الحديث عن المرأة يعيد، دائماً، ما قاله ابن عربي: «العالم الذي لا يُؤنث؛ لا يعوّل عليه».. هنا، نتوجه إلى «نون الحياة»؛ لنقول: المرأة هي الأصل، وجنة البيت والحياة، وحافظة التراث، والخراريف، وحكمة الأمثال، ويكفي أن نعرف أن تقدم البلدان يُقاس بحضور المرأة؛ لهذا نقول: «إذا أردت أن تعرفَ مدى تَقَدُّم المجتمع؛ فانظرْ إلى وضعِ المرأة فيه».
وحينما نقترب من حياة امرأة ما، ندرك أننا ندخل الحكاية بأبعادها كافة، فبعيداً عن الألقاب والمناصب، تبقى حياة كل امرأة رحلة مليئة بالتحديات الجميلة، وأجمل التحديات النجاح في العائلة والعمل معاً، فهذا هو التحدي والنجاح!
ويكفي أن يكون الصباح بلون حنان الأمهات، ورمز الطموح، ويكفي أنها تمتلك القدرة على الموازنة بين العمل والعائلة والأحلام، والقوة واللطف.. ربما يكون يوم أي امرأة مزدحمًا بالمواعيد والاجتماعات، وربما تختمه بقصة ترويها لأطفالها قبل النوم، أو تقرأ كتاباً؛ لتغذي عقلها، وتوسع آفاقها..!
هكذا نبدأ يومنا بفنجان قهوة، ونسمع الموسيقى، ونصطاد اللحظات الجميلة، التي تمنحنا الدفء، والمعنى الحقيقي، لمن نمنحهم ويمنحوننا معنى الحياة. لهذا، نعمل بجد؛ لأننا نؤمن بأن كلّ يوم فرصة جديدة؛ لنصبح أقوى، وأجمل، وأكثر تأثيرًا. فنحن النساء لسنا مجرد أرقام في الإحصاءات، أو شعارات ترفع في المناسبات، بل نحن «القوة الصامتة»، التي تحرك العائلات، والاقتصاد، والفكر. ونحن الأمهات اللواتي يزرعن الأمل في قلوب أطفالهن، والمهنيات اللواتي يثبتن كفاءتهنَّ في كل مجال، والقائدات اللواتي يرسمن ملامح مستقبل أفضل!
ونحن نعيش «عام المجتمع»، نلتفت قليلاً حولنا، ونردد مقولة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات): «المرأة هي روح الحياة في المجتمع، بها تكتمل الأسر، وبجهدها يتطور الوطن». فبهذه الكلمات تختصر سموها رؤيتها لمكانة المرأة، ودورها في بناء الأمم، فلم يكن دعمها للمرأة مجرد كلمات، بل خطوات راسخة؛ جعلت المرأة الإماراتية، اليوم، في مواقع ريادية. ومن هنا أتت أهمية تأسيس الاتحاد العام النسائي، وإطلاق مبادرة التمكين السياسي للمرأة، فسموها تؤمن بأن حضور المرأة، إلى جانب الرجل يداً بيد، معناه وطن معافى، ومسيرة لها بصمتها الإنسانية.
وفي هذا الشهر، تحتفل مجلة «زهرة الخليج»، أيضاً، بمرور 47 عامًا على انطلاقتها، تلك المسيرة التي كانت - ولا تزال - حافلة بدعم المرأة، وتسليط الضوء على نجاحاتها، والتعبير عن طموحاتها وتحدياتها. فمنذ تأسيسها، كانت «المجلة» مرآةً تعكس إنجازات النساء في الإمارات والعالم العربي، ومصدر إلهام لكل امرأة تبحث عن صوت يعبر عنها، ويعزز حضورها في المجالات كافة.
جيلاً بعد جيل، تتابع «زهرة الخليج» التطور الذي قطعته المرأة من خلال هذه «المجلة»، التي تتوجه إلى المرأة العربية والإماراتية، وإلى الأسرة، وقصص نجاح المرأة، فوراء أناقة «المجلة»، وما تحتويه من غنى، هناك امرأة ترصد وتكتب وتتابع؛ لتكون «زهرة المجلات» في غنى المحتوى، وتنوع الوجوه، لهذا ليس غريباً أن تكون «زهرة الخليج» شريكًا في رحلة تمكين المرأة؛ لأنها تؤمن بأن صوتها يجب أن يُسمع، وأن قصص نجاحها تستحق أن تُروى.
في عامها السابع والأربعين، تستمر «المجلة» في أداء رسالتها، محتفية بكل امرأة تحدَّت الحلم، وسعت إلى تحقيقه، فكانت نموذجًا للقوة والإبداع..!
وللمرأة حضور، وتألق، في الأكاديميات، والفضاء، والشركات، والمؤسسات، وفي كل مكان، وهذا مؤشر حقيقي إلى المشهد الإماراتي، الذي جعل المرأة متساوية في الحقوق والواجبات، ويكفي أن نقول: «إن المرأة مستقبل العالم».
وكم هو جميل أن يكون يوم المرأة العالمي أحد أيام شهر مارس؛ لنضيء قليلاً على إنجازات المرأة، التي تحمل وراءها حكاية الصبر والانتظار.. وفي يوم المرأة العالمي، لا نكتفي فيه بالاحتفاء بها، بل سنجعل منه محطة تأمل لما حققناه، ودافعًا لما سننجزه؛ لنستمر في دعم بعضنا؛ ولنرفع أصواتنا حينما يتطلب الأمر. ولنكن، دائمًا، سندًا لبعضنا في مراحل الحياة كافة!.. فالمرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي المجتمع بأسره.. حينما تعطي، وحينما تحب، وحينما تحلم..!