كوثر العبدولي: استقرار الأسرة يبدأ من صحة المرأة
«الصحة العامة للمرأة ليست مجرد مسألة شخصية أو عائلية، بل هي قضية ذات أبعاد مجتمعية عميقة».. هكذا بدأت الدكتورة كوثر العبدولي، طبيب ممارس عام في «ميديكلينيك أبوظبي»، حديثها مع «زهرة الخليج»، حول أهمية الصحة العامة للمرأة، وانعكاسها على حياة الأسرة، والمجتمع. وأوضحت أن المرأة السليمة، بدنيًا ونفسيًا، تمثل الركيزة الأساسية في بناء أسرة متماسكة ومستقرة، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع بأكمله. وتؤكد العبدولي أن المجتمعات، التي تضع صحة المرأة في صدارة أولوياتها، أكثر قدرة على تحقيق الازدهار والتقدم، مشيرةً إلى أن المرأة السليمة ليست قادرة، فقط، على تحمل مسؤولياتها الأسرية، بل تسهم بفاعلية في سوق العمل والحياة الاجتماعية، ما يعزز الإنتاجية والمساواة بين الجنسين.. وهذا نص الحوار:
ماذا يعني مفهوم الصحة العامة للمرأة؟
الصحة العامة للمرأة تُعنى بحالتها البدنية والنفسية والاجتماعية. فالمرأة السليمة، في تلك الجوانب، قادرة على تلبية احتياجات أسرتها، ومساندة أفرادها عاطفياً ونفسياً، ما يساهم في تعزيز تماسكهم وترابطهم. وتُمكن الصحة الجيدة المرأة، أيضاً، من القيام بمهامها اليومية بكفاءة، داخل المنزل وخارجه. كما تتيح لها ممارسة أدوارها المهنية والاجتماعية بشكل فعّال، ما يعزز شعورها بالرضا والثقة بالنفس، ويعود بالنفع عليها وعلى أسرتها.
سعادة.. واستقرار
ما العواقب المترتبة على إهمال صحة المرأة؟
تؤثر الصحة العامة للمرأة - بشكل مباشر - في استقرار الأسرة وسعادتها، وبالتالي في تطور المجتمع بأسره. فالمرأة، أماً، وزوجةً، وابنة، تمثل القلب النابض داخل الأسرة، ومساهمتها في بناء أسرة قوية ومستقرة تعتمد - إلى حدٍّ كبير - على تمتعها بصحة جيدة، بدنياً ونفسياً. وعليه، فإن إهمال صحة المرأة تترتب عليه عواقب جسيمة، تؤثر في أفراد الأسرة كافة.
إذا أصابت الأمراض المزمنة المرأة.. كيف يؤثر ذلك في استقرار أسرتها؟
الصحة الجسدية للمرأة تؤثر - بشكل مباشر - في قدرتها على العناية بأسرتها. فالمرأة، التي تتمتع بصحة جيدة، تكون قادرة على رعاية أطفالها، وتلبية احتياجاتهم اليومية. والأمراض المزمنة التي قد تصيب المرأة، مثل: السكري، وأمراض القلب والسمنة، تؤثر في نمط حياتها، وحياة أسرتها. كما أن المرأة المريضة قد تجد صعوبة في ممارسة الأنشطة اليومية، مثل: الطبخ، والعناية بالأطفال، ما يُثقل كاهل بقية أفراد الأسرة.
كيف تؤثر الصحة النفسية للمرأة في حالتها الجسدية؟
لا تقتصر أهمية الصحة العامة للمرأة على الجانب الجسدي، بل تمتد لتشمل الجانب النفسي أيضاً. وتُعد الصحة النفسية عاملاً أساسياً في تشكيل شخصية المرأة، وقدرتها على مواجهة التحديات اليومية. فالمرأة التي تتمتع بصحة نفسية مستقرة تكون قادرة على تقديم الحب والرعاية إلى أفراد أسرتها، وتوفير بيئة دافئة، وآمنة، لأطفالها، ما يعزز شعورهم بالأمان والثقة بالنفس. وتؤدي الأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب، والقلق، إلى تأثيرات سلبية على الأسرة بأكملها. فالمرأة التي تعاني مشاكل نفسية قد تواجه صعوبة عند التحكم في مشاعرها، والتعامل مع الضغوط، ما يؤثر في علاقتها بأفراد أسرتها. كذلك، الأطفال الذين يعيشون مع أم تعاني مشاكل نفسية قد يواجهون صعوبات في التعلم، والتواصل الاجتماعي، وقد يتعرضون لخطر التوتر، والانطواء. وعلى الجانب الآخر، تسهم الصحة النفسية الجيدة للمرأة في تعزيز قدرتها على اتخاذ قرارات حكيمة تخص أسرتها، سواء تعلقت بتربية الأطفال، أو إدارة شؤون الأسرة. كما أن المرأة صاحبة النفسية السليمة تكون قادرة على دعم زوجها، وتشجيعه في مواجهة التحديات المهنية والاجتماعية، وكل ذلك يؤدي إلى استقرار الأسرة، ويقوي أواصر العلاقة الزوجية.
تخطيط سليم
مجتمعياً.. ما أهمية الوعي بمسألة الصحة الإنجابية للمرأة؟
تُعد الصحة الإنجابية جزءاً لا يتجزأ من الصحة العامة للمرأة، ولها تأثير مباشر في حياة الأسرة والمجتمع. فالمرأة التي تتلقى رعاية صحية كافية، أثناء فترات الحمل والولادة، تكون أكثر قدرة على تربية أطفال أصحاء، ما يُقلل معدلات الأمراض، والوفيات بين الأطفال. إضافة إلى ذلك، تساعد الصحة الإنجابية الجيدة المرأة في التخطيط المناسب لعدد الأطفال، والفترات الزمنية بين كل طفل وآخر. هذا التخطيط يُسهم في تحسين نوعية حياة الأسرة بأكملها، حيث تتمكن الأسرة من توفير احتياجاتها بشكل أفضل، مادياً وعاطفياً. كما يساهم الوعي بالصحة الإنجابية في تقليل حالات الحمل غير المرغوب فيه، ما يخفف الأعباء النفسية والجسدية عن كاهل المرأة والأسرة. والنساء اللاتي يتمتعن برعاية صحية إنجابية جيدة يَكُنَّ أكثر قدرة على تحقيق التوازن بين أدوارهن كأمهات وزوجات، وبين طموحاتهن المهنية والشخصية.
ما دور التثقيف الصحي في تحسين صحة المرأة؟
التثقيف الصحي يلعب دوراً أساسياً في تعزيز صحة المرأة، وحياة الأسرة. فالمرأة الواعية بأهمية صحتها تكون أكثر قدرة على حماية نفسها من الأمراض، وتقدم نموذجاً صحياً لأفراد أسرتها. كما يساعد التثقيف الصحي المرأة على معرفة الأعراض المبكرة للأمراض، ما يُسهم في التشخيص المبكر، ومن ثَمَّ العلاج السريع. وكذلك يعزز وعي المرأة بأهمية الرعاية الصحية الوقائية، ما يقلل مخاطر الأمراض المزمنة، ويُسهم في تحسين نوعية حياتها، وحياة أسرتها.