عند الحديث عن المبدعين والمبتكرين في عالم العمارة بعصرنا الحالي، يأتي اسم المهندسة المعمارية الأسطورية، زها حديد، في الطليعة؛ لما قدمته إلى العالم من عمران مذهل، أتى على شكل مبانٍ ومطارات وجسور وفنادق ومتاحف رائعة، وغيرها من التصاميم الانسيابية، التي يصح وصفها بـ«التحف الفنية»؛ نظراً لمنحنياتها وأشكالها الهندسية المبتكرة، والمواد المستخدمة فيها، التي يصعب التعامل معها، مثل: الفولاذ، والإسمنت، والزجاج، فنالت بجدارة لقب «ملكة المنحنيات». وبعد وفاتها المفاجئة بنوبة قلبية عام 2016، استمرت شركتها الهندسية المرموقة في تنفيذ مشاريعها غير المكتملة والإشراف عليها، ولا تزال تنهل من فلسفتها المعمارية؛ لتسطر ابتكارات جديدة، كان آخرها مشروع «ذا ألبا»، الذي تطوره شركة «أمنيات» العقارية.

  • زها حديد

«ذا ألبا».. أول منتجع حدائق على البحر

يعد مشروع «ذا ألبا» آخر ابتكارات شركة «زها حديد للهندسة المعمارية»، وتقوم بتطويره شركة «أمنيات» العقارية، وعن هذا التعاون، قال مهدي أمجد، المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة «أمنيات»: «يأتي (ذا ألبا) لرغبة شركة (أمنيات) في تلبية الطلب المتزايد على الفخامة المتكاملة بدبي، الوجهة العالمية للعقارات الفائقة الفخامة. ويمثل هذا المشروع استثماراً ضخماً قيمته 7 مليارات درهم (1.9 مليار دولار)، ويقع في (نخلة جميرا)، ويضم مجموعة متنوعة من الوحدات السكنية الفاخرة، بما في ذلك: الشقق الواســــــعة، ووحــــــــدات (الدوبلكس)، و(البنتهاوس). ويتوقع اكتماله بحلول عام 2028، ويتضمن أول منتجع حدائق على البحر في العالم، بإدارة مجموعة (دورشيستر كوليكشن). وهذه المرافق المتطورة تجعل (ذا ألبا) وجهة استثنائية للباحثين عن تجربة معيشية فاخرة، تجمع بين الراحة والابتكار». ويبين مهدي أمجد: «وقد سعينا إلى دمج تصاميم زها حديد الانسيابية، التي تتميز بجرأتها الفنية، بعناصر طبيعية توفر للسكان بيئة هادئة ومتناغمة مع محيطهم. وهذا التعاون مع (زها حديد للهندسة المعمارية) جزء من رؤيتنا الاستراتيجية؛ لتقديم مشروع يتسم بالاستدامة وبطابع فاخر؛ فاستخدمنا مواد طبيعية، وأدخلنا فيه مساحات خضراء واسعة، ما عزز الشعور بالانسجام مع الطبيعة دون المساس بالفخامة. لقد ساعدتنا فلسفة زها حديد التصميمية في صنع فضاءات تتناغم مع خطوط التصميم الطبيعي، وتوفر انتقالاً سلساً بين المساحات الداخلية والحدائق الخضراء المحيطة، ما يعكس التزامنا بالابتكار، وبتقديم مشاريع تجمع بين التميز والجمال الطبيعي، وتعزز تجربة المعيشة الراقية». 

  • مبنى «ذا أوبوس» دبي

معايير بيئية مستدامة

وعن التقنيات المبتكرة، والممارسات المستدامة، المستخدمة في «The Alba»؛ للحصول على شهادة «WELL»؛ لتعزيز صحة وسلامة البيئة في المشروع، أضاف المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة «أمنيات»: «الاستدامة جزء لا يتجزأ من رؤيتنا في (أمنيات). ويعكس (ذا ألبا) هذا الالتزام بشكل واضح؛ فقد دمجنا تقنيات متطورة لتحسين جودة الحياة في المشروع، بما في ذلك: استخدام الإضاءة الطبيعية بشكل مدروس، وتقليل الاعتماد على الإضاءة الاصطناعية، من خلال نوافذ تمتد من الأرض إلى السقف، فتسمح بدخول الضوء الطبيعي، وتعزز الشعور بالراحة النفسية، وتقلل استهلاك الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدنا أنظمة تهوية متقدمة، تعمل على تحسين جودة الهواء الداخلي؛ لتوفير بيئة صحية داخل الوحدات السكنية. كل هذه الممارسات تساهم في تحقيق معايير شهادة (WELL) البلاتينية، وتجعل (ذا ألبا) نموذجاً يحتذى في الجمع بين الفخامة والالتزام بالمعايير البيئية والصحية»، موضحاً: «ندمج، دائماً، الإرث التصميمي لزها حديد برؤيتنا الطموحة؛ لتقديم مشاريع تتجاوز التوقعات. ويجسد (ذا ألبا) امتداداً لهذا الإرث، فهو يعيد تعريف تجربة المعيشة الفاخرة في القرن الحادي والعشرين؛ فالمشروع ليس مجرد بناء عصري، بل هو مساحة تتناغم مع الطبيعة المحيطة في (نخلة جميرا)، حيث توفر الشرفات الواسعة، والنوافذ البانورامية، إطلالات خلابة على البحر، وأفق دبي. كما حرصنا على تطوير مساحات داخلية مرنة، تمنح السكان الحرية في تخصيص مساحاتهم، وفق احتياجاتهم، ما يعكس رؤية (أمنيات) في تقديم تجارب سكنية، تتماشى مع متطلبات العملاء (النخبة)». 

  • «ذا ألبا»

نمط ساحلي فاخر

يقول مهدي أمجد: «حرصنا على تقديم مشروع يعكس الجوهر الحقيقي للحياة الساحلية الفاخرة في دبي، وقد استفدنا من موقع (نخلة جميرا) المتميز، فالمشروع يتمتع بإطلالات بانورامية على الخليج العربي، والمعالم الأيقونية المختلفة، ومنها: برج العرب. وتتيح النوافذ الممتدة من الأرض إلى السقف، والشرفات الواسعة، الاستمتاع بمشاهد خلابة لأفق المدينة، وتعزز الشعور بالانفتاح والانتماء للطبيعة المحيطة. ويأخذ (ذا ألبا) بعين الاعتبار تفاعل الضوء الطبيعي مع المساحات الداخلية، ما يوفر بيئة سكنية تجمع بين جمال المناظر الطبيعية، وروعة العمارة المعاصرة. فهذا التصميم الاستثنائي يجعل (ذا ألبا) وجهة مميزة، لمَنْ يسعون إلى الاستمتاع بتجربة تجمع بين الهدوء والفخامة». ويضيف: «التعاون بين (أمنيات)، و(زها حديد للهندسة المعمارية)، تمحور حول تحقيق توازن مثالي بين الفخامة والراحة؛ لذلك حرصنا في (ذا ألبا) على أن تكون العناصر الجريئة، والفريدة، جزءاً من التجربة المعيشية، دون التنازل عن الهدوء والاسترخاء؛ فاستخدمنا مواد طبيعية، مثل: الخشب والحجر؛ لتوفير لمسات دافئة في المساحات الداخلية، وإحساس بالاستقرار والارتباط بالطبيعة. ولم ننسَ وجود المساحات الخضراء؛ لتعزيز الانسجام بين العناصر المعمارية، والبيئة الطبيعية المحيطة». ويقول مهدي أمجد، المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة «أمنيات»: «إن تقديم تجارب استثنائية يتطلب شراكات استراتيجية مع الأسماء الرائدة في عالم الضيافة؛ لهذا كان تعاوننا مع مجموعة (دورشيستر كوليكشن) خطوة محورية في تصميم (ذا ألبا)؛ لتقديم تجربة تجمع بين الفخامة العصرية، وروح الضيافة الإماراتية الأصيلة، وتعكس خصوصية دبي وثقافتها، سواء في التصاميم الداخلية الفاخرة، أو الخدمات المتميزة التي تلبي احتياجات السكان. ويقدم (ذا ألبا) مزيجاً فريداً من الهدوء والفخامة، فقد تم تصميم مرافقه، لتكون أماكن استرخاء بإطلالات مذهلة على الواجهة البحرية، ومنها: النادي الخاص، والصالات المخصصة للاستجمام. كما تمت إضافة عناصر تعكس التراث الإماراتي في التفاصيل المعمارية والخدمات».

  • المقر الرئيسي لمجموعة بيئة الشارقة

«كوكب في مداره الخاص»

ولدت المهندسة العبقرية، زها حديد، ببغداد، يوم 31 أكتوبر عام 1950، وانتقلت إلى لندن عام 1972؛ للدراسة في كلية الهندسة المعمارية، التابعة للجمعية المعمارية، وهي من أكثر جامعات الهندسة المعمارية تنافسيةً في العالم. وهناك حصلت على جائزة الدبلوم المرموقة عند تخرجها عام 1977. وخلال هذه الفترة، وصفها المهندس المعماري الهولندي الشهير ريم كولهاوس، الذي كان أحد أساتذتها، بأنها «كوكب في مداره الخاص». وبحلول عام 1979، أسست المهندسة المعمارية العراقية-البريطانية شركة «زها حديد للهندسة المعمارية». وفي عام 2004، كانت أول امرأة تفوز بجائزة «بريتزكر» للهندسة المعمارية، وهي جائزة دولية سنوية، يشار إليها غالباً باسم «جائزة نوبل للهندسة المعمارية» في عالم التصميم. وفي عامَيْ: 2010، و2011، حصلت زها حديد على جائزة «ستيرلنغ»، وهي جائزة سنوية يمنحها المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين (RIBA) لـ«التميز في الهندسة المعمارية». وفي عام 2016، كانت حديد أول امرأة تفوز بالميدالية الذهبية من (RIBA)، التي تعترف بمساهمات الفرد الكبيرة في الهندسة المعمارية الدولية نيابة عن الملكة البريطانية. وفي العام نفسه، توفيت زها حديد بنوبة قلبية في ميامي. 

  • مهدي أمجد

مشاريع وجوائز

صممت زها حديد الكثير من المشاريع العملاقة، ولكن هناك أيقونات معمارية أخذت نصيباً كبيراً من الشهرة عالمياً، تبدأ من أول مبنى لها في ألمانيا، وصولاً إلى مطار بكين داشينغ الدولي، وهو أكبر مبنى مطار منفرد في العالم. وقد حظيت دولة الإمارات بمجموعة من تصاميم زها حديد، منها: جسر الشيخ زايد في أبوظبي، والمقر الرئيسي لمجموعة «بيئة» في الشارقة، ومبنى وفندق «ذا أوبوس» دبي، وأخيراً مشروع «ذا ألبا»، أول منتجع حدائق متعدد الاستخدامات على البحر في العالم، والذي سيرى

النور عام 2028. وقد نالت مشاريع مبتكرة عدة، لزها حديد، جوائز مرموقة، منها متحف «Maxxi» في روما، الذي نال جائزة (RIBA) عام 2010، وأكاديمية «آرك إيفلين غريس» في لندن، التي نالت عنها الجائزة نفسها عام 2011.