سارة التميمي: سأتعمق في صناعة المنتجات الجلدية
سارة التميمي، مصممة من «طينة مختلفة»، فهي صغيرة العائلة، ومستشارة لشقيقاتها الثلاث في شؤون الموضة والمظهر منذ نعومة أظافرها. كما أنها دقيقة في خياراتها، وتهوى الكمال، وتسعى إليه. كذلك، هي ريادية بكل ما للكلمة من معنى، فقد حققت - في غضون سنوات قليلة - خطوات متقدمة جداً، عززت حضورها العالمي. درست سارة «إدارة الأعمال»، وتصميم الأزياء، وأسست علامتها «Sara Tamimi» عام 2019؛ لتلتزم - لاحقاً - في عمليتها الإبداعية بممارسات الاستدامة، وعينها دائماً على أعلى معايير الجودة. وسارة، التي ترى أن نهج الاستدامة ممكن التحقيق، تحدثنا في هذا الحوار الممتع عن رؤيتها، ومشاريعها الحالية، المتعلقة بتصميم الأحذية المصنوعة من جلد السلمون، وغيرها الكثير:
-
سارة التميمي: سأتعمق في صناعة المنتجات الجلدية
أخبرينا عن ذكرياتك المبكرة في التصميم، وبداية حبك للموضة!
كنت أذهب مع أمي للتسوق منذ السادسة، فأختار ملابسي ولوازمي بنفسي. كنت دقيقة جداً، وأحب الكمال، وصعبة الإرضاء عندما تكون لديَّ صورة معينة عن شيء ما. كنت أختار الأقمشة مع أمي، وأذهب معها إلى الخياط، وأشرح له ما أريد. عندما أنهيت التعليم الثانوي، لم تكن مدرسة التصميم خياراً؛ لأن والدي عارض الأمر. وقد أردت دراسة «الهندسة المعمارية»، لأنها تتضمن التصميم، لكنها لم تكن متوفرة في أبوظبي وقتها، فكان ينبغي عليَّ الذهاب إلى الشارقة، ولم يكن ذلك متاحاً أيضاً؛ لأنه عليَّ الدراسة في أبوظبي؛ لهذا انتسبت إلى «السوربون»، ودرست «البيزنس». وعندما انتهيت درست «الفاشن» لمدة سنة في إسمود بدبي، وبعدما انتهيت بأشهر بدأت التحضير لإطلاق مشروعي الخاص، وبعدها التحضير لمجموعة الأزياء الأولى. وجدت أن هناك الكثير من الهدر والمخلفات، والكثير من نفايات البصمة الكربونية؛ فشعرت بأنه ينبغي عليَّ فعل شيء؛ للحفاظ على البيئة والمستقبل. على الفَوْر، بدأت في التشكيلة الثانية، وتعاونت مع مستشارة بيئية لمدة 10 أشهر، فعلمتني الكثير عن الاستدامة، ومن هناك صرنا ننتهج الاستدامة. وأثناء جائحة «كوفيد - 19»، والإغلاق التام، حصلت - بالصدفة - على جلد السلمون، وأنواع أخرى من الجلد والأقمشة، مثل: الموز، والأناناس، وجلد الصبار، وجلد الفطر، وجلد سمك الـ«pirarucu»، وكلها مصبوغة طبيعياً؛ لأن الصبغ من الأمور السيئة؛ لاختلاطه بكل شيء (الماء، والهواء، واختراق الجلد)؛ فركزنا على الصباغة، واعتبرناها أولوية، وأيضاً على خلو التشكيلة من البوليستر.
أحذية «السلمون»
متى استخدمت جلد السلمون في أحذيتك، وكيف طورت هذه الفكرة الفريدة؟
كنت أزور الكثير من المعارض في باريس؛ للاطلاع على كل جديد في هذه الصناعة؛ لتطوير أعمالنا. وبسبب «الجائحة» بحثت (أونلاين)؛ فوجدت بدائل الجلد، ومنها جلد السلمون، وهو جيد للبيئة، ويستخدم بعد معالجته بطريقة مستدامة، تتم في البرازيل.
هل هناك شركات تصنّع جلد السلمون في الإمارات؟
ليس بَعْدُ، ولكن توجد شركات خاصة بجلد الجمل، لكنه سميك جداً، ويصلح أكثر للحقائب، وليس للأحذية، أو الأزياء. خاطبت أكثر من جهة، منذ فترة، لإفادتها بأن هناك تطورات كبيرة في هذا السياق، ومنها - على سبيل المثال - نواة التمر، ويمكن الحصول على صبغة منها بلون الـ«taupe». بالإضافة إلى جذوع النخيل، ومن أجزاء أخرى منها يمكن الحصول على نوع من الأقمشة. لكن لا يوجد طلب هنا لبدء مشاريع كهذه؛ وأتمنى حدوث ذلك مستقبلاً؛ لأنني أرغب في مصادر محلية؛ ولا أساوم أبداً على الجودة في أي شيء.
هل تستخدمين جلد السلمون في تصنيع الألبسة أيضاً؟
صممت قطعة مصنوعة من جلد السلمون، لكنه يبدو ثابتاً على الجسم، وليس طيّعاً؛ فأفضله في الإكسسوارات أكثر من الملابس.
حدثينا عن مميزات جلد السلمون في الأحذية!
جلد السلمون يشبه جلد الثعبان، وهو متين جداً، على خلاف الاعتقاد السائد، ومصبوغ بألوان من مكونات طبيعية، لا تختفي ولا تبهت بمرور الوقت، حتى إنه يُصبغ بألوان «الميتاليك»، رغم صعوبتها.
هل تتبعين جدولاً معيناً؛ لإطلاق أحذيتك؟
لا نلتزم بجداول تقليدية، وإنما ننتج وفق الطلبات، وسأتابع ابتكار تصاميم جديدة، وقد نستمر في وجودنا بمتاجر «Alice & Olivia»، أو ستكون منتجاتنا متوفرة بشكل مباشر، أو عبر محال الجملة، ويعتمد الأمر على الطلب. في السنتين المقبلتين، سأتعمق أكثر في صناعة المنتجات الجلدية، وحقائب اليد والأحذية، لكنني سأستمر، أيضاً، في صناعة الملابس؛ لأنها شغفي الأساسي، وليس لديَّ مانع في تصميم ملابس الأطفال أيضاً. في صناعة الأحذية، أعمل مع فريق ممتاز بإسبانيا، يتفهم مدى أهمية الراحة والجودة بالنسبة لي، ومن السهل تطوير أحذية مريحة معه.
حتى الآن.. كم تصميماً طرحت من الأحذية؟
أطلقت تصميماً واحداً، بألوان وجلود مختلفة، فتتوافر قطع الأحذية بستة ألوان، وستة أنواع من الجلود.
ماذا عن التصاميم الجديدة للأحذية؟
أحضّر لتصميمين من الأحذية: الأول بالستايل نفسه، لكنه منخفض الكعب. والثاني (Pump) ولا زلت بانتظار «Alice & Olivia» لتختار من بينهما.
أين تتوفر أحذيتك؟
بجانب متاجر «Alice & Olivia» في نيويورك، تتوفر أحذيتي بالمعارض المحلية، التي نشارك فيها، وعلى الموقع الإلكتروني الخاص بي.
-
سارة التميمي: سأتعمق في صناعة المنتجات الجلدية
خيارات مكلفة
لماذا اخترتِ الجودة العالية والاستدامة، رغم صعوباتهما، ومنها الأسعار؟
لأنني مصممة شغوفة بالتصميم، وبهذه القطع، ولست سيدة أعمال؛ فسيدة الأعمال تختار الكميات الأكبر، والجودة الأقل، والموضة السريعة، والحملات التسويقية الضخمة. ولأنني أدير الشركة، وشغوفة بالتصميم والجودة والأقمشة والتصنيع، فبالتأكيد سأختار الأصعب؛ لأنني مولعة بكل هذه الأشياء، وأحب التحديات والمصاعب في التصميم، والمنتج.
ما العقبات التي واجهتك عند التزامك بالاستدامة، خلال وقتٍ لم يكن فيه السوق مستعداً لذلك تماماً؟
المصممون يستطيعون التنبؤ بمستقبل الموضة، ويعرفون ما هو على وشك أن يأتي، ولديهم حس به. وفي النهاية، أنا فقط أستمر، وأعلم أن المستقبل سيكون مستداماً، وأنه سيكون أكثر حول القطع الرخيصة، التي سيتم التخلص منها، وأنا بالفعل على وشك الذهاب إلى هناك، لأنني أراها، وأشعر بأنها الطريقة الصحيحة، وأن الأمر سينتهي إليها، وهي المكان الذي يريده الناس، ولا أعرف متى سيصلون إلى هناك، فربما خلال العامين أو السبعة أعوام القادمة.. على أية حال أنا هناك بالفعل؛ إلى أن يصبح الناس مستعدين.
حتى اليوم.. ما الذي حققته في ما يتعلق بالاستدامة؟
في التشكيلة الأولى قمت بإنتاج مسبق. وفي الثانية أنتجت فقط عندما تلقيت طلباً، ما أحدث فرقاً كبيراً من ناحية الاستدامة، فالهدر أقل، والأقمشة مستدامة، وجميعها مصبوغة طبيعياً.
أخبرينا بالمزيد عن تعاونك مع «Serapian»؛ لتصميم كبسولة حقائب!
عام 2022، طُلب مني تصميم مجموعة حقائب لدار «Serapian» الإيطالية، لأنها تود دخول سوق الشرق الأوسط، وتفضل أن يحدث ذلك من خلال «سارة تميمي»؛ لترويج اسم «Serapian». صممت حقائب باللونَيْن: الأبيض والأسود الأومبريه، الذي لم تعتمده هذه «العلامة» من قَبْلُ، وصممت لهذه الكبسولة 4 موديلات.
«أليس وأوليفيا»
ما قصة تعاونك مع «Alice & Olivia»؟
بدأت القصة في مارس من هذا العام، حيث أجرينا مناقشة خلال قمة «Forbes’ 50 Over 50» في أبوظبي، وكنت متحدثة مع ستايسي بينديت إيزنر، الرئيس التنفيذي والمدير الإبداعي لشركة «Alice & Olivia» على المسرح في جلسة واحدة. وفي تلك اللحظة، تحدثت عن علامتي التجارية، وأحذيتي، وكنت أرتدي حذائي المصنوع من جلد السلمون، فقالت لي ستايسي، مباشرة: إننا سنقوم بتخزين أحذيتك في متجرنا بالولايات المتحدة، وبعد ذلك طلبت هذه العلامة مني أحذية استغرق تصنيعها شهرين، وأرسلتها إليها لتعرضها في متاجرها. وكانت هذه أول مرة تظهر فيها علامتنا خارج دول مجلس التعاون الخليجي.
ما نصيحتك للطامحين إلى دخول صناعة الأزياء؟
أنصحهم بالتركيز على الجودة، لأنها - بحد ذاتها - أمر مستدام؛ فقطعة الأزياء ذات الجودة لا تُرمى؛ لأنها مريحة، ومناسبة، وقماشها متين، ولا يبلى بسرعة.
ما اللحظة التي تفتخرين بها، في حياتك المهنية؟
عندما صممت مجموعة كاملة مستدامة من الأزياء والأحذية، وقتها أحسست بأنني فخورة بنفسي.
-
سارة التميمي: سأتعمق في صناعة المنتجات الجلدية
هدف مستقبلي
كيف ترين «سارة تميمي» مستقبلاً، وهل تهمك المشاركة في عروض عالمية؟
لا تهمني المشاركة في عروض أسابيع الموضة، لأنني أجد أن ذلك لا يُحدث فرقاً، فهو مجرد ضجة تجاه العلامة، ونوع من التسويق، وأمر ليس حقيقياً. كل ما يعنيني أكثر أن تكون لديَّ عميلات من مختلف بلدان العالم، وأن أكون جزءاً من ثقافات مختلفة، وفي بلدان مختلفة، وبناء علاقات مباشرة معها، فهذا هدفي في المستقبل، وما سيجعلني سعيدة بعلامتي التجارية.
في الثقافة الإماراتية.. هل هناك عناصر تلفت نظرك، ويمكن أن نراها في ثنايا إبداعاتك؟
نعم، تلفت نظري حشوات الكتف، فخلال الثمانينيات بالخليج، كان هناك الكثير من وسائد الكتف، في الفساتين الطويلة مع الكم الطويل، وفي الجلابيات؛ وأجدها تلعب دوراً مهماً وتلامس ثقافتي، فأنا أحب الألوان الزاهية، وهي أيضاً جزء من الثقافة الإماراتية.
إلى أي مدى تهتمين بقطع الـ«فينتج»؟
أحبها كثيراً؛ لأنها تعبر عن أناقة الأجيال السابقة من جداتنا وأمهاتنا، اللواتي كن يظهرن بأحلى شكل، في كل أحوالهن. وقد صممت جاكيت بكمين منفوخين مع حشوات كتف، كنت قد استوحيته من جاكيت جلد لوالدتي، يعود إلى الثمانينيات. فوالدتي «فاشن فوروورد»، و«ستايلش»، فهي أنيقة ومواكبة للموضة، ودائماً أغوص في خزانتها، وبعض تصاميمي مأخوذة من قطع كلاسيكية تعود إليها.
ما المشاعر، التي يجلبها إليك عيد الاتحاد؟
هناك الكثير من الذكريات السعيدة والدافئة، التي تتبادر إلى ذهني مع اقترابنا من الثاني من ديسمبر. وتحضرني ذكرى الاحتفالات حينما كنا صغاراً، فهي أوقات سعيدة دائماً، لما فيها من أجواء احتفالية. فأنا فخورة جداً بالماضي، وبما حققته قيادتنا الرشيدة من إنجازات لهذا الوطن.. لدينا إمكانيات غير محدودة، والكثير من الأمل.