أبهرنا أسبوع باريس للأزياء الراقية، هذا العام، بمجموعات متعددة وغنية بأحدث الصيحات، سواء في التصاميم أو الأقمشة أو الألوان. ورغم تألق دور الأزياء العالمية الكبرى، إلا أن المصممين العرب كانت لهم بصمة لا يمكن تجاهلها، إذ شكلوا قرابة نصف دور الأزياء، وسطروا تاريخهم بسواعدهم في أكبر أسبوع للهوت كوتور حول العالم.
فبين إيلي صعب، وزهير مراد، وجورج حبيقة، ومحمد آشي، شهد أسبوع باريس للأزياء الراقية حضوراً قوياً، ووجوداً مؤثراً لأسماء كبيرة في عالم الأزياء العربي.
نجري، هنا، جولة على عروض أشهر مصممي الأزياء العرب، التي أبهرتنا في أسبوع الهوت كوتور في باريس، لربيع وصيف 2025.
«صورة حلم» إيلي صعب.. مفاجأة لصناع الموضة:
بعد الاحتفال الكبير بالذكرى الـ45، لتأسيس علامته التجارية في الرياض، قدم إيلي صعب مجموعة أزياء ربيع وصيف 2025، في باريس، التي كانت تشع بالخفة والرقي، إذ عكست شعوراً متجدداً بالبهجة على خلفية فترة مضطربة في مسقط رأسه بيروت، لذلك حملت عنوان «صورة حلم».
وكانت المجموعة، التي قدمها إيلي صعب، بمثابة مفاجأة لصناع الموضة والأزياء حول العالم، خاصة بعدما أدخل عنصر «الدنيم» المرفوض في عالم الأزياء الراقية منذ سنوات طويلة، بل وخطف الأنظار وأصبح حديث محبي الأناقة أيضاً، مؤكداً من خلال هذه المجموعة على جمالياته المميزة مع تبني روح التجديد، والاحتفاء بالحرفية والتفاؤل والقوة الدائمة للأزياء الراقية؛ لرفع المعنويات، وإلهام الآخرين.
زهير مراد.. جزيرة استوائية مُفعمة بالحيوية:
مجموعة «جزيرة استوائية»، التي أطلقها المصمم اللبناني العالمي، زهير مراد، في أسبوع باريس للأزياء الراقية لربيع وصيف 2025، كانت المعنى الحرفي لعالم السحر الممزوج بالفن والإبداع. إذ احتضن مصدر إلهامه لهذا العام من خلال الإطلالات الناعمة والرقيقة، التي عكست جاذبية فيلم «Breakfast at Tiffany's».
وعبّر زهير مراد، من خلال المجموعة، عن مفهوم العالم السحري للمناطق الاستوائية، عن طريق التركيز على الأقمشة الفاخرة، مثل: الحرير الناعم والأقمشة المُطرزة بحرفية عالية، بالإضافة إلى الاعتماد على الألوان التي تميز هذه المناطق، من الأخضر الكيوي والأصفر الأناناسي، إلى الوردي الكركديه المُبهج. كما أضافت التطريزات الزهرية المُعقدة لمسة مميزة من الدراما، ليقدم قطعاً جاهزة للسجادة الحمراء في مواسم الجوائز والمهرجانات الفنية، فضلاً عن ذلك قدم ملك «التفاصيل»، بعض القطع الساحرة المميزة بالفيونكات، جاءت بأحجام متباينة وزُينت الإطلالات بطريقة رائعة.
جورج حبيقة يهدي مجموعته إلى روح والدته:
في ربيع 2025، قدم جورج حبيقة مجموعة أزياء راقية شخصية للغاية، تكريماً لوالدته الراحلة ماري حبيقة مؤسسة الدار، وأول من علمه فن الخياطة. وبجانب ابنه جاد حبيقة، ابتكر جورج تكريماً صادقاً مميزاً، احتفاء بتأثيرها الدائم وإرثها الخالد، من خلال تصميمات تجسد النعمة والحسية والدقة.
والمجموعة ظهرت كأنها قصة حداد وتجديد معاً، فبدأت من النغمات القاتمة وتطورت إلى الحيوية، وافتتح العرض بعارضات أزياء يرتدين تصاميم بألوان داكنة، ووجوههن مغطاة جزئياً بتول أسود رقيق، ويسرن بهدوء من الحزن والتأثر بالفراق، بينما تميزت هذه التصاميم المبكرة بحرفية معقدة، وأناقة مقيدة، تعكسان جاذبية مصدر إلهام المجموعة.
ومع تقدم العرض، تحولت اللوحة فقدمت ظلالاً أفتح وأكثر حيوية، وبلغت الرحلة ذروتها في خاتمة مذهلة بفستان طويل باللون الذهبي العاجي، مقترن بطرحة بيضاء، لإطلاق العنان للروح واحتضانها للتناغم الأبدي.
سارة شرايبي تسحر الحضور بالأناقة المغربية:
بمجموعتها الرابعة من الأزياء الراقية في باريس، قدمت المصممة المغربية سارة شرايبي SARA CHRAIBI، قصة مستوحاة من الطبيعة، إذ عرضت المجموعة في معهد العالم العربي، حيث احتضنت الحرفية والأناقة معاً من خلال إعادة سرد التقاليد المغربية بشكل مباشر، وأشارت إلى سحر الطبيعة من خلال الألوان الناعمة والمميزة للغاية والتي أضافت لمسة ممتعة إلى الإطلالات.
وكرمت شرايبي القفاطين وأغطية الرأس المُزينة بالتطريز المُعقد والأحجار الملونة، ومن بين القطع الأكثر لفتاً للانتباه، كان فستان من الأورجانزا الأبيض المُطرز. ومع استمرار الشرايبي في توسيع حضورها العالمي، مع عرضها الأخير في الدوحة، وظهورها القادم بأسبوع الموضة في لندن، يظل عملها شهادة على الحوار المتطور بين التراث والابتكار في الأزياء الراقية.
لوحة طوني ورد الفنية مستوحاة من «ساعة الشفق»:
خلال أسبوع باريس للهوت كوتور ربيع وصيف 2025، سحر المصمم اللبناني، طوني ورد، الحضور بمجموعته المستوحاة من «ساعة الشفق»، لتطل العارضات بتصاميم كأنها لوحة فنية بتدرجات ألوان السماء وقت الغروب، إذ صممت الفساتين بقصات أنثوية ساحرة محبوكة بتطريزات يدوية تصقل الإطلالة، بالإضافة إلى الأحجار الكريمة والكريستالات التي زَينت القطع، وزادت من سحرها وجاذبيتها.
ولم تتوقف أناقة إطلالات طوني ورد على الأقمشة والتطريزات، فقد جعلت منها الألوان قصة مميزة مُفعمة بالأناقة، فجاءت الفساتين البيضاء والأخرى الباستيلية الناعمة، بالإضافة إلى الألوان المعدنية الجريئة، وحتى الأسود الملكي، لإرضاء جميع الأذواق.
امرأة زياد نكد «زهرة السوسن» في صيف 2025:
استوحى المصمم اللبناني، زياد نكد، مجموعته لربيع وصيف 2025 من «زهرة السوسن»، التي منحت التصاميم أسلوباً ناعماً ورقيقاً للغاية. فقد برزت الفساتين بالألوان الناعمة من الوردي الفاتح والداكن والذهبي والفضي، بالإضافة إلى الأقمشة التي لعبت دوراً بارزاً في تعزيز فخامة الإطلالات، ومنها: الكريب والموسلين، وتم تطريزها بالورود البارزة، والترتر اللامع. كما حرص على تقديم الفستان الأسود المصمم على طراز المعطف، والمزدان بالورود النافرة على الكمين والكتفين، والترتر يزينه بالكامل، ليؤكد على مفهوم الفخامة والملكية للمرأة الحالمة.
محمد آشي يزين مجموعة الصيف بالمخمل:
خرج المصمم السعودي، محمد آشي Ashi Studio، عن المألوف في تصاميم أزياء فصل ربيع وصيف عام 2025، إذ اعتمد في مجموعة «فيلفيت أندرجراوند» (Velvet Underground) قماش المخمل الناعم، ما زاد من فخامة الإطلالات، بالإضافة إلى الدانتيل الشانتيلي والساتان الذي ينساب على الجسد، ما جعل العارضات كأنهن حوريات على مدرج العرض في فندق «سالمون دي روتشيلد» بباريس.
واتسمت موديلات المجموعة الربيعية الصيفية بتصميم الكورسيه، الذي جمع بين الدانتيل والشيفون، ما زاد من اللحظات الأنثوية المؤثرة على مدرج العرض، فكانت مجموعة «Velvet Underground» بمثابة تجسيد لروح الإبداع في عالم الموضة.
رامي العلي.. بعد جديد في عالم الأناقة
كشف المصمم السوري رامي العلي عن بعد جديد في عالم الأناقة الراقية من خلال مجموعته للهوت كوتور لربيع وصيف 2025، التي جاءت كتحفة فنية متكاملة.
في رحلة إبداعية استوحاها من الطبيعة، ابتكر العلي تصاميم تحمل بصمات فريدة، فكانت القصات أكثر جرأة وانسيابية، تستحضر أشكال أوراق الأشجار، وتعكس مرونة الأصداف البحرية، بلمسات هندسية أنيقة. هذه التوليفة أظهرت براعة المصمم في دمج العناصر الطبيعية ضمن تصاميم راقية تعكس روح العصر. بصمته الإبداعية تجلت مرة أخرى في هذه المجموعة، حيث استطاع رامي العلي أن يجسد العلاقة المتناغمة بين الأناقة الطبيعية والإبداع البشري. ومن خلال تصميمات تنبض بالحرية والتجدد، أثبت أن الموضة عبارة عن حوار بين الفن والطبيعة، وبين الجرأة والكلاسيكية، في احتفال راقٍ بالجمال اللامحدود.