شهدت منصات الموضة العالمية تصاميم عصرية، مستوحاة من العباية، فجاءت بلمسات تعكس التوازن المثالي بين الأصالة والحداثة. في ما يلي، تتناول «زهرة الخليج» أهم ملامح التجديد، التي ابتكرها المصممون، ونجاحها في تقديم تجربة بصرية ثرية بتفاصيل تفيض احتشاماً ووقاراً، خاصة أن العباية ظلت - خلال رحلة تطورها الحافلة بالتحولات - رمزاً من رموز الفخر الوطني، وعصب النسيج الثقافي والاجتماعي؛ فهي تجسد العادات والتقاليد، وتعبّر عن خصوصية المرأة الإماراتية العصرية، التي تجمع بين احترام التراث والاعتزاز بالهوية من جهة، والتطلع نحو الحداثة والأناقة من جهة أخرى.
لوحات فنية
انطلاقاً من رغبة المصممين في دمج التراث بالحداثة، رحبت العباية ببعض سمات التجديد الابتكاري، دون التخلي عن جذورها. ولعل أبرز مظاهر تطورها استيعابها بعض عناصر الأزياء الغربية، مثل: الياقات والجيوب والسحابات، والتنوع في الألوان والخامات؛ فلم تعد العباية تقتصر على اللون الأسود فقط، كما امتدت أقمشتها؛ لتشمل إلى جانب الحرير الطبيعي، والساتان: الشيفون، والدانتيل، والأورغانزا، وحتى القطن، والكتان، والجلد، والصوف؛ لتلائم الأعمار والمناسبات كافة. وإمعاناً في مواكبة الموضة؛ أصبحت التصاميم لوحة تصويرية فنية قابلة للارتداء، تزهو بطبعات عدة، من الأزهار الناعمة، إلى الأنماط الجيومترية أو الهندسية، ما يضفي عليها طابعاً عصرياً، تحفه الأناقة والجاذبية.
العباية.. و«التفكيكية»
بــــدأ تيـــــار «الـديـكـونـســــتـركـتـفـــزم» (Deconstructivism) أو «التفكيكية»، كحركة معمارية، في ثمانينيات القرن العشرين، بقيادة معماريين، منهم: فرانك جيري وزها حديد، ثم امتد تأثيره إلى الفن والتصميم، وحتى الأزياء، ولم تسلم منه الأثواب المستوحاة من العباية، فقد رأينا قصاتها غير المتماثلة، ما يكسر التوازن المألوف، ويضفي عليها شيئاً من الغموض، بالإضافة إلى التلاعب بالنسب والأحجام، فالأكتاف عريضة، والخصر صغير، والأكمام مشقوقة وبالغة الطول، ثم اعتماد مبدأ تمزيق الأقمشة، وإعادة تجميعها بطرق سريالية لافتة. كذلك برز الاتجاه نحو الطبقات غير المتوازنة، كارتداء قطع عدة فوق بعضها بأطوال مختلفة، كأن تصبح العباية معطفاً يتم ارتداؤه أعلى الفستان أو البنطلون، ما يكسب الإطلالة، بأكملها، حساً تفكيكياً حداثياً.
مثالية للسهرات
تفنن المصممون في إضفاء لمساتهم على التصاميم المستوحاة من العباية؛ لتصبح مناسبة للسهرات، كما الخروجات الصباحية، فأدخلوا عليها التطريزات والزخارف، لاسيما الذهبية أو الفضية حول الأكمام، وكسوها - بأكملها - بفصوص الستراس البراقة، أو بخيوط من ريش الموهير، ما عزز فخامتها ونعومتها، وأبدعوا في تطعيمها بـ«الكيب» (Cape) الملكي المنسدل على الكتفين، وبالأكمام اللافتة، كالمنفوشة والدائرية، وطبقات الشــــيفون البليسيه ذي الطيــــــات، والإكسسوارات، لاســـــــيما الأحزمة الرفيعة، والأزرار الكبيرة. وأمعنوا في الإقبال على التصاميم المحددة للخصر، بدلاً من القصات التقليدية الفضفاضة، ما يجعلها أشبه بفستان سهرة، بروح عربية أصيلة.