يتمنى الأشخاص، الذين يستهلكون معظم أوقاتهم في العمل، الحصول على يوم للراحة، يبتعدون فيه عن ضجيج المسؤوليات، وطلبات إنجاز الأعمال المتكررة، خاصة الذين يعملون بوظيفتين، وربما أكثر، سعياً لتوفير متطلبات الحياة.
لكن الأمر، على ما يبدو، لا يتعلق بضرورة الحصول على استراحة، بقدر ما يجب توجيه هذه الاستراحة نحو شيء نافع، يعود بالفائدة على صحة الإنسان، وهو ما يشير إليه تقرير نفسي، نشرته صحيفة «ميرور»، البريطانية، يطلب فيه أخصائيو الصحة النفسية، بجامعة أكسفورد، من العاملين تخصيص يوم للتعافي من المسؤوليات الكثيرة، على أن يكون هذا اليوم موجهاً للحصول على تعافٍ نفسي، وليس فقط للانخراط في النوم، أو تلبية متطلبات العائلة.
تقوم فكرة تخصيص يوم للتعافي، على ضرورة الإيمان بأن الصحة النفسية ليست رفاهية، يلجأ إليها البعض للتخلص من همومهم، بل تقوم على فكرة مواجهة التحديات النفسية اليومية، التي تواجه الموظف بشكل دائم في مكان عمله ومحيطه، للوصول إلى تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية.
ويمكن، خلال هذا اليوم، تقسيم الساعات بين راحة الجسم، والقيام بالتمارين الرياضية، والقيام بممارسة الهوايات المؤجلة، بهدف صفاء الذهن؛ لإبعاد فكرة الاحتراق الوظيفي نتيجة ضغوط العمل المستمرة، حيث يمكن حينها مواجهة تحديات العمل بذهن صافٍ.
كما يعيد يوم التعافي شحن الطاقة، جسمانياً ونفسياً، ويجعل الشخص مقبلاً على العمل، وأكثر انسجاماً مع الزملاء، حيث إن الإجهاد المزمن سيؤثر بكل تأكيد في التركيز أثناء العمل، ويؤثر على كمية الإنجاز، والقدرة على التفكير بشكل سليم ومنظم ومؤثر.
وتتطلب مهمات العمل، عادة، لتحقيقها وإنجازها بشكل صحيح، أن يكون الذهن متقداً، ولا يتحقق ذلك إلا بالحصول على فرصة للتعافي الجسدي والعقلي، وهو أمر مهم في تعزيز الإبداع وحل المشكلات، كما يبعد خطر الإصابة بالأمراض المتوقعة، مثل: ارتفاع ضغط الدم، والإجهاد.
ومن أهم الطرق الواجب اتباعها، عند تخصيص يوم للتعافي، الابتعاد بداية عن كل المؤثرات التي تجعلك مشغولاً عن راحة العقل والجسم، ومن أبرزها: الابتعاد عن التكنولوجيا، ومنصات التواصل الاجتماعي، بهدف توفير مساحة من الراحة النفسية، واستبدال الانشغال بالتكنولوجيا بالتواصل مع العائلة والأصدقاء، والقيام بنشاط مشترك.
ويمكن، كذلك، ممارسة الأنشطة الرياضية والتجول بالهواء الطلق؛ إذا كان الجو مناسباً، بهدف رؤية الفضاء المفتوح، والتمتع بالمناظر الطبيعة، مثل: الأشجار والورود والجبال والبحر إن وجدت، فالهدف دائماً هو كسر الروتين.
ولا شك في أن تخصيص يوم للتعافي، قد يكون رفاهية زائدة عن الحد، عند الذين لديهم عمل بشكل يومي، لتحقيق مستلزماتهم اليومية تجاه أنفسهم وعائلاتهم. لذا، يمكنهم السعي لفصل حياتهم العملية عن العائلية، من خلال استثمار استراحة الغداء أثناء العمل بالمشي لعدة دقائق، حتى لا يظل الشخص حبيس طاولة المكتب، وعدم مراجعة مهمات العمل، بعد الانتهاء منه حتى صباح اليوم التالي، والبحث عن هواية ملائمة تشغلك في أوقات الاستراحة، حتى لا يبقى عقلك مشغولاً بالعمل.