ما حياتنا إلا «أرجوحة» بين ثنائيات، يعيش فيها الإنسان، ومن أهم تلك الثنائيات: «الأمل، واليأس». فـ«الأمل» هو ذلك الدافع الذي يحثنا على مطاردة الأحلام، ويُحفزنا للاستمرار في السعي. أما «اليأس»، فهو كأكياس الرمل المبتلة، المربوطة بأقدامنا، يمنعنا من التقدم، ويُلقي بنا في ظلمات تُثقل الروح.

«الأمل» ليس مجرد شعور عابر، يمر بنا للحظة، ويمضي، بل هو رؤية تَسكُن وَعينا، وتُجلي ضبابية المستقبل، حيث نرى الإيجابيات التي تكمن في التفاصيل، وتختبئ في ظل الأفكار. «الأمل» يزرع فينا اليقين بأن الحلم ليس سوى البداية للواقع، وأن التغيير ممكن حتى في أصعب الظروف، والعوائق.

«الأمل» يُعتبر فضيلة إنسانية، لا تعني أن نعيش على ضفة الأمنيات، وننتظر أن تحمل لنا الحياة ما نرجوه، بل هو أن نتحرك، ونبذل الجهد، مدفوعين بإيماننا بأحلامنا، حتى إن كانت خطواتنا ضد «تيار الحياة». فلا قيمة حقيقية لـ«الأمل» مع السكون والانتظار، بل تكمن قيمته الحقيقية في العمل، ومواصلة السير رغم العقبات.

في «الميثولوجيا اليونانية»، قدّم «زيوس» إلى «باندورا» صندوقًا جمع فيه كل الشرور الإنسانية، لكنه خبأ معها الأمل. وحينما فتحت «باندورا» الصندوق، انطلقت الشرور في فضاء الحياة، وبقي الأمل. فأغلقته «باندورا»، دون أن تدرك أن الأمل هو كلمة السر؛ لمقاومة تلك الشرور. وعندما أطلقه زوجها «إبيميثيوس»؛ صار الأمل الدرع الواقية، التي تتصدى لليأس، والآلام.

وعلى الضفة الأخرى، يقف «اليأس» متربصًا بنا، يشحذ أنيابه؛ ليحصد الأرواح المثقلة بالهموم والآلام. «اليأس» ليس مجرد شعور بالإحباط، بل هو عدو خفي، يتغذى على فقدان الشغف، وانطفاء الرغبة في الحياة. إنه الظل الذي يسعى إلى إطفاء بريق الأمل؛ ليتركنا في دوامة من العجز، والتخاذل.

ومع ذلك، تظل المعركة بين «الأمل» و«اليأس» قائمة، وكل منا يحمل في داخله «مفتاح النصر». إن اختيارنا «الأمل» هو اختيار للحياة، وللنهوض كلما تعثرنا، وللنظر إلى المستقبل بعين ملؤها الإيمان. أما الاستسلام لـ«اليأس»، فهو بمثابة تسليم مفاتيح حياتنا إلى جلاد لا يرحم. 

إن «الأمل» هو الضوء الذي يستطيع أن يجد طريقةً ما؛ للتسلل إلى ظلمات الروح المنهكة من صراعات الحياة، وصخب المواجهات التي نحياها في «صيرورة البقاء»، ويذكرنا أن وراء كل ليل فجراً، وأن كل محاولة، وإن بدت صغيرة، تحمل - في طياتها - بذور الإفلات من قبضة اليأس. فلنتمسك بهذا «النور»، ولنجعله روحاً طيبة تقودنا إلى غدٍ أفضل؛ لأن الحياة من دون أمل لا تستحق أن تُعاش.