يقوم الهدف الثالث، من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDG 3)، على ضمان حياة صحية، وتعزيز الرفاهية للجميع. ويشمل هذا الهدف مجموعة واسعة من الغايات، مثل: خفض معدلات وفيات الأمهات والأطفال، ومكافحة الأمراض غير المعدية، وضمان التغطية الصحية الشاملة. وقد برزت دولة الإمارات قائداً عالمياً في تحقيق هذا الهدف، باعتمادها سياسات مبتكرة، واستثمارات كبيرة، والتزاماً قوياً برفاهية سكانها.

  • السياسات الصحية الإماراتية.. رؤية ثاقبة ومبادرات مبتكرة

الإمارات نموذج يُحتذى في الالتزام بالصحة والرفاه

كشف التقرير العالمي للتنمية المستدامة لعام 2024، الذي يعتبر المرجع الأساسي لتقييم أداء الدول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، عن تقدم الإمارات تسع مراتب؛ لتحتل المرتبة الـ70 عالمياً. ويعكس هذا التصنيف حرص الإمارات على الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن ضمنها - بالطبع - الهدف الثالث، الذي يركز على ضمان حياة صحية، وعزيزة الكرامة، لجميع الأعمار.

وفي هذا المجال، أثبتت الإمارات تفوقها عالمياً في جودة الخدمات الصحية، المقدمة إلى مواطنيها ومقيميها، وتحسين المستوى المعيشي، وتعزيز الوعي بأهمية الصحة، والوقاية من الأمراض. وقد جاء هذا الإنجاز نتيجة جهود حثيثة من الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، فأسفرت عن تحسينات كبيرة في العديد من المؤشرات الصحية.

فكيف تفوقت الإمارات في تحقيق الهدف الثالث؟

تولي الإمارات أهمية كبيرة للرعاية الصحية الاستباقية والوقائية والجودة، لهذا فإن نظام الرعاية الصحية في الدولة يعتمد على مزيج من القطاع العام الممول من الحكومة، والقطاع الخاص المتطور بسرعة، وكلاهما يخضع لرقابة الهيئات التنظيمية المحلية في كل إمارة، وعلى مستوى الدولة. ويضمن هذا النهج المزدوج الوصول إلى خدمات صحية عالية الجودة، ومستدامة. ويظهر التزام الدولة من خلال تخصيص 4.8 مليارات درهم للرعاية الصحية، تمثل 7.6% من الميزانية الوطنية. وتسعى الإمارات إلى دمج الصحة النفسية، وتطوير القوى العاملة الصحية، ما يوفر نظامًا يركز على تحسين نتائج الصحة على المدى الطويل.. وفي ما يلي، أبرز جهود دولة الإمارات لتحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، وفق ما جاء في التقرير السنوي للمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة لعام 2023. 

1 - تعزيز الصحة النفسية: تعد الصحة النفسية ركيزة أساسية لرفاهية المجتمع في دولة الإمارات، حيث تبنت الدولة سياسات متقدمة؛ لتحقيق هذا الهدف، من أبرزها «السياسة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية» التي أطلقت عام 2017؛ بهدف رفع الوعي بالصحة النفسية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات، ودمج الرعاية النفسية ضمن منظومة الرعاية الأولية. وخلال جائحة «كوفيد - 19»، عززت الإمارات خدمات الصحة النفسية بإطلاق «خط ساخن» للاستشارات النفسية، وتوسيع نطاق الخدمات عن بُعد، واستفاد منها أكثر من 30,000 شخص بحلول عام 2023، مع تحقيق نسبة رضا بلغت 98%. كما قدمت الرعاية النفسية المنزلية إلى أكثر من 5000 مستفيد، بين عامَيْ: 2020، و2022، إلى جانب زيادة عدد المتخصصين في المجال، ما عزز الوصول إلى رعاية نفسية عالية الجودة لجميع أفراد المجتمع.

2 - تعزيز الصحة العامة والإجراءات الوقائية: تركز دولة الإمارات على تعزيز الصحة العامة، والإجراءات الوقائية، كجزء أساسي من تحسين جودة الحياة، من خلال سياسات ومبادرات شاملة، أبرزها: «السياسة الوطنية لتعزيز أنماط الحياة الصحية»، التي أطلقت عام 2022، وتهدف إلى تشجيع تناول الطعام الصحي، وممارسة النشاط البدني، ومكافحة التدخين. كما تولي الدولة اهتمامًا خاصًا لصحة المرأة عبر «السياسة الوطنية لتحسين صحة المرأة»، التي تسعى إلى معالجة احتياجاتها الصحية المتنوعة، بما في ذلك: الصحة الإنجابية، والعقلية، والوقاية من الأمراض. وتدعم «استراتيجية التغذية الوطنية 2030» جهود إنشاء أنظمة غذائية مستدامة، وضمان تغذية صحية لجميع الفئات العمرية. إلى جانب حملات التوعية بسرطان الثدي، ومبادرات الوقاية من السكري.. كل هذه الجهود تعكس التزام الإمارات بإدارة صحية استباقية، وشاملة؛ لتعزيز رفاهية المجتمع.

  • السياسات الصحية الإماراتية.. رؤية ثاقبة ومبادرات مبتكرة

3 - الابتكار في الطب الجينومي: تقود الإمارات الجهود في مجال الأبحاث الجينومية، من خلال الاستراتيجية الوطنية للجينوم (2023)، وهي إطار عمل يمتد إلى عشر سنوات، ويهدف إلى تطوير الطب الشخصي للأمراض المزمنة والجينية. فضلاً عن برنامج «الجينوم الإماراتي»، الذي يستخدم تقنيات متطورة؛ لتحليل الحمض النووي، والذكاء الاصطناعي؛ لتطوير رعاية صحية وقائية دقيقة. وهي خطوات تُعزز الصحة العامة، وتضع الإمارات في طليعة الابتكار الطبي.

4 - تطوير القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية: تستثمر الإمارات في تطوير القوى العاملة الصحية؛ لتلبية الاحتياجات المتزايدة، ومن أبرز استثماراتها: 

- المبادرة الوطنية لتعزيز جاذبية مهنة التمريض (2021): تركز على التعليم، والتحفيز، وتطوير المهنة.

- الاستراتيجية الوطنية للتمريض والقبالة (2026): تهدف إلى مواءمة ممارسات التمريض للأولويات الصحية الوطنية، وتشجيع المواطنين الإماراتيين على الانضمام إلى هذا المجال.

وتضمن هذه الاستراتيجيات وجود قوى عاملة مدربة، وقادرة على تقديم رعاية صحية عالية الجودة.

5 - الرفاهية الرقمية والسلامة: في عالم مترابط رقميًا، تدرك الإمارات أهمية الصحة الرقمية، وفي هذا الإطار تبنت عدداً من السياسات والبرامج، أبرزها: 

- السياسة الوطنية لجودة الحياة الرقمية (2021): تعزز الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، وزيادة الوعي والسلامة الرقمية.

- برنامج سلامة الطفل الرقمي (2018): يحمي الأطفال من المخاطر عبر الإنترنت، ويعزز الوعي الرقمي لدى العائلات.

وهذه الجهود تساهم في توفير بيئة رقمية آمنة ومتوازنة، ما يدعم الهدفَيْن الثالث، والسادس عشر (السلام والعدل والمؤسسات القوية) من أهداف التنمية المستدامة. 

كل هذه الجهود في تحقيق الهدف الثالث، تعكس رؤية الإمارات للتنمية الشاملة والمستدامة. ومن خلال سياساتها، واستثماراتها، ونهجها المبتكر، تضمن الدولة الصحة والرفاهية لمواطنيها ومقيميها. وباستمرارها في التركيز على الرعاية الوقائية، والصحة النفسية، والابتكار، تمهد الإمارات الطريق لمجتمع أكثر صحة ومرونة، ليتماشى مع أجندة التنمية المستدامة لعام 2030.