عندما أطلق تشارلز تيفاني، وجون ب.يونغ، أول متجر لعلامتهما التجارية في مدينة نيويورك عام 1837، كان تركيزهما على بيع الأدوات الفضية، والسلع الفاخرة، والهدايا المميزة، ولم يتوقعا أن اسمها سيصبح مرادفاً للفخامة والأناقة والحرفية في يوم من الأيام.
بعد سنوات عدة من إطلاق أول متجر في نيويورك، تمكن لويس كومفورت تيفاني (نجل تشارلز تيفاني) من تحويل حرفة عائلته إلى مساحة تجذب الزوار والسائحين، حتى أصبحت اليوم واحدة من أشهر دور المجوهرات الأميركية المرموقة.
بدايات دار «تيفاني آند كو» (.Tiffany & Co):
تأسست «تيفاني آند كو» عام 1837، على يد تشارلز لويس تيفاني، وجون ب. يونغ في مدينة نيويورك، وبدأت الشركة، التي كانت تسمى في البداية «تيفاني ويونغ وإيليس»، كمتجر للقرطاسية والسلع الفاخرة. وفي سنواتها الأولى، لم يكن تركيز «تيفاني» على المجوهرات؛ بل على الهدايا الفاخرة، وأدوات المائدة الفضية، وقد بنيت سمعة المتجر في البداية على بيع مواد الكتابة العالية الجودة، والساعات، وإكسسوارات المنزل. بينما كانت القيادة الثاقبة لتشارلز تيفاني مصدر تحول الشركة، لاحقاً، إلى واحدة من أبرز شركات المجوهرات في العالم.
كان أول نجاح ظاهر لـ«تيفاني» عام 1845، عندما قدمت الشركة خطها الخاص من أدوات المائدة الفضية، وأطلقت كتالوج «الكتاب الأزرق» الشهير، الذي عرض منتجاتها الفاخرة، وحقق الكتالوج نجاحاً فورياً، وأرسى الأساس لسمعة «تيفاني» كمورد للسلع الرائعة المصنوعة يدوياً، وأصبحت العبوة الزرقاء المميزة للمتجر، التي تم تقديمها في ما بعد، من أكثر جوانب العلامة التجارية شهرة، ما عزز ارتباطها بالرقي والفخامة.
بداية متواضعة.. وصعود قوي:
بعد هذا التميز الذي تمتعت به الدار العريقة، بدأت «تيفاني آند كو» تنويع عروضها وتصاميمها. ففي عام 1848، أحدثت «تيفاني» ثورة في صناعة الفضة الأميركية، من خلال تقديم الفضة الإسترلينية كمعيار للمجوهرات والأواني الفضية. قبل ذلك، اعتمدت صناعة الفضة على الفضة ذات الدرجة الأدنى، لكن إصرار «تيفاني» على المعدن الأعلى جودة؛ كان بمثابة نقطة تحول للشركة وللحرفية الأميركية في صناعة الفضة.
وفي عام 1867، حصلت «تيفاني آند كو» على تقدير مرموق في معرض باريس العالمي، حيث فازت بجائزة كبرى لحرفيتها المتميزة. وساعد هذا التقدير الدولي في ترسيخ مكانة «تيفاني» كعلامة تجارية محترمة في أوروبا وخارجها، وخلال هذه الفترة، وسعت الشركة أيضاً عملياتها، وافتتحت فروعاً في المدن الكبرى بجميع أنحاء الولايات المتحدة وخارجها، خاصة في لندن وباريس.
كانت إحدى أهم مساهمات «تيفاني» في عالم المجوهرات عام 1886، بابتكار خاتم الخطوبة الشهير «Tiffany Setting». تميز تصميم خاتم الخطوبة الثوري هذا بإطار بـ6 رؤوس يرفع الألماسة فوق الشريط، ما يسمح بمرور المزيد من الضوء عبر الحجر، ويعزز بريقه. ومنذ ذلك الحين، أصبح «Tiffany Setting» المعيار الذهبي لخواتم الخطوبة، ولا يزال تستخدمه الشركة حتى يومنا هذا.
زيادة ازدهار «تيفاني آند كو» مع التصاميم الأيقونية:
مع بداية القرن العشرين، استمرت «تيفاني آند كو» في التطور والتوسع فنياً وتجارياً، واجتذبت الشركة بعضاً من أكثر المصممين موهبة في ذلك العصر، ومنهم جان شلومبرجر، الذي انضم إلى «تيفاني» عام 1956، وجلب رؤيته الفنية الفريدة إلى العلامة التجارية.
وأصبحت تصميمات شلومبرجر الجريئة والمبتكرة، المستوحاة من الطبيعة، من أكثر القطع المرغوبة في تاريخ «تيفاني». على سبيل المثال، يُعد دبوس «Bird on a Rock» الشهير الذي صممه، مثالاً على الروح المرحة والخيالية التي غرسها في عمله.
وفي الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، اكتسبت «تيفاني» شهرة دولية؛ لتعاونها مع فنانين ومصممين مشهورين، حيث عملت الشركة مع شخصيات مرموقة، مثل: فرانك لويد رايت، ومصممة المجوهرات الإيطالية الشهيرة إلسا بيريتي، التي أحدثت تصميماتها الأنيقة والحديثة ثورة في عالم المجوهرات الفاخرة، وأصبحت تصميمات «بيريتي» مثل: مجموعة «Bone Cuff»، و«Open Heart» الشهيرة، متميزة للغاية، ولا تزال من العناصر الأساسية لمجموعات «تيفاني».
من أبرز علامات التميز والتفرد في مجموعات «تيفاني آند كو»، استخدام الأحجار الكريمة الفريدة. ففي الستينيات، كان للشركة دور في نشر الأحجار الكريمة الملونة بالمجوهرات الراقية، وعرضت الألماس، والياقوت، والياقوت الأحمر والزمرد في تصميمات مُذهلة، وكانت جماليات العلامة التجارية متنوعة بقدر تنوع قاعدة عملائها، فقد جذبت الأذواق التقليدية والحساسيات الأكثر معاصرة.
«تيفاني» في العصر الحديث.. علامة تجارية عالمية فاخرة:
مع دخول «تيفاني آند كو» أواخر القرن العشرين، وأوائل الحادي والعشرين، رسخت مكانتها كعلامة تجارية عالمية فاخرة. ووسعت الشركة نطاق وصولها إلى أسواق جديدة، خاصة آسيا، واستمرت في الابتكار من خلال مجموعات جديدة، وتأييد المشاهير.
وازداد ارتباط «تيفاني آند كو» بالمجتمع الراقي وهوليوود قوةً، حيث أصبحت الشركة جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الشعبية، وأثر فيلم «Breakfast at Tiffany's» لعام 1961، من بطولة أودري هيبورن، في ترسيخ مكانة «تيفاني» كرمز للتألق والرقي، وقد استحوذ تصوير هيبورن للشخصية الأيقونية «هولي غولايتلي» مرتدية عقد «تيفاني» الألماسي المذهل، على خيال الملايين.
وفي عام 2000، شرعت «تيفاني آند كو» في سلسلة من الخطوات الجريئة؛ لتوسيع علامتها التجارية، بما في ذلك غزوها عالم الموضة ومنتجات نمط الحياة، فقد افتتحت متاجر رئيسية في مدن عالمية، مثل: طوكيو وباريس ولندن، وأعادت تعريف ما يعنيه أن تكون علامة تجارية للمجوهرات الفاخرة في العالم الحديث.
وفي عام 2021، تصدرت «تيفاني» عناوين الأخبار بعد أن استحوذ عليها تكتل شركات السلع الفاخرة الفرنسية LVMH (Moët Hennessy Louis Vuitton)، وعززت هذه الخطوة مكانة «تيفاني» في سوق السلع الفاخرة العالمية، ما مكن الشركة من الاستفادة من موارد «LVMH» الهائلة، وحضورها الدولي مع الحفاظ على هويتها التجارية المستقلة.
ألقي نظرة على بعض أنماط المجوهرات واللحظات الرئيسية، التي اشتهرت بها «تيفاني آند كو»:
عام 1956، انضم المصمم الأسطوري، جان شلومبرجر، إلى دار المجوهرات كمصمم رئيسي، وقدم مجموعة ساحرة وخالدة من التصاميم إلى الدار الأميركية، التي ظلت محتفظة بجاذبيتها ورقتها حتى اليوم، ومنها: الأساور، ودبابيس «Bird On A Rock».
في عام 1974، انضمت مصممة المجوهرات، إلسا بيريتي، إلى «تيفاني آند كو»، حيث قدمت إطلالة تعكس اتجاهات «البوهيمية» في ذلك الوقت، وأيضاً قدمت مجموعة خالدة من المجوهرات منها قلادة «Elsa Peretti Bean».
عام 1980، أطلقت مصممة الأزياء والفنانة، بالوما بيكاسو، مجموعتها الأولى مع «تيفاني» (Paloma's Studio collection)، التي تتميز بمجوهراتها الأنيقة، وألوانها الساحرة، لتصبح واحدة من أجرأ مجموعات الدار.
بين عامَيْ 1980-2009: ترك مدير التصميم جون لورينغ، بصمة دائمة على المظهر العام، والشعور بالعلامة التجارية، ومجموعات المجوهرات الخاصة بها، خاصة ساعة «أطلس» الكلاسيكية التي تتمتع باستمرارية، ونجاح مُذهل، حتى هذا اليوم.
في عام 2014: أطلقت سوار «Tiffany & Co. Tiffany T Square Bracelet» الشهير، الذي أحدث ثورة في عالم الأساور المُكدسة، وأصبح من العلامات المميزة للدار.