحرة الشريرة» أمام مرآتها تسألها: «مرآتي يا مرآتي، من الأجمل على وجه الأرض؟». ولم تكن تعلم، آنذاك، أن المستقبل سيحمل - بين طياته - مرايا لا تكتفي بأن تعكس الجمال، بل أيضاً تصنعه!.. اليوم، وبعد أكثر من 200 عام، لم تعد «المرأة» تكتفي بالسؤال، بل باتت تأمر مرآتها الذكية، التي أصبحت مستشارها الشخصي، رياضياً وصحياً وجمالياً، بأن تمنحها إشراقةً لا تُضاهى، وصحةً تفيض حيويةً.

في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) لعام 2025، الذي أقيم في لاس فيغاس، بالولايات المتحدة الأميركية، مطلع العام الحالي، برزت ثلاث مرايا ذكية مبتكرة، كلٌّ منها تقدم تقنيات متقدمة في مجالات الصحة والجمال، من تحليل البشرة بالذكاء الاصطناعي، إلى الكشف عن أدق المؤشرات الصحية، كضغط الدم، ونبضات القلب، ما يمثل خطوة نحو المستقبل، حيث تندمج التكنولوجيا في الجمال؛ لتقديم حلول إبداعية، تلبي احتياجات المستخدمات بدقة غير مسبوقة.. «زهرة الخليج» تُلقي بالضوء على هذه المرايا، ومزاياها، والتقنيات التي تستند إليها: 

  • المرايا الذكية.. مستشارك الشخصي للصحة والجمال

1 - مرآتي الذكية.. أريد بشرة مثالية

تم تطوير مرآة الجمال «Samsung Micro LED Beauty Mirror»، من «سامسونغ»، بالتعاون مع شركة «Amorepacific» العملاقة بمجال التجميل في كوريا الجنوبية، وتعتمد تقنيات متقدمة تدمج الذكاء الاصطناعي مع تكنولوجيا «MICRO LED»، التي توفر انعكاساً مرئياً فائق الجودة. وتتميز المرآة بهيكل دقيق مصنوع من الألمنيوم، والنيوبيوم، ما يضمن وضوحاً عالياً، وانعكاساً واقعياً يتجاوز الـ80%، إضافةً إلى مستوى عالٍ من نقل الضوء، يصل إلى 90%. ولا تقتصر قدرة المرآة على إظهار صورة واضحة ودقيقة للمستخدمة فحسب، بل تقوم أيضاً بتحليل تفاصيل البشرة بدقة متناهية في أقل من 30 ثانية، مثل: مستوى الترطيب، والتجاعيد، والتصبغات، والمسام، والاحمرار. فهذه البيانات تتم معالجتها بواسطة خوارزميات متطورة، ما يسمح للمستخدمة بالحصول على تقرير شامل حول حالة بشرتها، بما في ذلك اقتراحات لتحسين روتين العناية اليومية. 

وتتسم آلية عمل المرآة الذكية بالسهولة والتكامل، فحينما تقف المستخدمة أمامها، تقوم الكاميرا المدمجة بالتقاط صورة للوجه، وتحليلها باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وتتم - بعد ذلك - مقارنة النتائج مع قاعدة البيانات؛ لتحديد المشكلات الجلدية، إن وُجِدْت، واقتراح المنتجات المثالية لمعالجتها. وهذه التقنية لا توفر فقط توصيات ذكية، بل تمنح المستخدمة تجربة مرآة رقمية متطورة، تحاكي الواقع بأعلى درجات الدقة، ما يسهم في تحسين العناية بالبشرة بأسلوب علمي متطور. وهذه المرآة، أيضاً، تساعدك على كتابة قائمة المهام، التي ستقومين بإنجازها، وتسجيل مواعيدك اليومية، وتخبرك بحالة الطقس، وتقترح أفكاراً لوضع المكياج، وفقاً لجدول أعمالك والمناسبات التي ستحضرينها، كما يمكن استخدامها كشاشة تلفزيون ذكي. 

2 - مرآتي الذكية.. أريد جمالاً وعافية

صممت شركة «Withings» الفرنسية، الرائدة في مجال الأجهزة الصحية، مرآة «Omnia» الذكية بطول الجسم؛ لتكون مركزاً صحياً متكاملاً، وكأن لديك طبيباً، ومدرباً رياضياً، وخبير تغذية، معاً، حيث تدمج مراقبة الجمال والصحة، من خلال جمع البيانات من أجهزة متصلة، مثل: الميزان الذكي، ومستشعرات قياس جودة النوم، وأجهزة قياس ضغط الدم، ومعدل الأيض، وصحة القلب. كما يمكن توصيلها بأجهزة أخرى كالساعات، أو أجهزة متابعة ضغط الدم. وكذلك تقدم صورة شاملة عن الحالة الصحية بنطاق 360 درجة، حيث تجمع بين التحليلات الجمالية، والبيانات الطبية. وأيضاً يمكن استخدامها كمنصة للاستشارات الطبية عن بُعد، ما يتيح للمستخدمات التواصل مع المختصين بالرعاية الصحية عبر استشارات افتراضية، إذ تأتي معزَّزة بمساعد شخصي، يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويقوم بنقل الوضع الصحي صوتياً إلى الطبيب المعالج في الحال. وبالإضافة إلى ذلك، توفر المرآة توصيات مخصصة للعناية بالبشرة، من خلال تحليل عوامل عدة، مثل: الترطيب، والتجاعيد، والبقع اللونية. 

  • المرايا الذكية.. مستشارك الشخصي للصحة والجمال

3 - مرآتي الذكية.. أريد مكياجاً يسعدني

أما «L’Oréal Group Mood Mirror»، من إبداع «لوريال»، الشركة الفرنسية العملاقة في مجال التجميل، ففكرتها مبتكرة للغاية، إذ تستعين هذه المرآة بالذكاء الاصطناعي في تحليل ردود الأفعال الانفعالية، التي تبديها المستخدمة لإطلالات المكياج المتباينة؛ لتوجيهها نحو الدرجات اللونية، والأساليب التي تجعلها تشعر بالسعادة، كما تعتمد على تقنيتَيْن: الأولى: «تجربة المكياج الافتراضية» التي ابتكرتها «لوريال» من قَبْلُ، ولا يتم خلالها استعمال اليدين، حيث ترى المستخدمات كيف تظهر المنتجات والدرجات المختلفة عليهن، دون وضع أي مكياج في الواقع. الثانية: تقنية الواقع المعزَّز، حيث تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي بسلاسة في الخلفية، وترصد كل حركة وَجْهِية؛ لتحليل التعبيرات، وحساب المشاعر المرتبطة بها. وهذه المرآة تحلل - بدقة متناهية - الانفعالات الوجهية، مثل: اتساع حدقة العين عند الشعور بالسعادة، وارتفاع مستويات «الدوبامين» في الدم؛ كرد فعل لرؤية مكياج يسرُّ عينيك.