لقد تحولت التربية في مجتمع منفتح على العالم، وأمام هذه الموجة الكبيرة من التغيرات إلى تحدٍّ كبير، وبات لزاماً عليك التعامل مع تربية أطفالك باعتبارها ذات أولوية كبرى، وحاجة ملحة تتطلب منك بذل مزيد من الجهد والوقت للوفاء بها على أكمل وجه، لأن التربية أصبحت محفوفة بالعديد من المخاطر التي تحتم عليك ممارسة دور أكبر في سبيل احتواء أطفالك، والسيطرة على مسارهم التربوي، والتعامل بوعي كامل مع ميولهم واتجاهاتهم وواجباتهم. لذا، فلا غرابة في أن تعود الأم العاملة في المجتمعات المتقدمة للعمل من المنزل، إلى جانب الوفاء بمهمتها الأساسية كربة بيت، فها هي إحدى عضوات الكونغرس الأمريكي، وهي أستاذة في «جامعة هارفارد» تقرر الحصول على التقاعد المبكر، لأنها، كما قالت، لا تستطيع أن تؤدي واجباتها المنزلية وواجباتها المهنية في آنٍ معاً. وفي طريقك لتقديم أفضل تربية لطفلك سيكون عليك تحمل تدخلات الأهل والأصدقاء في هذه التربية، فهل تسمحي لمثل هذه التدخلات؟ وهل فعلاً عليك الاستجابة لكل تدخلاتهم؟ وماذا عساك أن تفعلي تجاه تدخلاتهم السلبية التي لا تعجبك؟

  • تدخل الأهل في تربية طفلك.. يفيدك أم يضرك؟

الخلاف قد لا يتوقف، ويكون بشكل يومي بينك وبين والدتك أو والدة زوجك، خصوصاً إذا كانوا يعيشون معك في المكان نفسه، وهذا الخلاف قد يتحول لخلاف بينك وبين زوجك، نتيجة الاحتكاك بين أحدكما وبين الجد أو الجدة والسبب دلال الجدات لأحفادهن، فما شعورك وهن يكافئنه على أخطائه؟ قد تشعرين بالكثير من الضيق، وأن سلوكيات الجدات هذا سيفسد طفلك، ولكن تمهّلي قليلاً، فقد فرضت تغيرات العصر عليك الآن حلولاً جيدة، فليس الجميع يعيشون في أسرة ممتدة، يوجد فيها الأجداد والأعمام، وهذا يسهل مهمتك كأم تريد لطفلها تربية حديثة، وتشكله كما تريد، وعلى الرغم من ذلك فأنت تواجهين في كثير من الأحيان تدخلات أو تعليقات من الجدات حينما تكونين في زيارتهن، قد لا تعجبك تصرفاتهن مع صغيرك، لأنها تتعارض مع مفهومك وقناعاتك تجاه التربية الحديثة. كيف تتعاملين مع هذه التدخلات، وأنت تعرفين أن الأجداد يسعون دائماً إلى مصلحة طفلك من وجهة نظرهم، عليك منح نفسك دقائق قبل الرد، اشكريهم على نصائحهم على أي حال، فإن كانت تتماشى مع قناعتك نفذيها، وإن لم تكن كذلك، فعليك أن تردي بحكمة وتعقل.

يمكنك التمييز بين الأشخاص الذين يقدمون لك نصيحة خالصة، كل الهدف منها التأكد من سلامتك وسلامة مولودك، وبين الآخرين الذين يفعلون ذلك لمجرد التدخل أو فرض الرأي، أو حتى يشعروك بقلة خبرتك، ومن السهل تقسيم المحيطين بك إلى مجموعتين مجموعة الداعمين لك، وهؤلاء ثقي برأيهم، لأنهم يريدون لك ولطفلك الخير دوماً، أما المجموعة الأخرى فهي المجموعة السلبية التي همهم الوحيد استعراض معلوماتهم وخبراتهم، وطرح أفكارهم.

إن تقسيمك لمن حولك بهذا الشكل، سيقلل من توترك وسيجعلك أكثر استعداداً للتعامل مع كل منهم بالطريقة المثلى.

لا أحد يحب أن يتدخل الآخرون في حياته أو تربية أطفاله، لكن في إمكانك أن تكوّني المجموعة الداعمة، أشخاص محددين يمكنك الوثوق بهم، يمكنك أن تلجئي إليهم حينما تمرين بأزمة مع طفلك ولا تعرفين ما الحل الأمثل، لأنك تعرفين جيداً أن نصائحهم معتمدة على أساس علمي سليم واطلاع جيد، وخبرة طويلة، وفي النهاية سيكون لك حرية التصرف.

تذكري أنه من أصعب الأيام التي تمر بك هي فترة ما بعد الولادة، لأنه إلى جانب الألم الجسدي، وقلة النوم والتوتر فإن مزاجك العام سيكون معرضاً بشكل كبير للتغيرات الحادة، بسبب الهرمونات والخوف من التجربة.

لذا، فإن التواجد مع الكثير من الناس في تلك الفترة سيكون ضاغطاً جداً على أعصابك، خاصة إذا كانوا من النوع المتطفل والمتطوع دائماً لإبداء النصح في أي شيء، حتى شكل ملابس المولود. حين تعودين لمنزلك بعد الولادة اختاري شخصاً واحداً أو اثنين فقط ممن ترتاحين لوجودهم لمساعدتك، وحددي موعد الاحتفال بقدوم المولود بعد مدة بعيدة، أسبوعين أو أكثر بعض الشيء، عن موعد الولادة، حتى تكوني أكثر استعداداً للمواجهة.

  • تدخل الأهل في تربية طفلك.. يفيدك أم يضرك؟

وهناك مبدأ جيد يمكنك استخدامه مع المجموعة السلبية التي تتدخل في شؤون تربية طفلك، إنه مبدأ السماع من أذن وإخراج ما سمعته من الأذن الأخرى، لا تركزي فيما يقولون، ولا تجيبيهم بنعم أو لا، ولا بتعليق، ولا تدخلي نفسك في نقاش معهم لاقناعهم بأفكارك.

كوني جملاً وردوداً جاهزة، تردين بها عمّن يتطفلون ويتدخلون في شؤون تربيتك لطفلك، إن هذا الأمر مريح بعض الشيء، لأنك بذلك تريحين نفسك وتعطينهم الإجابة التي تسكتهم بعد ذلك، يمكنك توقع أسئلة الناس، وآرائهم لتجهيز هذه الردود، ولكن عليك الانتباه إلى مثل هذه الردود على من هم عدوانيين ويريدون إيذاءك، أو بث الفرقة بينك وبين زوجك.

تذكري أن تدخل الغير في تربية طفلك، وتقديم نصائح عابرة لك في مجال التربية، ليس دائماً سلبياً، فربما يشكل جانباً إيجابياً مهماً في حياة طفلك، كمساعدتك في اكتشاف أمراض معينة كالتوحد، أو ضعف النظر، وكذلك اكتشاف الجوانب الإبداعية في شخصيته، وتنميتها وتوجيهها نحو الاتجاه الصحيح، في الوقت الذي قد لا تتمكنين من ملاحظة ذلك والتنبه إليه، ولعل هذا الجانب يمكن ملاحظته بوضوح من خلال المدرسة، حيث يكتشف كثير من المعلمين والمعلمات العديد من الطلاب والطالبات الموهوبين بالمدارس، ووضعهم على بداية الطريق الصحيح بالتعاون مع أسرهم.