مريم الشالوبي: «الترجمة» عززت إمكاناتي بالفنون كافة
على خشبة المسرح، تقف مريم الشالوبي، بهدوء، خلف آلة القانون، بيد تتحكم في الأوتار، وأخرى على المفاتيح تضبط اللحن، فتعزف مقطوعات ملهمة، تأسر الجمهور، وتمنحه لحظات طربية لا تُنسى. مريم الشالوبي ليست عازفة «قانون» موهوبة فحسب، بل هي أيضًا مترجمة، ومسرحية، ومنشدة، ومغنية، فهي تمتلك قدرات فنية عدة، وقد تفوقت فيها جميعاً، دون أن تطغى إحداها على الأخرى.. التقتها «زهرة الخليج»، للاطلاع على المجالات المختلفة في تجربتها، في الحوار التالي:
بداية الرحلة
حدثينا عن بداياتك الفنية والمهنية، ومساهمتها في تشكيل شخصيتك الفنية!
أنا من مدينة خورفكان، تربيت فيها، وكنت دائمة الاهتمام بموهبتي، فنمّيتها بمراكز الأطفال والفتيات، التابعة لمؤسسة «ربع قرن» حالياً. كنت حينها في بداية مراحلي الدراسية، وكان عمري سبع سنوات، وتركيزي كان منصباً على التمثيل والإنشاد، فقد كنت مشتركة بقسمَي: الموسيقى، والمسرح. وبعد انتقالي إلى جامعة الإمارات في العين، تخصصت في «الترجمة»، وكان تخصصي الرئيسي ترجمة اللغة العربية إلى الإنجليزية والعكس، وكانت اللغتان: الألمانية، والفرنسية، تخصصين فرعيين.
كيف أثرت دراسة الترجمة في مسارك الفني؟
بعد التخرج، تدربت في أكاديمية «ذاتي»، التي تهدف إلى تمكين القادة، وتزويدهم بخبرات متنوعة في المجالات الاستراتيجية والمالية والإعلامية. أثناء تلك الفترة، كنت أستخدم مهاراتي في الترجمة بشكل دائم، ما منحني رؤية مختلفة في التعامل مع اللغات والفنون، فوجدت في الترجمة أداة للتعبير تعزز إمكاناتي بمختلف الفنون. بعد الانتهاء من التدريب، يلتحق المشاركون ببرنامج قيادي، مدته شهر، ثم تختار المؤسسات من المتدربين من توظفه لديها. ومن حسن حظي، أنني تدربت في مؤسسة «ناشئة الشارقة»، بقسم البرامج، وهي تابعة لمؤسسة «ربع قرن»، فأصبحت موظفةً فيها، فكأنني عدت، بذلك، إلى أول الدائرة، حينما كنت في «أطفال الشارقة». أعمل في قسم البرامج، كتنفيذي برامج، فأصممها لفئة الناشئين الذكور، من 13، وحتى 18 عاماً، وهذه البرامج معنية بمسارات مختلفة، كالمهارات الحياتية، والفنون التشكيلية، وفنون العرض والمسرح والموسيقى، والفنون السينمائية والعلوم والتكنولوجيا وإدارة الأعمال، وغيرها، وكلها مصممة لفئة الشباب.
شغف بالموسيقى
حدثينا عن رحلتك مع آلة القانون، ولماذا اخترتها تحديداً؟
أثناء طفولتي كنت أمارس الموسيقى إنشاداً وغناءً. لكن اهتمامي الحقيقي بآلة القانون جاء عندما رأيتها، لأول مرة، في مسابقة للإنشاد؛ فجذبني سحرها. بعدها، بدأت رحلتي معها؛ عندما التحقت بأكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة، وكنت أول طالبة تتخصص في دراسة «القانون» بالأكاديمية. وقد تعلمت الأساسيات خلال الإجازة الصيفية، وأصبحت من أوائل العازفين على «القانون» في جامعة الإمارات، عندما أنشئت الأوركسترا الخاصة بها.
ما أبرز التحديات، التي واجهتك خلال تعلمك العزف على «القانون»؟
أحد التحديات التي واجهتها، كان التوفيق بين الدراسة الأكاديمية والعزف، خاصة أنني كنت من طالبات السكن الجامعي، لذلك لم أتمكن من التدرب بشكل دائم. لكن، عندما تم إنشاء أوركسترا جامعة الإمارات، سنحت لي الفرصة لتطوير مهاراتي؛ لأنني كنت العازفة الوحيدة على «القانون» في هذه المجموعة، ما دفعني إلى الاعتماد على مهاراتي الذاتية، وأذني الموسيقية لتعلم المعزوفات.
مشاركات
ما أهم المشاركات الفنية، التي كان لها تأثير كبير في مسيرتك؟
شاركت في العديد من الحفلات والمناسبات الوطنية المهمة، داخل الإمارات وخارجها. ومن بين أبرز مشاركاتي مع «أوركسترا أكاديمية الفجيرة»، كان حفل «عود وجاز»، بالتعاون مع فرقة «أفرولاتين» الأميركية، حيث مزجنا العزف العربي بالغربي. كما كان لي شرف المشاركة في حفل «ليلة الفارابي»، المخصص لآلة القانون. أما عالمياً، فقد شاركت في حفل توقيع اتفاقية بين الإمارات وأوزبكستان، وهي أول مشاركة لي خارج الدولة في العزف.
ماذا عن تجربتك في التمثيل والغناء؟
في مجال المسرح، حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان أصيلة بالمغرب، كما مثلت الإمارات في ملتقى أطفال العرب للبيئة بالأردن، وشاركت في عدد من العروض المسرحية، وحصدت جوائز عدة بالتمثيل. أما في مجال الغناء، فقد حصلت على جوائز محلية عدة.
أثر.. وتأثير
كيف أثر عزف «القانون» في حياتك؟
آلة القانون نالت اسمها من صفتها، فقد سُمّيت بهذا الاسم؛ لأنها قانون التخت الشرقي، فهي القائد، والعزف عليها يجعلني أشعر بأنني قائدة. لو عدنا قليلاً إلى الوراء، فقد انتسبت إلى أكاديمية «ذاتي»؛ لأصبح قيادية في النهاية، وأتمتع أنا والآلة بالشخصية نفسها (الشخصية القيادية، التي أجدها في «القانون»). كما أن العزف على «القانون» غير مقيّد بمقام معين كبقية الآلات الموسيقية، لذلك أستطيع عزف كل ما يخطر ببالي، وعدم التقيّد هذا يمثّل شخصيتي كذلك، فأنا أحب أن أكون حرة ومرنة، وهذا منعكسٌ على عملي، لأنني لا أكتفي بتصميم البرامج الموسيقية، إذ أتوسع في الأمر؛ لتصميم برامج تشمل كل شيء، وهذا أيضاً يميز هذه الآلة، ويجعلني أحبها كثيراً، فرغم كبر حجمها وثقلها، إلا أنني أحملها بحب، في جميع الفعاليات التي أشارك بها.