هناك خط رفيع بين مراعاة الآخرين والسماح لهم بالسيطرة عليكِ، وهذا الخط الرفيع هو ما يُعرف بـ«الحدود». ويقول علم النفس: إن وضع حدود ثابتة أمر ضروري؛ للحفاظ على صحتكِ العقلية، ورفاهيتكِ بشكل عام.
ويتعلق الأمر بفهم حدودكِ، ومعرفة متى تقولين (لا)، دون الشعور بالذنب؛ لذلك نرصد لكِ مواقف حياتية محددة، يجب عليكِ وضع حدود فيها، غير قابلة للتفاوض.
المساحة الشخصية:
في موقف اجتماعي، حيث يقف شخص ما قريباً جداً، أو ربما أحد أفراد الأسرة يعتقد أنه من الجيد اقتحام غرفتكِ دون طرق الباب، وهذا هو الوقت الذي تحتاجين فيه إلى وضع حدود لمساحتك الشخصية.
ولا تتعلق المساحة الشخصية بالمسافة المادية، بل إنها تتعلق براحتكِ العاطفية، وإحساسكِ بالخصوصية، وحقكِ في السيطرة على بيئتك الخاصة، إنه أمر يتفق علماء النفس على أنه أمر بالغ الأهمية لصحتكِ العقلية.
الرفاهية العاطفية:
إن الشعور بالاستنزاف العاطفي، بعد قضاء الوقت مع أشخاص معينين، ليس مجرد علامة على يوم سيئ، بل إنه غالباً يكون مؤشراً إلى تجاوز الحدود. ويشير علماء النفس إلى هذا؛ باعتباره إغراقاً عاطفياً، لذا من المهم أن نستمع بتعاطف إلى الأصدقاء والأحباء، ولكن ليس على حساب صحتك العاطفية.
وتُظهِر الأبحاث أن العدوى العاطفية، الظاهرة التي «نلتقط» فيها مشاعر من حولنا، هي شيء حقيقي. وهذا يعني أنه إذا كنتِ محاطةً باستمرار بالسلبية، فقد يؤثر ذلك بشكل مباشر في مزاجكِ وصحتكِ العقلية بشكل عام.
لذا، لا تخافي من التعبير عن عدم ارتياحكِ لتحمل الثقل العاطفي لشخص آخر طوال الوقت، وإنما يتعلق الأمر بضمان رفاهيتكِ العاطفية، والحفاظ على طاقتكِ للأشياء التي تهمك.
العلاقات:
سواء كان شريكاً رومانسياً، أو فرداً من العائلة، أو صديقاً، فإن كل علاقة تتطلب حدوداً، وأين ينتهي أحد الطرفين، ويبدأ الطرف الآخر. كما تساعد الحدود كل شخص على فهم احتياجات وتوقعات شريكه، ما يؤدي إلى الاحترام المتبادل والتفاهم. ويشير علم النفس إلى أن وضع حدود واضحة يعزز العلاقات بالفعل، فهي تمنع سوء الفهم، وجرح المشاعر، وتدعم بناء الثقة. وإذا شعرتِ بأن احتياجاتكِ يتم تجاهلها باستمرار، أو أنكِ تنحنين دائماً لأهواء الآخرين، فقد حان الوقت لوضع بعض الحدود، والتحدث عن احتياجاتكِ.
العناية بالذات:
في خضم صخب الحياة، ننسى غالبًا الاهتمام بأنفسنا، ومن السهل أن نشعر بالذنب أو الأنانية عند تخصيص وقت للعناية بالذات، خاصة عندما يكون هناك الكثير من المطالب، التي تستنزف وقتنا وطاقتنا.
لكن إليك الحقيقة الصادقة، إذ يخبرنا علم النفس بأن العناية بالذات ليست رفاهية، بل ضرورة لأنها تتعلق بمنح أنفسنا نفس اللطف والرعاية، اللذين نمنحهما للآخرين، ولهذا السبب فإن وضع حدود للعناية بالذات أمر بالغ الأهمية.
وسواء كان ذلك تخصيص وقت كل يوم لفنجان هادئ من القهوة، أو رفض حدث اجتماعي لأنكِ بحاجة إلى وقت فراغ، أو عدم التحقق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل بعد ساعات العمل، فإن وضع حدود للعناية بالذات أمر بالغ الأهمية.