تعتبر دولة الإمارات نموذجاً رائداً في تمكين المرأة بالمجالات كافة، لا سيما بالقطاع الصحي، الذي شهد بروز العديد من الشخصيات النسائية المتميزة، ومن بين هؤلاء الدكتورة فريدة الحوسني، أول إماراتية تترأس المجموعة الاستشارية لإطار عمل التأهب لجائحة الإنفلونزا في منظمة الصحة العالمية، إلى جانب أنها رائدة في القيادة والتخطيط الاستراتيجي والابتكارات الصحية وعلم الأوبئة في الدولة، وخبيرة بالصحة العامة والأمراض المعدية والاستعداد للطوارئ.. في هذا اللقاء مع مجلة «زهرة الخليج»، تتحدث الدكتورة الإماراتية عن مسيرتها الملهمة، وإنجازاتها:

بدايةً.. كيف طورت مهاراتكِ في مجال الابتكار، وماذا عن أبرز إنجازاتكِ في هذا المجال؟

كانت للابتكار أهمية خاصة في مسيرتي المهنية، وساعدني حصولي على دبلوم في الابتكار بالقطاع العام من جامعة كامبريدج، وكذلك من مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، على تعزيز ارتباطي بمجتمع الابتكار، وتبادل الأفكار معه. وخلال مسيرتي، طورت برنامجاً إلكترونياً للتبليغ عن الأمراض المعدية، وأحدثت نقلة نوعية في برنامج فحص الإقامة والشهادات الإلكترونية بأبوظبي، بالإضافة إلى برنامج خاص للتعامل مع مرض السل. كما حصلت على جائزة الابتكار مع الفريق، الذي عمل على تطوير نظام التنبؤ بالجائحة، خلال «إكسبو 2020»، في ظل جائحة «كورونا».

جودة الحياة

إلى أي مدى تعتمد دولة الإمارات على الابتكار؛ لتحسين جودة الخدمات الصحية؟

يحظى الابتكار في القطاع الصحي بأهمية كبرى؛ لذلك تسعى المجتمعات المتقدمة إلى وضع نظام صحي، يستند إلى أفضل المعايير العالمية، ويعزز جودة الحياة. ويعد الابتكار جزءاً لا يتجزأ من منظومة الرعاية الصحية في دولة الإمارات. ولدينا تطوير وتحسين متواصلان للخدمات الصحية وفقاً للحاجة، إضافة إلى العلاج والتشخيص في القطاع الصحي. اليوم، الملف الإلكتروني، والربط في القطاع الصحي، يعدان ثورة نوعية، ستنقل الرعاية الصحية إلى مستوى آخر، باستخدام الذكاء الاصطناعي.

  • فريدة الحوسني: الإماراتية في طليعة «الرعاية الصحية»

كأول إماراتية تترأس المجموعة الاستشارية لإطار عمل التأهب لجائحة الإنفلونزا بمنظمة الصحة العالمية.. صفي لنا شعورك حينها، وماذا عن مهامك؟

أعتبر هذا المنصب مسؤولية عظيمة، وشرفاً كبيراً لي، وبالتأكيد أفخر به، وبمشاركة الخبراء العالميين بهذا المجال، وإتاحة الفرصة أمامي لمشاركة خبراتي بمجال الأمراض المعدية في دولة الإمارات، والمساهمة في تطوير وتحسين الجاهزية؛ لمواجهة الأوبئة على مستوى العالم. كما أعتز بكوني إماراتية، وأعبر عن امتناني العميق للدعم الكبير، الذي توليه قيادتنا الرشيدة للمرأة، ما ساعدني على تطوير خبراتي وصقلها، طوال السنوات الماضية؛ لتحصيل أعلى الدرجات العلمية في مجال الصحة العامة، والسياسات الصحية. 

في بدايتكِ بالمجال الصحي، قمتِ بخطوات سريعة وجادة، وواصلتِ مشوار التعلم، واكتساب الخبرات، فما الحافز الذي دفعكِ إلى ذلك؟ 

كان الابتكار والبحث العلمي حافزين رئيسيين لدخولي المجال الصحي، ورغم عدم وجود مراكز متخصصة في الأبحاث حينها، اخترت التخصص في «الطب الوقائي». وحصلت على درجتَي الماجستير، والدكتوراه، في الصحة العامة من كلية جونز هوبكنز بلومبرغ بالولايات المتحدة الأميركية، وماجستير آخر في الدراسات الأمنية والاستراتيجية من كلية الدفاع الوطني بالإمارات، ونشرت العديد من الأبحاث والدراسات.

بجانب دوركِ القيادي، تعملين، أيضاً، أستاذةً مشاركةً في جامعة الإمارات.. حدثينا عن تجربتكِ هذه!

بدأت التدريس في جامعة الإمارات عام 2012، وكنت حينها في طريقي للحصول على درجة الدكتوراه. كان من دواعي سروري التدريس بالجامعة التي تخرجت فيها، وقد حرصت على جعل المادة مشوقة ومفيدة للطلاب. وبفضل الله، نلت «جائزة التميز في التدريس» مرتين.

جهود إنسانية

كعضو في مجلس إدارة جمعية «رحمة» لرعاية مرضى السرطان.. كيف تساهمين في هذا المجال الإنساني؟

أفتخر بعضوية جمعية «رحمة»، انطلاقاً من حرصي الدائم على المساهمة في الجهود الإنسانية والمجتمعية. في بداية تأسيس «الجمعية»، ساهمت في تأسيس اللجنة الطبية المتخصصة، التي تقوم بدراسة الحالات المرضية، وما زلت أعمل مع مجلس الإدارة على تطوير عمل «الجمعية» بشكل مستمر، وتلبية حاجات المصابين بالسرطان.

كيف وازنتِ بين حياتكِ المهنية وواجباتكِ الأسرية.. مع خمسة أطفال؟

كان ذلك بفضل دعم زوجي العزيز، وأسرتي الكريمة. كما أبذل قصارى جهدي؛ لتحقيق التوازن، وتقديم العناية وجودة الوقت، والتواصل الفكري مع أبنائي، فهم الأغلى في حياتي، ومصدر قوتي، وسعادتي.

تقلدتِ مناصب مهمة عدة بالقطاع الصحي.. كيف ترين حضور «ابنة زايد» في هذا المجال؟

هناك قيمة كبيرة للمرأة الإماراتية بالمجالات الصحية كافة، وجهودها واضحة في هذا القطاع؛ فقد قطعت شوطاً كبيراً في مجال الرعاية الصحية، وبرزت قائدةً ومبتكرة ومقدمة رعاية متميزة في المستشفيات، ومنظمات الرعاية الصحية، إلى جانب تقديم الخدمات الطبية الأساسية كطبيبة وممرضة؛ لتقف في طليعة نظام الرعاية الصحية بالدولة، فهي لا تتفوق في الأدوار التقليدية فحسب، بل تطبع أيضاً بصماتها في مجالات متخصصة، بفضل دعم وتشجيع القيادة الرشيدة. ومن خلال مجلة «زهرة الخليج»، يسعدني أن أعرب عن فخري بالكثير من النماذج النسائية المشرفة بالقطاع الصحي.

ما أبرز الجوائز، التي حصلتِ عليها.. خلال مسيرتكِ؟

خلال مسيرتي، حصلت على كثير من الجوائز، أبرزها: «أفضل متحدث رسمي»، و«أقوى العرب»، و«المرأة العربية»، و«التميز في التدريس»، من جامعة الإمارات العربية المتحدة، عامَيْ: 2014، و2017، و«أفضل أداء أكاديمي وطني».

بمناسبة الذكرى الـ53 لعيد الاتحاد.. كيف ترين دور المرأة في مسارات التنمية كافة؟

لا شك في أن دور المرأة، كشريك قوي بمسارات التنمية كافة، يشكل محوراً رئيسياً في رؤية وتوجهات قيادتنا الرشيدة منذ تأسيس الدولة، حيث توالت المبادرات لدعمها طوال هذه المسيرة المباركة. ونحن نحتفي بعيد الاتحاد، نؤكد - بكل فخر - اعتزازنا بقيادتنا الرشيدة، وجهودها المتواصلة في مسيرة البناء والتطور، والسعي إلى توفير الحياة الكريمة لشعب الإمارات، سيراً على النهج المستدام الذي أرساه الآباء المؤسسون في بناء الإنسان؛ باعتباره الثروة الحقيقية، ورأس المال الرئيسي؛ لقيادة التطور، والنمو.