شهد معرض «داون تاون ديزاين 2024» تعاوناً بين «فيناسي» (Finasi) العلامة الرائدة في مجال التجهيزات والنجارة والديكورات الداخلية المصممة وفق الطلب، و«كابيليني» (Cappellini) رائدة الأثاث الإيطالية الشهيرة، فقدمتا معاً تصميم «ليفينغ لاونغ لوفت»، الذي يدمج حلول المطبخ، ومساحات التخزين مع تصاميم أثاث «كابيليني» المعاصرة، في بيئة ديناميكية متداخلة، ومتعددة الوظائف، ومرنة، وذات ذوق تصميمي خاص، ما يعبر - بالتالي - عن مستقبل تصميم المنازل.. وبهذه المناسبة، تحاور «زهرة الخليج» جوليو كابيليني، مؤسس علامة «كابيليني»، والمدير الفني في معهد «مارانغوني»، والحائز جائزة «Compasso d’Oro Career»، والذي يجدد نفسه - باستمرار - من خلال تقديم مراجعته الشخصية للتصميم المعاصر، والمشهور أيضاً باعتباره «مستكشفاً للمواهب» في مجال التصميم:
كيف تضفي طابعاً شخصياً، وعاطفياً، على تصاميمك؟
العاطفة تلعب دوراً حاسماً في التصميم، ومع أنه من الضروري تقديم منتجات وظيفية وممتعة من الناحية الجمالية، فمن المهم - بالقدر نفسه - أن تتواصل مع الناس على المستوى العاطفي. ولا ينبغي للمنتج المصمم جيداً أن يخدم غرضاً واحداً فحسب، بل يجب أن يترك أيضاً انطباعاً دائماً، لأنه سيصبح جزءاً من حياتك، وسيبقى في منزلك لسنوات قادمة.
ما الصفات، التي تبحث عنها في المصممين الناشئين، وكيف تساعدهم في تنمية إمكاناتهم؟
طوال مسيرتي المهنية، أتيحت لي الفرصة لمقابلة العديد من المصممين الشباب الموهوبين، وغالباً عندما يكونون غير معروفين. إنني لا أتبع صيغة واحدة؛ لتحديد المواهب الناشئة، ففي بعض الأحيان يكون ذلك من خلال محادثة، وفي أخرى من خلال نموذج أولي، أو حتى رسم تخطيطي. تهمني أكثر الإمكانات والأصالة التي أراها في عملهم، وبمجرد أن أدركها، أتعاون معهم، ولا أفرض احتياجات محددة، كتصميم طاولة أو كرسي أو أريكة، وإنما أشجعهم على استكشاف «كتالوغ Cappellini»، وتقديم شيء يتناسب - بشكل طبيعي - مع جماليات، وقيم العلامة التجارية.
أخبرنا عن الإمكانات الناشئة، التي تؤثر في صناعة التصميم!
اليوم، لدينا القدرة على الوصول إلى أنظمة إنتاج متقدمة، وتقنيات جديدة، ومواد مبتكرة، تفتح إمكانيات لم تكن متاحة في الماضي. على سبيل المثال، في «كتالوغ Cappellini»، قمنا بإعادة إصدار مشاريع، مثل كرسي «Tube Chair»، من تصميم «Joe Colombo». في الأصل، كان هذا التصميم مجرد نموذج أولي من سبعينيات القرن العشرين؛ لأن المواد والتقنيات في ذلك الوقت لم تكن قادرة على دعم إنتاجه. لكن مع التطورات، التي شهدناها اليوم، أصبحت لدينا الآن القدرة على إحيائه، وهذا مجرد مثال على كيفية قيام المواد والتقنيات الجديدة بتوسيع حدود ما هو ممكن في التصميم.
حصولك على جائزة مرموقة كيف يؤثر في رؤيتك المستقبلية؟
كان حصولي على جائزة «Compasso d’Oro Career Award» لحظة مهمة بالنسبة لي، فقد عززت أيضاً التزامي بمستقبل التصميم. بالنسبة لـ«كابيليني»، من الأهمية الاستمرار في التطور، مع الوفاء لهويتها كعلامة تجارية معاصرة. وللحفاظ على أهميتها، يجب أن نركز على الابتكار المستمر، ليس فقط من حيث التصميم والشكل، ولكن أيضاً من ناحية المواد والتكنولوجيا وطرق الإنتاج. فالابتكار هو المفتاح للبقاء في طليعة عالم التصميم، وهذا ما سيقود المشاريع المستقبلية.
ما الذي تأمل غرسه في الجيل القادم من المصممين.. بمحاضراتك، وكمدير فني؟
دوري كمدير فني، وكسفير لمعهد «مارانغوني»، مهم للغاية بالنسبة لي، لأنه يسمح لي بالتواصل مع المصممين الشباب والطلاب من جميع أنحاء العالم. أنا شغوف بتنظيم مسابقات التصميم، والعمل عن كثب مع الطلاب؛ لأنها طريقة رائعة؛ لتعزيز الإبداع والتعاون؛ فهذه التفاعلات ملهمة بشكل متبادل، فيمكننا أن نتعلم منهم بقدر ما يتعلمون منا.. إنها طريقة مجزية؛ لدعم وتشكيل مستقبل التصميم.
شراكة جديدة
ما الذي دفعك إلى التعاون مع «Finasi»، وما المشترك بينكما؟
التعاون مع «Finasi» شراكة جديدة ومثيرة، تتمتع بإمكانات كبيرة للنجاح، وهناك أسباب عدة دفعتني إلى ذلك، منها: أولاً: السوق في الإمارات متقبل للغاية للتصميم المعاصر، ما يوفر فرصاً فريدة للنجاح. ثانياً: لدينا، أنا و«Finasi»، رؤية مشتركة، فكلانا ملتزم - بشدة - بالتصميم المعاصر، وأهمية الجودة. وهذه هي اللحظة المثالية لترويج مجموعة «Cappellini» هنا، خاصة مع شريك قوي ومُقدّر محلياً مثل «Finasi».
كيف يعكس «Living Lounge Loft» فلسفة «Cappellini» في التصميم المعاصر؟
يجسد «Living Lounge Loft» فلسفة «Cappellini» في التصميم المعاصر بشكل مثالي. فهو يعرض مزيجاً منتقى من منتجاتنا، صممته بالتعاون مع مجموعة من المصممين، منهم: Alessandro Mendini، وJasper Morrison، وPatricia Urquiola، وFabio Novembre. ويتمثل هذا المفهوم في تسليط الضوء على الطبيعة المتعددة الثقافات لمجموعة «Cappellini»، وإظهار كيف يمكن للمنتجات المختلفة، التي ابتكرها مصممون مختلفون، أن تشكل معاً بيئة متماسكة وشخصية. فـ«Cappellini» شركة متعددة الثقافات، تتحدث العديد من لغات التصميم، ما يسمح للعملاء بتكييف منتجاتنا لتناسب رؤيتهم الفريدة. في عالم اليوم، لا يتعلق الاتجاه الحقيقي باتباع الأنماط الجامدة، بل يتعلق بالحرية في المزج والمطابقة، سواء كانت منتجات من مصممين مختلفين، أو شركات مختلفة، أو أجزاء مختلفة من العالم. ويعكس هذا التحول من الماضي، حيث سعى الناس إلى تحقيق نهج أكثر فردية، ليعكس منزلهم هويتهم.
ماذا عن اختيار أثاث هذا التركيب، وكيف اعتمدتم القطع الأنسب؟
العملية الإبداعية وراء هذا الاختيار دارت حول مزج لغات التصميم المختلفة. فعلى سبيل المثال، جمعنا بين الأشكال العضوية للأخوين «بوروليك»، اللذين صمما «الممر المقنطر»، الذي يشكله رف الكتب السحابي؛ والنهج البسيط لجاسبر موريسون، الذي صمم نظام المقاعد المركب «أوبلنغ بلاس»؛ والأسلوب الانتقائي لأليساندرو مينديني مع قطعة رئيسية مثل كرسي «بروست جيومتريكا» ذي الذراعين، وما يتضمنه من لمسة فنية، وخزانة «شيرو كوراماتا» الدوارة، وهي قطعة تخزين منحوتة، تحتوي على 20 درجاً دوّاراً من الأكريليك الأحمر اللامع، الذي يمنح طابعاً عملياً مرحاً. كان الهدف هو عرض النطاق المتنوع من الأساليب التي تحدد نهج «كابيليني». وبصفتي مديراً فنياً، فإن دوري هو صنع سَرْد متماسك يربط بين هذه الأساليب المتنوعة، فيضمن أن تكمل كل قطعة الأخرى مع الحفاظ على هويتها. وما يجعل مجموعتنا فريدة، هو قدرتها على دمج فلسفات التصميم المختلفة بسلاسة في مفهوم موحد واحد.
عملية.. وفخامة
كيف يدفع هذا التعاون حدود العملية والفخامة في تصميم المنزل؟
في هذا التعاون، أعتقد أن المفتاح هو إيجاد التوازن الصحيح بين الجمال والعملية. هناك اعتقاد خاطئ شائع بأن المنتج الجميل لا يمكن أن يكون وظيفياً وعملياً أيضاً. ويكمن التحدي في إنشاء تصاميم تتفوق في كلا المجالين. فعندما نطور منتجات جديدة، نهدف إلى صنع شيء مذهل بصرياً، وغالباً يكون تحسيناً لما فعلناه في الماضي، مع ضمان بقائه وظيفياً وعملياً للغاية، والهدف هو دفع حدود الفخامة، وسهولة الاستخدام اليومي.
أخبرنا بالمزيد عن إمكانيات التخصيص، التي تتيحها هذه المجموعة!
التخصيص مبدأ أساسي في «Cappellini»، وهو شيء نؤكده في «Living Lounge Loft». وتقدم المجموعة عدداً من المنتجات، التي يمكن تعديل العديد منها بسهولة؛ لتناسب الأذواق كافة. وسواء تعلق الأمر بتغيير التنجيد، أو اختيار أقمشة مختلفة، أو حتى تغيير تشطيب مواد، كالرخام أو الخشب، فإن التخصيص يسمح لكل قطعة باكتساب شخصية جديدة تماماً. وهذه المرونة عنصر أساسي في فلسفة التصميم لدينا، وتمنح العملاء فرصة إنشاء مساحات فريدة ومخصصة، من خلال مزج ومطابقة عناصر مختلفة من مجموعة «Cappellini».
ماذا عن التعليقات، التي سمعتها من زوار المعرض عن هذا التركيب، وما الدور الذي يلعبه التفاعل مع الجمهور؟
كانت التعليقات التي تلقيناها من الزوار إيجابية للغاية؛ فقد استحوذ بعض المنتجات، مثل كرسي «Proust Armchair»، من تصميم Alessandro Mendini، على قدر كبير من الاهتمام. بالنسبة لي، كل قطعة في المجموعة، سواء كانت تصميماً بسيطاً، أو قطعة جريئة - لها قيمة متساوية ضمن مجموعة «Cappellini». والمفتاح، كما هي الحال دائماً، تحقيق التوازن بين هذه المنتجات. إن تفاعل الجمهور أمر ضروري، لأنه يساعدنا على فهم كيفية ارتباط الناس بالتصاميم، وما يتردد صداه معهم، وهو أمر قيم دائماً في تشكيل المشاريع المستقبلية.
ما الجماليات المحلية، التي تجدها متوافقة مع فلسفة تصميم «كابيليني»؟
في الماضي، ربما كان من الصعب تقديم «كابيليني» في هذا الجزء من العالم؛ بسبب النهج الطليعي للعلامة التجارية. والتوقيت اليوم مثالي؛ فقد أصبحت الإمارات مركزاً متعدد الثقافات، ونابضاً بالابتكار والتصميم، والناس، هنا، منفتحون على الأفكار الجديدة، والتصاميم المعاصرة؛ لهذا أعتقد أن هناك مستقبلاً واعداً للغاية لمجموعة «كابيليني» في سوق الشرق الأوسط.
ما نصيحتك للمصممين الشباب في الشرق الأوسط؟
أنصحهم بالتركيز على ابتكار عدد أقل من القطع بجودة عالية؛ لأن الأمر لا يتعلق بكمية المنتجات بل بجودتها. في سوق مثل الإمارات، يعد الاهتمام بالتفاصيل والحرفية أمراً أساسياً؛ لذلك أقول، دائماً، للمصممين الشباب والطلاب: «إذا ركزتم على الجودة؛ فسيلاحظ الناس ذلك». ومن المهم - بالقدر نفسه - طريقة ترويج عملك؛ فابتكار منتج رائع هو الخطوة الأولى؛ والطريقة التي تقدمه بها يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً. ومن المهم، أيضاً، متابعة المشروع عن كثب، من الفكرة الأولى، وحتى التنفيذ النهائي، وتأكد من أن عملك يبرز، ليس فقط في التصميم، ولكن في كيفية توصيله.