لطالما كان الفن، بجميع أشكاله، الوسيلة الطبيعية لنقل التأثيرات الثقافية بين الأمم. ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، وتكنولوجيا الاتصال الحديثة، أصبح هناك فارق ملحوظ في سرعة هذا التأثير بعصرنا الحالي. وفي مقدمة هذه الوسائل، تأتي منصات البث الرقمية، التي تخطت دورها التقليدي كوسيلة للترفيه؛ لتصبح قناة رئيسية للعولمة الثقافية، والتبادل، والاكتشاف، والتناغم الحضاري. وكان من الواضح تأثير الثقافة الكورية على بعض جوانب الثقافة العربية، والعكس صحيح، وكأنَّ الثقافتين تتبادلان الحوار عبر هذه المنصات.
-
من الشاشة إلى الواقع.. تأثير المسلسلات الكورية في الثقافة الشعبية
فكثيرةٌ هي المسلسلات الكورية، التي تحوّلت إلى ظاهرة عالمية، بنجاحها في جذب اهتمام متابعيها، ونذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر: مسلسل «لعبة الحبار»، الذي بدأ عرض الجزء الثاني منه على منصة «نتفليكس»، إذ خطف الأضواء عالميًا، وجذب اهتمام الجمهور العربي بصورة استثنائية منذ عرض أولى حلقاته.
بالإضافة إلى مسلسلات كورية أخرى، لا تقلّ أهمية عن «لعبة الحبار»، نالت إعجاب الجمهور العالمي عمومًا، والعربي خصوصاً، مثل «حينما يرن الهاتف»، الذي تصدّر المشاهدات على «نتفليكس»، منذ بداية عرضه نهاية شهر نوفمبر الماضي، ومسلسل «مع ذلك»، الذي لاقى نجاحًا مبهرًا.
-
من الشاشة إلى الواقع.. تأثير المسلسلات الكورية في الثقافة الشعبية
ولم تقف حدود تأثير الثقافة الكورية الحديثة عند شاشات الدراما، بل تسللت بذكاء إلى الموسيقى والأزياء، حيث أصبحت فرق «البوب» الكورية، ومنها: «BTS»، و«Blackpink» أيقونة تمزج الأناقة العالمية بروح التراث الكوري، وتلهم بإطلالاتها الجذابة الجمهور الشاب، وأصبحت الأزياء الكورية لغة يعبر بها الشباب والشابات عن شخصيتهم وتوجهاتهم، حيث تمتاز أنماط الأزياء الكورية ببراعة مزج البساطة بالحداثة، مع تفاصيل دقيقة وألوان هادئة، تُبرزها إكسسوارات جريئة، تضفي لمسة من الجرأة والإبداع.
ولم تقتصر بصمات الثقافة الكورية على الأزياء، بل امتدت إلى أساليب الطعام، حيث لاقت المأكولات الكورية رواجًا كبيراً في منطقتنا، وأصبح لأصناف: «البيبيمباب، والكيك الكوري، والرامن» مكان مميز في قوائم الطعام بمطاعم الخليج العربي، وغيرها الكثير من المطاعم في الشرق الأوسط، لتلبية الأذواق الجديدة للشباب.
-
من الشاشة إلى الواقع.. تأثير المسلسلات الكورية في الثقافة الشعبية
وتعزّز حضور الثقافة الكورية في شرقنا مع التوجه المتزايد لتعلّم اللغة الكورية، والانبهار بالمعالم السياحية الكورية، حيث أصبحت مدن، مثل: سيؤول وبوسان وجيجو؛ وجهات سياحية جديدة، للراغبين في الاندماج أكثر في هذه الثقافة الملهمة، علمًا بأن هذه الفسيفساء الثقافية الجديدة ليست حكرًا على منطقة الشرق الأوسط، بل هي اتجاه عالمي، أنتجته العولمة الثقافية، التي تلعب فيها منصات مثل «نتفليكس» دورًا بارزًا، فها هي بصمات ثقافتنا الشرقية عمومًا، والعربية على خصوصاً؛ تظهر بوضوح في الثقافة الكورية، وغيرها من الثقافات في الموسيقى والدراما والأزياء والأدب والطعام، ما يجعل حوار الثقافات ظاهرة عالمية، تؤكد أننا جميعًا نعيش تحت مظلة ثقافة إنسانية جامعة، تتقاطع فيها الأرواح والأفكار، وتثري حياتنا المشتركة على هذا الكوكب.