تركت مها الشحي، إحدى أبرز السباحات الإماراتيات، بصمة كبيرة على الساحة الرياضية. وقد برزت موهبتها في رياضة السباحة منذ صغرها، وحققت العديد من الإنجازات المميزة على المستويين المحلي والدولي. وبفضل مثابرتها وإصرارها، أصبحت اللاعبة الإماراتية مصدر إلهام للشباب الإماراتي، خاصة الفتيات، فهي تعكس قدرتهن على المنافسة في أرفع المحافل الرياضية الدولية، بعدما تكللت جهودها بالمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية «باريس 2024».. للحديث عن رحلتها الملهمة، كان لـ«زهرة الخليج» الحوار التالي:
حدثينا عن بداية ظهور موهبتك في رياضة السباحة!
كانت البداية حينما تعلمت رياضة السباحة بشكل تقليدي، مثل الكثير من الأطفال، وكنت أستمتع بممارسة السباحة في العطلات، أثناء زيارة الشواطئ بصحبة العائلة. بعد ذلك، اكتشفتْ والدتي موهبتي المميزة، وشقيقتيَّ: «مهرة»، و«ميرة»، في السباحة؛ لينصبَّ اهتمامها ورعايتها على تنمية مواهبنا، وقد ساعدتها الجدية التي أظهرناها، وكشفنا عنها خلال التزامنا بالتدريبات اليومية.
حلم تحقق
كيف تمكنت من تنمية مهاراتك؟
بعد فترة طويلة من التدريبات تحت رعاية وإشراف والديَّ، انضممت إلى نادي الوصل الرياضي، حيث خضعت لتدريبات مكثفة لتطوير مهاراتي. ومع التفوق الذي حققته في البطولات المحلية، انضممت إلى المنتخب الوطني، وهذا الأمر كان حلماً تحقق، لتتوالى المشاركات والإنجازات محلياً ودولياً، فحققت ميداليات عدة، ومراكز متقدمة. وكانت أولى منافساتي الدولية مع شقيقتيَّ في المغرب، حيث شاركنا في البطولة العربية للسباحة، وحققنا المركز الثالث في التتابع. نحن الثلاث شغوفات بالسباحة، وقد اجتهدنا لمدة 6 سنوات؛ للوصول إلى مستوانا الحالي فنياً وبدنياً. وحققنا العديد من النجاحات بدعم من والدَيْنا، وبفضلهما وصلنا إلى هذا المستوى، ونعتز بهذا الدعم الكبير الذي لا يقتصر على السباحة، بل يشمل كل صغيرة وكبيرة في حياتنا.
شاركت في أولمبياد «باريس 2024».. حدثينا عن شعورك بتمثيل وطنك في هذا المحفل الرياضي العريق!
رغم مشاركتي في العديد من البطولات المهمة، إلا أن أبرز مشاركاتي - خلال مسيرتي - كانت تأهلي لدورة الألعاب الأولمبية «باريس 2024»، التي نلتها بعدما جمعت أكبر عدد من النقاط في سباق 200 متر، ببطولة معتمدة أولمبياً. وخلال هذه الدورة، شاركت في سباق 200 متر حرة سيدات، وحققت زمناً قدره 2:17.17 دقيقة، ما ساعدني في تحطيم رقمي الشخصي السابق بفارق 20 جزءاً من الثانية. شعرت بسعادة غامرة بظهوري الأول في الألعاب الأولمبية، ومشاركة نخبة من السباحات صاحبات الأرقام القياسية العالمية والأولمبية. لقد عززت هذه التجربة إصراري على تكثيف الجهود، لتحسين الأرقام الزمنية في جميع المسابقات المقبلة، مع السعي إلى خوض غمار هذه الدورة الكبرى مرة ثانية؛ فهي تمثل نقطة تحول في حياة أي رياضي ورياضية.
كيف كانت استعداداتك لأولمبياد باريس؟
حرص اتحاد السباحة على تجهيزنا بشكل جيد، إضافة إلى المتابعة المستمرة من الهيئة العامة للرياضة، واللجنة الأولمبية الوطنية، التي أقامت لي معسكراً لأكثر من شهر في بولندا. ولمدة 35 يوماً، كنت أتدرب بشكل مستمر، صباحاً ومساءً، من أجل الظهور بشكل جيد في الدورة الأولمبية.
هناك لحظات إحباط تواجه الرياضيين.. كيف تتعاملين مع أوقاتك الصعبة؟
لديَّ فلسفة خاصة في التعامل مع الأزمات والتحديات، فمنذ صغري اعتدت تحويل العقبات إلى دافع لتحقيق مزيد من النجاح، والعمل أكثر لتلاشي الأخطاء، التي سبق أن ارتكبتها، ووضعتني في مرحلة حزن أو يأس، فأنا أدرك جيداً أن النجاح يأتي من اللحظات القاسية والصعوبات الشديدة، ولحظات الهزيمة لديَّ تعتبر بداية لتقدم جديد، وتفوق آخر.
توجيه ذهني
لينجح الرياضي، ويتفوق.. ماذا عليه أن يفعل؟
أولاً، وأهم شيء، أن يكون لديه شغف ومحبة حقيقيان للرياضة التي يمارسها، وبعدها يأتي الالتزام، وتقديم التضحيات بالبعد عن مشتتات تحقيق حلمه، وكذلك القدرة على تنظيم الوقت بين الدراسة والرياضة، والاعتماد على الغذاء الصحي، والنوم الكافي، إضافة إلى التوجيه الذهني، الذي يضمن زيادة التركيز، وتحقيق النجاح.
كيف ترين أهمية ممارسة الرياضة في حياتنا؟
من يطمح إلى النجاح في أيٍّ من ميادين الحياة؛ يجب عليه ممارسة الرياضة؛ فالرياضة ليست مجرد حركات بدنية ترفع اللياقة، وإنما هي منهج لضبط النفس والالتزام والإصرار، وتأثيرها يتعدى الصحة البدنية؛ فيشمل الصحة النفسية والذهنية، ويتسع ليشكل مؤشراً حكومياً إلى وعي المجتمعات، وفاعليتها، ومستوى إنتاجيتها، ومشاركتها في التنمية.
ما خطواتك، وتطلعاتك، المستقبلية؟
أعمل، بكل عزيمة وتفانٍ؛ لرفع علم الإمارات في المحافل الدولية. بعد نجاح مشاركتي في أولمبياد باريس 2024، أسعى إلى تكثيف استعدادي، من الآن، للنسخة المقبلة من الأولمبياد، إلى جانب بطولات العالم؛ لما تمثله من فرصة مهمة؛ لتحقيق المزيد من الإنجازات. كما يتزامن طموحي لإحراز الميداليات رفيعة المستوى، مع السعي إلى نشر ثقافة ممارسة الرياضة بشكل عام، والسباحة بشكل خاص؛ لأهميتها في تعزيز الصحة النفسية، والبدنية، بشكل كبير.