تتجاوز مسؤولية أماني آل علي، أخصائية العلاج الطبيعي، الغرفة العلاجية، فهي تسعى إلى تعزيز مفهوم العلاج الطبيعي كمنهج حياة، وليس كوسيلة علاجية مؤقتة. وتستند آل علي في ذلك إلى خبراتها الواسعة، فهي تؤمن بدور العلاج الطبيعي في تحسين جودة الحياة، ليس فقط على المستوى الجسدي، بل على المستويين النفسي والذهني أيضًا.. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، تشاركنا أخصائية العلاج الطبيعي رؤيتها حول تخصصها، وكيفية صنع التغيير الحقيقي في هذا المجال:

  • أماني آل علي: «العلاج الطبيعي» منهج حياة

لماذا اخترت «العلاج الطبيعي» تخصصاً؟

منذ صغري، كان لديَّ اهتمام كبير بالصحة، واطلاع على مستجدات هذا المجال، فقد كنت أدرك أن العمل المكتبي لا يناسبني أبداً. وعندما بدأت خطواتي الأولى في تخصص العلاج الطبيعي؛ اكتشفت أنه أكبر من المفهوم المتعارف عليه، فـ«العلاج الطبيعي»، بحد ذاته، ليس مجرد علاج للعضلات أو العظام، بل يتجاوز بكثير ما هو شائع عنه، فيمتد ليشمل الجوانب النفسية والذهنية، ما أكد لي أنني اخترت الطريق الصحيح.

«التشافي التام»

إلى جانب «العلاج الطبيعي»، دخلتِ مجال «إدارة الألم»، فما سبب ذلك؟

دخولي مجال «إدارة الألم» كان تحدياً لنفسي، فقد أردت البحث عن حلول توازي في أهميتها العلاج البدني، أو ما نقوم به مع المرضى؛ لتحسين حالاتهم؛ لذلك كان عليَّ أن أتحدى نفسي، وأتعمق أكثر في جميع العوامل التي تؤثر في حالة المرضى، وهذا ما سميته «التشافي التام»، الذي يترجم أهمية ألا نتعامل مع الحالة المرضية فقط، لكن يجب أن نتعامل مع المريض بكل ما يؤثر فيه من عوامل، ومنها: النفسية، والذهنية، وصولاً إلى انعكاس ذلك التأثير على العامل البدني.

إلى أي مدى يؤثر الجانب النفسي في شفاء حالات «العلاج الطبيعي»؟

العامل النفسي جزء لا يتجزأ من خطة العلاج الكاملة، فهو يؤثر في طرق العلاج ونتائجه؛ لهذا أحببت أن أجمع بين إدارة العاملين النفسي والجسدي؛ لأصل بمساعدتهما إلى الشفاء الكامل، الذي جاء من أجله المريض منذ البداية. وهذا يتم عن طريق الفهم العميق لنفسية المريض، وليس فقط التعامل مع المسببات الجسدية، وهذا هو النجاح الحقيقي.

كيف تساهم العلاقة بين الأخصائي والمريض في الشفاء؟

العلاقة الجيدة بين الأخصائي والمريض تُبنى على الثقة، والاحترام المتبادل، والتواصل الفعال؛ فنحن نقضي مع المرضى رحلة علاج طويلة؛ لذلك من المهم أن يكون المريض واثقاً باختياراتنا العلاجية. قد تكون طبيعة الرعاية الصحية، بشكل عام، لا تعطي المريض حق اختيار علاجه بطريقة أو بأخرى، ما يجعل بعض الحلول العلاجية تبدو كأنها أمر إجباري. لكن، في المقابل، نسعى إلى إعطاء المريض بعض الحرية في الاختيارات، كنوع التمارين الذي يخدم حالته، وبهذا نجعله شريكاً في رحلته العلاجية، ونمنحه شعوراً أكبر بالمسؤولية؛ لذلك أقول: إن علاقتي مع المرضى علاقة شراكة فعالة.

ما أبرز التحديات، التي واجهتك؟

أكبر التحديات هو تغيير المفهوم السائد حول «العلاج الطبيعي»، حيث يعتقد البعض أنه يقتصر على التدليك؛ لذلك نعمل جاهدين على تغييره؛ ليكون «العلاج الطبيعي» أسلوب حياة ممتدًا، يتجاوز حدود الغرفة العلاجية.

  • أماني آل علي: «العلاج الطبيعي» منهج حياة

كيف تعززين مفهوم «العلاج الطبيعي» كمنهج حياة؟

هناك مقولة جميلة لأحد أخصائيي «العلاج الطبيعي»، حينما وصف نفسه وزملاءه بأنهم «مهندسون.. بلا رياضيات»، فكأننا نقوم، فعلاً، بإعادة بناء الجسم، والمعتقدات؛ ليكون الشخص قادراً على استعادة صحته بالمفهوم الصحيح، وعلى مواجهة التحديات الصحية مهما كانت بوجود أساس تثقيفي سليم، وهذا ما أعمل عليه؛ حتى لا ينحصر مفهوم «العلاج الطبيعي» في العلاج العضلي فقط، ولكن ليكون أسلوب حياة، وعادات تستمر لسنوات أعمارنا في المستقبل، وهذا هو المعنى الحقيقي للثقافة الصحية.

تحدٍّ حقيقي

كيف يمكن أن نحقق هذا التغيير؟

بالاستمرارية.. يُقال: «قد تكون الأشياء الظاهرة سهلة، لكن الاستمرار عليها صعب». وهنا يكمن التحدي الحقيقي؛ فتحقيق التغيير يتطلب استمرارية؛ لتبني عادة جديدة، وهذه هي رسالة «العلاج الطبيعي»، أن نستمر في اتباع عادات تنعكس على مستقبلنا، ومستقبل أبنائنا، وصحتهم.

ما الوسائل التي تتخذينها؛ لمواكبة تطورات مجال «العلاج الطبيعي»؟

أقوم بذلك من خلال متابعة البحوث العلمية المتعلقة بمجالي بشكل مستمر، والتعامل مع كل مريض كحالة جديدة؛ فالشعور بأنني أشارك كل مريض رحلته العلاجية يحفزني على البحث الدائم عن أفضل الطرق لتحقيق أهدافه، وهذا ما يجعلني، أيضاً، مسؤولة أكثر عن الثقة، التي يوليني المرضى إياها.

ما النصيحة التي لا تنسينها أبدًا؟

«الحياة تتطلب شجاعة، ومن الشجاعة أن نتقبل أننا نخطئ ونصيب».. هذه نصيحة لا يمكن أن أنساها أبداً، وقد قالها لي أحد المعلمين والملهمين، خلال مسيرتي.

ما الإرشادات، التي تقدمينها حول «العلاج الطبيعي»؟

الثقافة الصحية بذرة نزرعها، وتقطف ثمارها أجيالنا القادمة؛ فكلما جعلنا عاداتنا الصحية روتيناً سهلاً، وكنا قدوة لأبنائنا، كلما كانوا مسؤولين أكثر عن كل ما يخص صحتهم؛ فأسلوب الحياة الصحي تعكسه ممارساتنا الصحية، وهذا هو المعنى الحقيقي للعلاج الطبيعي.