في رحلة الحياة.. قد نتوقف أحياناً في منتصف الطريق، ونسأل أنفسنا: ماذا بَعْدُ؟!.. ولماذا نثقل أنفسنا بأكثر مما نحتمل؟!.. هذان السؤالان يفتحان أمامي خياراً عنوانه «الطريق نحو البساطة»، بكل ما يعنيه من جمال، وتأنق، وشفاء من أيّ ألم يثقل الروح؛ لأنها أرقى درجات الاحترافية، في العمل، والحياة، والفن، والابتكار، وكل التفاصيل التي تفتح لنا باب السعادة والرضا.. فكيف إذا كانت أسلوب حياة، يعيدنا إلى فطرتنا الأولى، ويجعلنا نخفف ما يثقل الروح، والمخيلة؟!

دائماً، يوقظنا سؤال مثل «صوت المنبه»: لماذا نغير البوصلة في لحظة، ونختار النهج البسيط، بكل ما يعنيه من حكمة وفلسفة؟!.. هذا الخيار أصدق أنواع الجمال، فهو الذي يجعلنا نرى الأشياء العادية بعين مختلفة، والبساطة هي في نهاية المطاف للثقة؛ لذلك لا تعد خياراً؛ بل ضرورة!

حين نفكر بهذا الأسلوب، ندرك أنه ليس مجرد خيار في المظهر، أو طريقة ارتداء الملابس، بل هو نهج حياة، يعيدنا إلى واقعنا الحقيقي، حيث نحرر أنفسنا من كلّ الأحكام والقيود، وكلّ التعقيدات التي يفرضها علينا المجتمع؛ فنمنح أنفسنا مساحة؛ لنعبر - خلالها - بصدق، ودون تكلّف، وكل هذا يعيدنا إلى جوهر الجمال والحياة معاً..!

في هذه اللحظة، أستعيد صورة لافتة لامرأة التقيتها في إحدى مناسبات عالم الأزياء والموضة، حيث توافد المشاهير، والمصممون، وأيقونات الموضة، بملابس فاخرة، وإطلالات مبهرة تلفت الأنظار. وبينما كان الجميع يتسابقون إلى إثارة الإعجاب، كانت هذه السيدة تقف في زاوية - بإطلالة بسيطة - واثقةً، وهادئةً، ولا أنسى ابتسامتها الدافئة، التي تركت أثرها في كل من يبحثون عن «فن البساطة». فهي لم تكن ترتدي ما يصرخ بالترف، بل كانت كل تفاصيلها تنطق بالرقي الحقيقي، الذي لا يحتاج إلى التصنّع، فكان تعاملها مع الآخرين راقياً، وخالياً من التكلف، كأنها تعكس الجمال في أبسط صوره. لم أكتشف هويتها إلا لاحقًا؛ لتكون المفاجأة أنها الشخصية الأهم في المكان، وصاحبة التأثير الحقيقي في عالم الموضة؛ ما جعلني أدرك أن البساطة ليست تعبيراً عن رقة الحال، بل هي سرّ الجاذبية، والقوة الحقيقية..!

البساطة في الملبس تعني العودة إلى الأساسيات، واختيار قطع تعكس ذواتنا دون تصنع، والاعتماد على الألوان الهادئة، مثل: الأبيض، والبيج، والأسود، واختيار التصاميم الكلاسيكية، التي تمنحنا أناقة تدوم، بعيدًا عن تقلبات الموضة، وهذا كله ينعكس على صفاء روحنا ووجوهنا، من دون محاولة إرضاء توقعات الآخرين.

وهل هناك ما هو أجمل من أن نبقى على طبيعتنا، بعيداً عن التكلّف، والمجاملات، والأحكام المسبقة؟!.. فعندما نتجرد من عبء الشروط الاجتماعية، نصبح أكثر صدقاً وتصالحاً مع أنفسنا. وهنا، أشير إلى البساطة؛ عندما تصبح لون الحياة، حتى في اختيار طعامنا ووجباتنا، التي تعيدنا إلى الطبيعة، وكلّ ما هو صحي؛ للاستمتاع بالنكهات الأصيلة دون الإفراط أو التكلف، ما يجعلنا أكثر وعيًا بما نحتاج إليه فعلاً.

عندما نعيش بنهج متوازن!.. نتعلم كيف نستمتع بالأشياء الصغيرة، وكيف نجد السعادة في اللحظات العفوية، وكيف نركز على ما هو حقيقي، بدلاً من البحث عن الكمال الزائف، حيث نكون أكثر توازناً، وتصالحًا مع أنفسنا..!

في النهاية.. البساطة سحر الكمال، وراحة البال، فتزهر بها النفوس، بعيداً عن الصور الزائفة التي تشوش كلّ شيء.. وكم هو جميل أن تكون أحد أهم مفاتيح النجاح؛ ولأن الحياة قصيرة؛ فإنها تستحق أن تعاش بأبهى صور الرضا..!