ماذا لو كان بوسعنا أن نعيش إلى الأبد؟!.. سؤال غريب واستثنائي، لكنه منطقي يدعو للبحث عن جواب منطقي، أو مثالي، أو جواب تتفق عليه الأغلبية، فقد أصبحت الحياة الأطول والأكثر سعادة هاجساً لدى الكثيرين، خاصة في عصر القلق الصحي، وما يعرف بأمراض العصر، مثل: الدهون، وأمراض القلب، والشرايين، والسكري، والضغط. بجانب القلق والتوتر ونمط الحياة السريعة الذي نعيشه، بحيث أصبحنا نشعر بأننا نركض باستمرار، بين العمل والبيت، والالتزامات والمسؤوليات، والأطفال والأهل، ونبحث عن وقت للاستراحة، وربما لا نجده. لكن، علينا أن نجد ذلك الوقت؛ فالحياة قصيرة ولا أبدية فيها رغم كل شيء، لكن لا بأس بالبحث عما من شأنه أن يجعلنا نعيش الحياة بعيداً عن الضغوطات المتعددة والمتنوعة التي لا تتوقف.
وهناك مناطق تعرف بـ«المناطق الزرقاء»، وفيها أسرار تحقيق حياة أكثر إشباعاً، وإن لم تكن أبدية، والسؤال هنا:
-
3 أسرار لعيش حياة أطول في كوستاريكا
ما تلك المناطق وأسرارها؟
اشتهر مصطلح «المنطقة الزرقاء»، لأول مرة، عام 2004، حيث ترسخت هذه التقاليد في تلك المجتمعات، وهي التي تعزز أسلوب حياة أكثر صحة. ومن بين هذه الأماكن أو الملاذات كوستاريكا، أرض العجائب في أميركا الوسطى، التي تجتذب السياح بشكلٍ كبير، ويشير مشروع «المناطق الزرقاء» إلى أن الناس فيها يعيشون حياةً أطول، إذ يبلغ متوسط العمر 85 عاماً، إضافة إلى عدد كبير من المعمرين.
فما سر الحياة المديدة في «المناطق الزرقاء»؟
أولاً: تناول الأطعمة الكاملة:
يعد النظام الغذائي توصية أكيدة لأي شخص يحاول أن يصبح أكثر لياقة، ومنها بتقليص الحصص وتجنب الكربوهيدرات.
ومع ذلك، توصي «المناطق الزرقاء» بشيء آخر، ليس بالضرورة تناول كميات أقل، لكن عليكِ الاختيار بشكل مختلف، حيث تتمتع كوستاريكا بوفرة من خيارات الطعام لإرضاء كل الأذواق، مثلاً يحب العديد من السكان المحليين «الكاسادو». أو أطباق العشاء التقليدية مع اللحوم والفاصوليا والأرز والخضروات مثل القرع. كما أن المأكولات البحرية، مثل: الجمبري والتورتيلا المصنوعة منزلياً والموز الحلو، منتشرة في كل مكان.
ويستمتع السكان المحليون بالوجبات الدسمة، لكن تفضيلاتهم هي الأطعمة الكاملة المحضرة منزلياً. وفي بعض النواحي، تقترب عادات الأكل من النظام الغذائي، الذي يركز على الأطعمة التي تحدُّ من الضرر البيئي. ويكثرون من تناول الفواكه والخضروات والحبوب والبقوليات، وكلها مرتبطة بحياة أطول.
-
تناول طعاماً طبيعياً
ثانياً: وداعاً لثقافة الصخب:
تعرف كوستاريكا بالاسترخاء والتجديد، فقد بدأت في البلاد حركة تطلب من الناس التركيز على متع الحياة البسيطة، مثل: الجلوس على الشاطئ، ومشاهدة غروب الشمس، أو الاستمتاع بوجبة مع الأصدقاء والعائلة. وسكان «المنطقة الزرقاء» المحددة مركزياً، مكرسون للراحة، فهم يؤمنون بشدة بتخصيص الوقت للتباطؤ، بدلاً من ملء أيامهم بالعمل. لذا، فإن الاستمتاع بقيلولة هادئة، أو الرقص مع الأصدقاء في المساء أمر روتيني، إذ إنه يتعارض تماماً مع ثقافة الصخب في أجزاء أخرى من الولايات المتحدة وآسيا، حيث يعمل الناس حتى الساعات الأولى من الليل. ومن العادات التي ربما تطيل من العمر الاستمتاع بالوجبات، والحصول على قسط كبير من الراحة والنوم.
وهذه الممارسات، أو العادات، تقلل احتمالية الإصابة بالسرطان، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، حيث تتوافق هذه العادات مع نمط الحياة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويأخذ الكثير من سكان كوستاريكا قيلولة قصيرة، وينامون ثماني ساعات كل ليلة.
ثالثاً: كن اجتماعياً، ولكن ليس على وسائل التواصل:
هناك سر آخر من كوستاريكا، هو القوة الهائلة المخفية في العلاقات الاجتماعية، وهو شيء نتجاهله ونفتقده في المدن المزدحمة، ففي أماكن، مثل: نوسارا ونيكويا، يمتلك السكان المحليون العديد من التقاليد، التي تشجع الناس على التجمع، والتواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، مشاهدة غروب الشمس حدث جماعي في «نوسارا»، المشهورة بسماء غروب الشمس المتلألئة.
ويتقاسم الجميع السلام والتعافي من مشاهدة الشمس تنزلق إلى أسفل السماء. وعلى نحو مماثل، في «نيكويا»، تُحافظ الروابط الأسرية على مكانتها القريبة من القلب.
وقد وجدت بعض الدراسات أن هذا الوضع يخفف التوتر، ويعزز الصحة العقلية، لذا فإن قضاء وقت غير مقصود بمفردك، ومتابعة الاتصالات على وسائل التواصل الاجتماعي، لهما تأثير معاكس، إذ يؤدي ذلك إلى عدم الكفاية والشعور بالوحدة، ما يجعل الناس يشعرون بنقص العلاقات الشخصية بشكل أعمق. وبدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يتعلم من سلوكيات التنشئة الاجتماعية في كوستاريكا، مثل: مقابلة الأصدقاء بعد العمل، والاحتفال بالمهرجانات معاً.