تخيلي عالماً لا يكون فيه العمر مجرد رقم، بل قصة تحكي عن مراحل التعافي والشفاء والراحة. وهذا ما تنطوي عليه تقنية «أوتوناماكي» اليابانية، التي تدعو لإعادة اكتشاف التوازن والطاقة والحيوية، من خلال الجسم والوجود أيضاً.

وتستمد «أوتوناماكي» جذورها من حكمة عمرها قرون، وهي طقوس تجمع بين فن لف الجسم اللطيف، وفلسفة العناية الذاتية واليقظة، وهي مصممة لاستعادة الانسجام، وتجديد الذات الجسدية والعاطفية.. فإليكِ كل ما تريدين معرفته حول تقنية «أوتوناماكي»

  • «أوتوناماكي» تقنية تساعد على الاسترخاء.. جربيها واكتشفي فوائدها!

ما تقنية «أوتوناماكي»؟

تعد تقنية «أوتوناماكي» (Otonamaki) تقليداً يابانياً شهيراً ومثيراً للاهتمام، يدور حول مفهوم الشفاء بالربط، أو بالتحديد لف الشخص لتحقيق فوائد علاجية. ومصطلح «أوتوناماكي» نفسه مشتق من كلمتين يابانيتين، هما: «أوتا» التي تعني «الصوت»، و«ناماكي» التي تشير إلى «اللف» أو «الربط».

ومثل زهرة الأقحوان الرقيقة، التي تتكشف في هدوء الفجر، يلف «أوتوناماكي» الجسم في شرنقة رقيقة داعمة، ما يخفف التوتر، ويطلق الضغط، ويوازن الطاقة، فهي ممارسة تمزج الدفء المغذي للمس بالإيقاع الهادئ للطقوس، وتشجعكِ على التباطؤ وإعادة الاتصال، وتذكر أنه حتى في أكثر حالات الحياة انشغالاً، هناك مساحة للاسترخاء.

سواء كنتِ تسعين إلى إعادة اكتشاف توازنكِ الداخلي، أو تهدئة عقلكِ، أو مجرد الاستمتاع بلحظة من الهدوء، فإن «أوتوناماكي» توفر ملاذًا للراغبات في إعادة الضبط، وإعادة الشحن، والعودة إلى مركزهن.

الثقافة المتبعة في تقنية «أوتوناماكي»:

تتميز اليابان بتاريخ طويل في دمج الطبيعة والروحانية في الحياة اليومية، وفي هذه التقنية تعتمد على الصوت كوسيلة للشفاء، لأن الصوت، دائماً، يحتل مكانة في الثقافة اليابانية التقليدية، فمن التأثيرات المهدئة لأجراس المعابد والكنائس، إلى إيقاعات الحياة الطبيعية، يقدس اليابانيون صدى الصوت، معتقدين أن له تأثيرات عميقة على الروح والجسد.

وترتبط «Otonamaki» ارتباطاً وثيقاً بهذه الممارسات القديمة، مستوحى من المفاهيم الموجودة في التقاليد الشنتوية والبوذية. وفي هذه الأنظمة العقائدية، الصوت ليس مجرد ظاهرة فيزيائية، بل ظاهرة روحية، فعلى سبيل المثال: يُعتقد أن صوت الجرس يعمل على محاذاة العقل والجسد والروح، وتمتد «أوتوناماكي» بهذه الفلسفة إلى طقوس أكثر تخصيصاً، حيث يتم استخدام الصوت لتسهيل الاسترخاء العميق، وإطلاق الطاقة السلبية، واستعادة التوازن داخل الجسم.

استخدامات تقنية «أوتوناماكي»:

في جوهرها، تتضمن «Otonamaki» استخدام تقنيات تعتمد على الصوت للمساعدة في تهدئة المتلقي، وتختلف العملية حسب الممارس، لكنها تتضمن عادةً عناصر، مثل: استخدام الآلات الموسيقية أو الأصوات أو أي أدوات سمعية أخرى لتوفير بيئة محددة من الهدوء، وقد يأتي الصوت من أدوات مختلفة، مثل الأجراس، أو حتى صوت الممارس.

تتمثل إحدى السمات الرئيسية لـ«أوتوناماكي» (Otonamaki) في عملية لف أو ربط الشخص بالموجات الصوتية، ويمكن القيام بذلك عن طريق توفير جو يشبه «الشرنقة» من الصوت، ويغلف الشخص بطريقة تساعد على تركيزه وتوجيهه نحو الاسترخاء، وتكمن الفكرة وراء «لف الصوت» هذا في أن اهتزازات الموجات الصوتية تخترق الجسم، ما يعزز إطلاق التوتر والضغط.

  • «أوتوناماكي» تقنية تساعد على الاسترخاء.. جربيها واكتشفي فوائدها!

فوائد تقنية «أوتوناماكي» اليابانية:

ترجع الفوائد العلاجية لـ«أوتوناماكي» إلى مبادئ العلاج بالصوت والشفاء بالطاقة، وقد ثبت أن الصوت له تأثيرات جسدية ونفسية، وتستغل «أوتوناماكي» هذه التأثيرات من خلال السعي إلى استعادة الانسجام داخل الفرد.

وأحد التأثيرات الأساسية للعلاج بالصوت، هو قدرته على خفض مستويات التوتر، وقد أظهرت الأبحاث أن بعض الترددات والإيقاعات تحفز الجهاز العصبي السمبثاوي، وهو الفرع المسؤول عن الاسترخاء والتعافي.

وفي حالة «أوتوناماكي»، تنظم اهتزازات الصوت معدل ضربات القلب، وتقلل توتر العضلات، وتعزز الشعور بالهدوء.

وعلى المستوى النفسي، تسهل «أوتوناماكي» الشفاء العاطفي، وقد أبلغ العديد من الأشخاص، الذين يخضعون لهذه الممارسة عن شعورهم بالتحرر العاطفي، حيث تعمل البيئة الصوتية كمحفز للتعبير العاطفي، ما يسمح للأفراد بمواجهة وإطلاق المشاعر المكبوتة في بيئة آمنة وداعمة.

وعلاوة على ذلك، وجد أن العلاج بالصوت يعزز التركيز والوضوح واليقظة، من خلال ممارسة «أوتوناماكي»، كما ينمي المشاركون شعوراً متزايداً بالوعي الذاتي، ما يؤدي إلى تحسين الوضوح العقلي والشعور بالتوازن، ومن خلال الاتصال بالأصوات الرنانة، يختبر الأفراد شعوراً عميقاً بالسلام الداخلي، يكون مفيداً بشكل خاص في عالم مليء بالمشتتات، والضوضاء.

طريقة تنفيذ «أوتوناماكي»:

إذا كنتِ ترغبين في استكشاف التقنية اليابانية الشهيرة، فعليكِ الجلوس في قطعة كبيرة من القماش المرن والشفاف أو المسامي، ثم اتخذي وضعية الجنين، حيث تكون الركبتان قريبتين من الصدر، ويأتي شخص آخر يلف قطعة القماش بإحكام حول الجسم، بما في ذلك الرأس، مع ترك مساحة كافية للتنفس.

وتتبع هذه الخطوات بعض الحركات الدائرية على الأرض، ما يمنحكِ شعوراً بالهدوء والراحة يشبه شعور «هدهدة» الرضيع، ما يساعد على تخفيف التوتر، وتنشيط الدورة الدموية.

  • «أوتوناماكي» تقنية تساعد على الاسترخاء.. جربيها واكتشفي فوائدها!

مخاوف وتحذيرات من تقنية «أوتوناماكي»:

1. صعوبات التنفس:

قد تحد عملية اللف بإحكام، داخل قطعة من القماش، من القدرة على التنفس بشكل طبيعي، خاصة إذا كان اللف محكماً حول الصدر أو البطن، ما يشكل خطراً على المصابين بمشاكل في الجهاز التنفسي.

2. مشاكل الدورة الدموية:

قد يؤدي الضغط الشديد حول الجسم إلى تقييد تدفق الدم، خاصة الذين يعانون حالات الدورة الدموية، مثل: مرض الشرايين الطرفية، أو الدوالي، أو أولئك الذين لديهم تاريخ من جلطات الدم.

3. حالات المفاصل:

إذا كان الشخص يعاني مشاكل في المفاصل، مثل: التهاب المفاصل، أو الألم العضلي الليفي، أو حالات أخرى في الجهاز العضلي الهيكلي، فقد يؤدي الضغط المفرط في اللف إلى عدم الراحة، أو تفاقم الألم في المفاصل والعضلات.

4. رهاب الأماكن المغلقة:

قد يشعر بعض الأشخاص بالقلق أو الخوف من الأماكن المغلقة عند لفهم بإحكام، ما يؤدي إلى الشعور بالذعر أو الانزعاج، وقد يكون هذا مشكلة، خاصة للذين يعانون اضطرابات القلق، أو لديهم تاريخ من نوبات الهلع.