روضة القبيسي: أصنع خلطات تربط اسمي بـ«مجالس الطيب»

صناعة العطور فنُّ له تاريخ طويل في المنطقة، يمتد إلى آلاف السنين، فالعطور ليست مجرد وسيلة للتطيب، بل هي جزء أصيل من التقاليد الإماراتية، ونسيجها الثقافي العريق. وقد برزت الشابة الإماراتية، روضة القبيسي، كرائدة في صناعة العطور التراثية، مستلهمة روائح الماضي بمزج العطور والوصفات القديمة والمكونات الفر

صناعة العطور فنُّ له تاريخ طويل في المنطقة، يمتد إلى آلاف السنين، فالعطور ليست مجرد وسيلة للتطيب، بل هي جزء أصيل من التقاليد الإماراتية، ونسيجها الثقافي العريق. وقد برزت الشابة الإماراتية، روضة القبيسي، كرائدة في صناعة العطور التراثية، مستلهمة روائح الماضي بمزج العطور والوصفات القديمة والمكونات الفريدة، التي استخدمها الإماراتيون الأوائل، مع لمسات عصرية مبتكرة. ومن خلال مشروعها «آر كيو»، قدمت الشابة الإماراتية إبداعات تجمع بين مكونات العطور الإماراتية التقليدية، والمفاهيم الحديثة؛ ما جعل نطاق تسويق منتجاتها أكثر اتساعاً، وقد حظيت هذه المنتجات بإقبال كبير من محبي العطور الإماراتية الأصيلة. «زهرة الخليج» التقت روضة القبيسي؛ للاطلاع على رحلتها في صناعة العطور، وأسرار خلطاتها المميزة.. في هذا الحوار:

  • روضة القبيسي: أصنع خلطات تربط اسمي بـ«مجالس الطيب»

متى انطلقت شرارة شغفك بصناعة العطور؟

بدأ شغفي بالعطور الأصيلة، ورائحتها القوية، مبكراً؛ عندما كنت أشاهد جدتي تصنع عطرها الخاص، وقد أبحرت معها في عالم مزج هذه المكونات، وصنع أجود أنواع البخور، وخلط الزيوت العطرية؛ لإنتاج عطور مميزة، تدوم لفترة طويلة، دون أن تتأثر بالأجواء المحيطة. بدأت تجاربي الأولى بمفردي في عمر صغير؛ وكنت - وقتها - أستعين بالعطور الخاصة بأهلي لخلطها، وإنتاج عطر جديد؛ فكانت تعجبهم الروائح المميزة التي كنت أصنعها، وقد كانت سعادة أهلي بموهبتي دافعاً كبيراً؛ للاستمرار في تطوير مهاراتي.

تجربة.. واكتشاف

كيف طورتِ موهبتك في مجال صناعة العطور؟

طورت موهبتي بالصبر والمثابرة والتجربة المستمرة، فقد كنت، دائماً، أبحث عن خلطات جديدة، وأدرس أذواق الناس. كما ساعدني شغفي وفضولي في تطوير مهاراتي؛ حتى وصلت إلى مرحلة تقديم ورش عمل إلى المهتمين بمجال صناعة العطور، بعدما تعلمت كيفية التحكم في درجات الحرارة، ومزج المكونات المختلفة بطريقة محترفة.

لماذا ركزت على العطور الإماراتية التقليدية؟

حبي لتراث الإمارات كان دافعي الأساسي؛ لأنني كنت أرغب في استدامة صناعة العطور الإماراتية، بمكوناتها الأصيلة، وقد اتخذت من الحداثة سبيلاً لمواكبة أذواق جميع الفئات العمرية، مع الحفاظ على رائحة التراث الأصيل.

  • روضة القبيسي: أصنع خلطات تربط اسمي بـ«مجالس الطيب»

متى بدأتِ مسيرتك التجارية في مجال العطور؟

دخلت السوق عام 2008، وحققت نجاحاً ملحوظاً؛ بفضل تشجيع من حولي. بعدها، اتسعت رقعة انتشار منتجاتي بشكل كبير؛ بفضل منصات التواصل الاجتماعي، التي استخدمتها لترويج عطوري، وتقديم النصائح والمعلومات المفيدة حول فن خلط العطور.

ما التحديات التي واجهتك؛ للمحافظة على العطر الإماراتي القديم؟

لدى دولة الإمارات تراث غني من العطور والطيب والروائح المختلفة، والخلطات العربية، وكان هدفي الحفاظ على هذا التراث الغني. وفي سبيل ذلك، واجهت العديد من التحديات، لكن حبي لعملي ورغبتي في الحفاظ على تراث بلادي كانا قوتي لتجاوزها، وحماية صناعة العطور الإماراتية من الاندثار. وقد مررت بفترة صعبة بسبب وعكة صحية منعتني من العمل، لكني عدت بعدها بحماس أكبر؛ لاستكمال مسيرتي في المجال الذي أعشقه.

خلطات رائعة

ما الذي يميز العطور الإماراتية الأصيلة؟

العطور الإماراتية تتميز بمكونات غنية بروائح فريدة، منها: الفل والعود ودهن العود والزعفران والياسمين والمسك، فهي تحمل عبق التاريخ، وتحرك مشاعرنا وحنيننا إلى أجدادنا، وجداتنا خاصة لأنهن ارتبطن بالعطور منذ القدم، وطوعن الطبيعة لهذا الغرض؛ فابتكرن أروع الخلطات العطرية. ولأن العطور تؤثر - بشكل مباشر - في المشاعر، وتحيي الذكريات، فهي أكثر من مجرد مصدر للطاقة الإيجابية، لأنها قادرة على منح أجواء مميزة، وإحياء لحظات خاصة.

  • روضة القبيسي: أصنع خلطات تربط اسمي بـ«مجالس الطيب»

من أين تستوحين أسماء عطورك؟

 أستوحي أسماء عطوري من الشعور الذي يلهمني تصميمها؛ فأحرص على أن يعكس الاسم روح العطر وعبيره المميز. وأحياناً، أستوحي أسماءها من المقربين؛ فالعطر يحمل طاقة وقصة، ترتبطان بالأشخاص، والأحداث. في بداية مشواري، كنت أستخدم الحروف الأولى من اسمي مع أرقام متسلسلة، لأضفي لمسة شخصية على كل عطر. ومع تطور مشروعي، أصبحت أختار الأسماء بعناية أكبر؛ لتعبر عن جوهر العطر، وإلهامه.

ما الأجواء، التي تصاحب إنتاج عطر جديد؟

ليست هناك طقوس معينة لإنتاج عطر جديد، فبمجرد أن أدخل معملي؛ أشعر بأنني دخلت عالمي السري؛ فأركز بكل حواسي، وأترك الوقت يتوقف بينما أنغمس في عالم الروائح والمكونات. هذا الشغف يدفعني إلى الابتكار، وصنع خلطات جديدة، تُبهر محبي العطور، وتربط اسمي بمجالس الطيب. لكن، بالطبع، الأجواء الهادئة، ومعها فنجان قهوتي، تعزز تركيزي وإبداعي، فالإبداع يولد في لحظات الهدوء، والتأمل.

كيف ترين مستقبل صناعة العطور الإماراتية؟

صناعة العطور الإماراتية حققت تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية، بعد أن شهدت الإمارات إنشاء العديد من مصانع العطور المتميزة، كما سجل تصديرها إلى الأسواق الخارجية، خاصة الخليجية، نمواً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، بفضل جودتها التــــي تضاهـــــي نظيرتها العالميــــــة، وأصبحت تنافس في الأسواق الدولية، لأنها تصنع بمواصفـــــات ومقايــيــــــس عالية، ومعتمــــدة عالمــــــياً، كما تتميز بخصـــوصية كبيرة، فهي مستخلصة من منتجات تراثية.

ما طموحاتك وأحلامك المقبلة؟

أن أرى اسم الإمارات متألقاً في صناعة العطور عالمياً، وأن أساهم - بشكل فعال - في تحقيق هذا الهدف، كما أريد أن تكون العطور الإماراتية معروفة عالمياً ليس فقط بجودتها، بل أيضاً بقدرتها على سرد قصصنا التراثية والثقافية بعبقها المميز. كذلك، أتمنى أن أكون جزءاً من هذا النجاح، لأساهم في ترك بصمة إماراتية فريدة في هذا المجال، الذي أعشقه.