كريم معتوق: الكتابة عن الوطن «قصيدة لا تكتمل أبداً»

منذ قصيدته الأولى «الطيف الزائر»، التي كتبها خلال مرحلته «الثانوية»، في ثمانينيات القرن الماضي، وحتى حصوله على لقب «أمير الشعراء» في الموسم الأول من «البرنامج»، لم يخفت نجمه في سماء الشعر، وبين محبيه.. كريم معتوق، الشاعر الذي يأسرك بإلقائه المسرحي، وصوته العميق، وأسلوبه الذي يعكس قربه من الجمهور، يت

منذ قصيدته الأولى «الطيف الزائر»، التي كتبها خلال مرحلته «الثانوية»، في ثمانينيات القرن الماضي، وحتى حصوله على لقب «أمير الشعراء» في الموسم الأول من «البرنامج»، لم يخفت نجمه في سماء الشعر، وبين محبيه.. كريم معتوق، الشاعر الذي يأسرك بإلقائه المسرحي، وصوته العميق، وأسلوبه الذي يعكس قربه من الجمهور، يتنقل بين موضوعات تمس الإنسان، والوطن، والحياة.. في هذا اللقاء، مع «زهرة الخليج»، يشاركنا معتوق رحلته مع برنامج «أمير الشعراء»، ورؤيته تجاه العزلة والصداقة، وتفاصيل علاقته بالموسيقى، ودواوينه:

  • كريم معتوق: الكتابة عن الوطن «قصيدة لا تكتمل أبداً»

تجربة «أمير الشعراء»

كريم معتوق أول من تُوِّج بلقب «أمير الشعراء» في تاريخ المسابقة، وكان ذلك عام 2007، بعد انقطاعه لمدة سبع سنوات عن المشاركة في الندوات والأمسيات الشعرية داخل الدولة وخارجها.. ويروي هذه التجربة، قائلاً: «مسابقة (أمير الشعراء) كانت منعطفاً خاصاً في حياتي؛ لأنني كنت قد انقطعت - قبلها - عن المشاركة في الأمسيات الشعرية لمدة سبع سنوات، وانشغلت بأعمالي التجارية. وبعد انتهائي منها، عدت إلى رئاسة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات. مع انطلاقة المسابقة، رأيتها فرصة لإعادة شغل مكانتي في الساحة العربية. في البداية، كنت أتعامل مع (المسابقة) بشكل شخصي، لكنها تحولت إلى حدث قومي ووطني مع تقدم مراحلها، فكل دولة تقف وراء شاعرها، وحينما بدا لي هذا الأمر، تفرغت من عملي لأجعل كل تركيزي، ووقتي، وجهدي لها بالكامل. كنت - في البداية - ضدّ مسألة اللقب والتصويت، لما قد يسببانه من جرح للآخرين. نظرتي هذه كانت نظرة شاعر، أما الإعلامي، فله نظرة مختلفة. ومع الوقت، أدركت أهمية هذين العنصرين في إنجاح (البرنامج). فالاسم (أمير الشعراء)، والجماهيرية الكبيرة، كانا سببين رئيسيين في إنجاح الدورة الأولى. كما أن المسابقة وضعتني في موقع يتطلب مني إثبات استحقاقي اللقب، وجعلتني أتأنّى أكثر في نشر كتاباتي، نظراً للعيون الكثيرة التي تتابع نصوصي بعدها».

عزلة.. وإبداع

دائماً، نرى المبدعين يتوسطون مجموعة كبيرة من الأصدقاء، فما مدى قرب كريم معتوق منهم؟.. للشاعر نظرة خاصة تجاه الصداقة، تجعل إبداعه لا ينقطع، وعنها يقول: «لديَّ موقف خاص من الصداقة، فمن الخطأ أن يكون للمبدع صديق خالص له، فيجب أن تكون العزلة صديقته. وأن يكون لديه العديد من الأصحاب الذين ينتقيهم، ولا يكونون بذلك القرب. ليس لديَّ أصدقاء بمفهوم الصداقة المعروف، صديق الأسرار والجلسات والسفر؛ لأنها عكس العملية الإبداعية، فالإبداع بحاجة إلى عزلة؛ ولهذا - بعد (أمير الشعراء) - مارست هذه العزلة على نفسي، والآن ليس لديّ صديق خالص يرافقني في الحِلّ والترحال، ولكن لديَّ معارف كثيرة في كل مكان».

  • كريم معتوق: الكتابة عن الوطن «قصيدة لا تكتمل أبداً»

كتابات عدة

المتابع لـ«زهرة الخليج»، لا بدّ أن يكون مرّ - ولو سريعاً - على مقال كريم معتوق، الذي كان ينشره فيها، مع ومضة شعرية صغيرة، بأسلوبه الذي يتنوع بين الجاد والمضحك، ولكن علاقته بالكتابة في الإعلام سبقت هذه التجربة، وعنها يخبرنا: «بدأت الكتابة في الإعلام منذ عام 1985، وبدايتي كانت في جريدة الاتحاد، ثم جريدة الخليج، وتوقفت زمناً بعدها، وعدت مرةً أخرى من خلال مجلة كل الأسرة، ثم جريدة أخبار العرب، وكانت (زهرة الخليج) آخر مرحلة لي في هذا المجال، وهي مرحلة نضج ما بعد اللقب. كنت أكتب المقالة والشعر، في محاولة لتحبيب الناس في الشعر، وتقريبه إليهم». أما عن كتابته للقصيدة بأشكالها المتعددة، فيقول: «حينما يصل الشاعر إلى مرحلة دخول مدينة الشعر من بابها الأوسع، فإنه يكون أهلاً لتجريب ما يشاء فيها، والكتابة بأي شكل يريد. لكنني لم أستطع كتابة قصيدة النثر، وكلما حاولت ذلك، حال بيني وبينها الوزن؛ لأن الإيقاع لديَّ صاخب».

الموسيقى لغة عالمية

يمكن اعتبار معتوق قارئاً للموسيقى، وليس متذوقاً ومستمعاً لها فقط، فمن يجلس معه يجده يسترسل حينما يتحدث عن الألحان، ويقارن العربية بالغربية، ويهيم بأحد الموسيقيين دون آخر.. وعن علاقته بالإيقاع خارج الشعر، يسرد: «أحب الموسيقى أكثر من الشعر، وأجد أن هناك عبقرية في أن يضرب شخصٌ آلةً ما؛ فيُخرجَ نغمة معينة، وكيف أن تغيير حرف مكان آخر يخلَّ باللحن. أحببت الموسيقى الغربية أكثر من العربية، ولست بعيداً عن الموسيقى العربية، فأنا أعتبر بليغ حمدي مثلاً (بيتهوفن الشرق، وسقف الألحان العربية)، لكنه ليس في مقام الموسيقى الغربية، التي يقال عنها: إنها لغة عالمية، فلو استمع إليها أي شخص من أي مكان في العالم سيطرب لها. وأرى أن عبقرية الملحن أعظم من عبقرية الشاعر، فموزارت عندي أهم من المتنبي، وبيكاسو كذلك، فالشعراء يختلفون بين نابغة وعبقرية وموهبة، فالمتنبي صاحب أعظم موهبة شعرية، لكنه - في نظري - ليس عبقرياً، لأنه لو كان كذلك؛ لكان جدّد في القصيدة، فلو أنه كتب قصيدة التفعيلة في عصره، لوصلت إلى جمالية كبيرة في هذا العصر».

دواوينه.. أبناؤه

في معارض الكتب، دائماً يكون معتوق في داره الخاصة، واقفاً مع صديق، يهديه أحد دواوينه، فهو يرى أنه من الضروري أن تصل الكتب إلى كل الناس، وكل مكان، بلا حواجز؛ يقول: «في فترة العزلة التي أعيشها الآن، أرى أن شعري أحد أبنائي، وأريد أن أقدر له ميراثه في حياتي؛ لهذا أسست دار منشورات كريم معتوق؛ لتطبع إصداراتي، وتوزعها على الجامعات في كل الدول العربية، وتُهديها إلى كل من يزورها في معرض الكتاب».

  • كريم معتوق: الكتابة عن الوطن «قصيدة لا تكتمل أبداً»

فرحة وطن

بمناسبة عيد الاتحاد الـ53 لدولة الإمارات، يقول معتوق: «يمثل عيد الاتحاد مناسبة شعبية واجتماعية وأدبية للأدباء، وفنية للفنانين، وعودته كل عام تشعرنا بالفرح. بالنسبة للشعراء، تشكل هذه المناسبة حالة من التحريض على الكتابة، رغم أن حب الوطن لا يحتاج إلى مناسبة، ونحن لسنا بحاجة إلى الاغتراب؛ لنشعر بأمن وخير الوطن»، ويختتم معتوق حديثه بقصيدة تعبر عن حبه للإمارات، ومنها:

«ســــأكتبُ عنكَ يا وطني

بـغيــــر مناســبات العيــدْ

لأنكَ شـــــاخصٌ أبــــــــدا

بكــل مفــاصلــــي وتزيـدْ

سأكتبُ قصــةَ الأفـــراحِ

قصـــــةَ حبــــك الكبـــرى

وإنـــك آخــــرُ الغـابــــاتِ

مــــاءُ النـــهــرِ والمجـــرى

وإنــــك.. لا أرى ســــــــبباً

لأحـــرثَ غــــــابةً أخـرى».

ويتابع: «منذ بداياتي الأولى إلى الآن، وأنا أشعر بأن الكتابة عن الوطن، والأم، هي الحالة الوحيدة، التي لا يحس فيها الشاعر بالرضا حينما ينتهي من كتابة القصيدة، فدائماً يشعر - بعد نهايتها - بأن هنالك شيئاً آخر أكبر لم يقله، وأن قصيدته غير مكتملة.. وهكذا هي الكتابة عن الوطن، والأم».