التقليد هو طريقة من طُرق التعلُّم بالنسبة إلى طفلك، إنه يتعلم من خلال محاكاة تصرفات الآخرين. وعندما يرى طفلك أقرانه يلعبون، فإنه يُسارع إلى تقليدهم، من دون أن يتحكَّم كثيراً في كيفيَّة هذا التقليد. وبما أنّ اللعبة امتداد لفعل اللعب، فإنّ طفلك يرغب تلقائياً في الحصول عليها حتى يكتمل فعل محاكاته للآخر، من دون أن يُقدِّر خطأ أو صواب ما يفعل، فبالنسبة إليه، هو يقلِّد فقط، ولا يستولي على شيء.
كيف تواجهين الأمر؟ لا توبّخي طفلك، بل ساعديه على أن يفهم أن صديقه هو مَن يلعب وليس هو. قولي له مثلاً «لقد رأيت صديقك عمر يلعب بشاحنته، فأحببت أنت أيضاً أن تفعل مثله، لكن أخبرني هل هي شاحنته هو أم شاحنتك أنت؟».
لأنه لا يفهم معنَى الملكية: في سن الثالثة أو الرابعة، يعتقد الطفل أنّ كل شيء هو له ومن حقه أن يفعل به ما يشاء، بل إن تمسكه بالأشياء يجعله يعتبر أي شيء يريده هو جزءاً لا يتجزأ من ذاته الصغيرة. وعندما يقول «هذا لي»، فهو يقول «هذا أنا». هذا السلوك لدى الأطفال الصغار لا يجب اعتباره أبداً إشارة إلى أنّ الطفل «لص صغير»، بل هو فقط شخص صغير لم ينضج بعد، هو دليل على انعدام النضج وليس على انعدام الأخلاق، ولا يجب أن يُفسّر هذا السلوك على أنه أنانية أو أنه انعدام للإحساس بالآخر. ولا تقلقي، فـ«الملكية» مفهوم سيستوعبه طفلك تدريجياً مع مرور الوقت.
كيف تواجهين الأمر؟ لكي تُعلِّمي ملاكك الصغير كيف يحترم ما هو ملك للآخرين، حاولي أن تُعيدي بناء الموقف أمامه، من خلال التحدُّث معه عن أصل النزاع، فهي طريقة ليتعلَّم كيف يبتعد عن المشكلات. قولي له مثلاً: «لقد أخذت هذا الدلو، مَن الذي أحضَر هذا الدلو من البيت إلى الشاطئ؟ إنه ذلك الطفل، إذن فهو دلوه. من المهم أن تسألي الطفل الآخر إذا كان يمكنك أن تلعب معه بدلوه أم لا، فإذا قال لك «لا» فهي «لا»، وإن قال لك «نعم»، فإنه يمكنك أن تلعب بدلوه وتُعيده إليه».
لأنه يُريد أن يُنشئ علاقة مع الآخرين: أحياناً يحب أطفالنا أن يتقربوا من أقرانهم، لكنهم يجدون صعوبة في فعل ذلك بنجاح، لهذا فإنه يلجأ إلى استعمال شيء ما كوسيط لإنشاء هذه العلاقة، فيكون هذا الشيء هو اللعبة التي يذهب إلى الحصول عليها.
كيف تواجهين الأمر؟ أخبري طفلك الصغير أنك تتفهمين ما يريد أن يفعله، واجعليه يعبّر لك عما يشعر به تجاه الطفل الآخر. قولي له مثلاً «أعرف أنك تريد اللعب مع سارة، لكنك أخذت منها دميتها. هل سارة فرحة الآن بما فعلت؟ ماذا ستفعل لتكون سارة سعيدة بتصرفك؟».
طفلك يرفض أن يشاركه الآخرون لعبه
أن تتشارك لعبك مع الآخرين هو أمر صعب بالنسبة إلى الأطفال، خاصة دون سن الرابعة. وبينما الكرم ليس غريزة في الإنسان، وإنما صفة يكتسبها فإن التملك صفة غريزية تولد معه. وهنا ينبغي أن يكون للأبوين دور لكي يتعلم الصغير أو الصغيرة الموازنة بين الصفتين.
إنّ القدرة على المشاركة هي صفة من اللازم اكتسابها، حتى يتمكن الإنسان من العيش في وئام مع الآخرين. لكن على الوالدين ألا ينتظرا من الطفل أن يفهم تماماً معنى المشاركة والعطاء قبل سن الرابعة.
يجب ألاّ يفاجئك كون تعلم الطفل المشاركة يستغرق وقتاً غير قصير، فهناك الكثير من الأشياء التي على الأطفال أن يتعلموها في تلك السن. يجد الأطفال أنفسهم مضطرين إلى تَقبُّـل فكرة التخلي عن أشيائهم للآخرين ولو مؤقتاً، ويجدون صعوبة في أن يضعوا أنفسهم محل الأطفال الآخرين الذين يريدون أن يشاركوهم لعبتهم، وأيضاً في استيعاب مفهوم الوقت، وأنه ما من ضرر في أن ينتظروا قليلاً قبل أن يحصلوا على ما يريدون، كما ينبغي أن يكونوا قادرين على الكلام بشكل واضح لكي يتمكنوا من الإجابة عن أسئلة مَن سيأخذ ماذا ومتى،
كيف تشجعينه؟
هناك أشياء كثيرة يمكنك أن تقومي بها لكي تشجعي طفلك على تشارك أشيائه مع الآخرين.
كوني قدوة له: فإذا جعلت طفلك يشاركك في استعمال أغراض تملكينها أنت، وأحياناً تجعلينه يُعيرك أشياء هو يملكها، فإنه سيعي كم هو جميل أن يسمح له شخص آخر بأن يستعمل أغراضه، ولن يستغرب أن يفعل الشيء نفسه مع آخرين.
وفِّـري له الفضاء الكافي لكي يكون قادراً على اللعب مع أطفال آخرين: لكن أيضاً اجعلي له مكاناً خاصاً بلعبه وبأنشطته الفردية. وقد تكون فكرة جيدة عندما يكون الأطفال في سن صغيرة، أن يكون لديهم نموذجان من اللعبة نفسها حتى يلعب الجميع ويكونوا راضين، اسمحي لطفلك بأن يستمتع بلعبته، وهو يقول «إنها لي، إنها لي» وبعد أن يكتفي منها ويمررها لطفل آخر، قولي له: «انظر كيف أنّ صديقك سعيد جداً لأنك سمحت له بأن يلعب بكرتك»، وذلك لتجعليه يتذوق متعة العطاء.
كوني صبوراً: اعلمي أن الأطفال يستغرقون وقتاً ليصبحوا على استعداد لأن يشاركهم الآخرون لعبهم، ولا تتوقعي أن يكون طفلك كريماً منذ الوهلة الأولى. ومن المهم جداً ألاّ تعاقبي صغيرك، لأنه رفض أن يعير أغراضه لطفل آخر، فأنت تريدينه أن يعطي وأن يستمتع بالعطاء وليس أن يكون مجبراً على العطاء. وإذا حدث وتشاجر طفلك وهو في سن 3 سنوات مع طفل آخر على لعبة، فأعينيه على تجاوز المشكلة ولا تتخلي عنه، فإنك بذلك تساعدينه مع تكرار الأمر على أن يتعلم كيف يحل نزاعاته بنفسه.
وأخيراً، إن كان طفلك لم يبلغ بعد السن التي يستوعب فيها مفهوم المشاركة، فتجنبي وجوده مع أطفال كثيرين أثناء اللعب، لأن ذلك قد يقود إلى رد فعل عنيف من الأطفال الآخرين يؤذي طفلك، واعملي على أن يلتقي طفلك الأطفال الآخرين في مكان محايد، في حديقة مثلاً.
في إطار قاموس الأطفال
غالباً ما يسوء الأطفال أن يشاركهم أحد ألعابهم، وهذا لأنهم أصغر من أن يستوعبوا بعض المفاهيم مثل «الملكية»، «المستقبل»، «الاستكفاء»، «المشاعر».
الملكية: أول ما يتعلمه الأطفال من أمور الملكية هو أن يقولوا: «هذا لي أنا»، ولا يفرقون بين أن يكون الشيء لهم أو لغيرهم، أو بين «هذا لي» و«هذا لك»، وغالباً ما يشعر الأطفال الصغار بالتهديد عندما يقترب أطفال آخرون من لعبهم التي يحبون، أو حتى تلك التي لا يحبون.
الغد، المستقبل: الصغار لا يفهمون دائماً أن مَن يستعير منهم لعبة سيعيدها بعد زمن. المشاعر: في تلك السن الصغيرة، أقل من أربع سنوات، بالكاد يكون الأطفال قد بدأوا استيعاب ما معنى أن يكون للآخرين أيضاً مشاعر، وأنهم أيضاً يحبون، يفرحون، يحزنون، يغضبون. لذا يمكنك أن تشجعي طفلك على أن يضع نفسه مكان الآخرين، وتحدِّثيه عن ماذا كان ليشعر لو كان مكان فلان في موقف معين.