«الشارقة للكتاب».. ساحة أدبية وملتقى فكري
في كلِّ معرض كتاب، لا نرى فقط كتباً على الأرفف، بل نجد كتّاباً يتجولون ككتب ناطقة، مُحمَّلين بأخبارهم وإصداراتهم الأخيرة.. إنه ذلك اللقاء المنتظر، الذي يجمعهم كل بضعة أشهر، ليتبادلوا الأفكار، وكتبهم الأخيرة، والخبرات، حول مشاريعهم القادمة، وليخططوا لتعاونات جديدة، تثمر إنتاجات تستهدف القراء في المعارض المقبلة. ففي هذه المساحة الأدبية، يقضون أوقاتهم بين الشعر والنثر، ويتبادلون الابتسامات، والأحاديث الدافئة، ويبوحون بحكاياتهم إلى الأصدقاء.
وتزامناً مع انطلاق النسخة الـ43 من «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، الذي تنظمه «هيئة الشارقة للكتاب»، تحت شعار «هكذا نبدأ»، والذي يستضيف أدباء إماراتيين وعرباً، من أعلام الرواية والقصة والشعر والمسرح، أجرينا استطلاعاً خاصاً مع نخبة من الكتّاب؛ لمعرفة آرائهم حول معارض الكتب، وما تضفيه عليهم من شغف واندماج في عوالم الفكر والإبداع.
حصة بن غويفه: أستمتع بحضور الفعاليات الثقافية
بعيداً عن كونها صحافية، فإن زيارة الكاتبة، حصة بن غويفه، إلى معارض الكتب لها مآرب أخرى، تخبرنا بها، قائلة: «كثيراً ما أحب استغلال وجودي في معارض الكتاب؛ للقاء الأصدقاء والكتّاب، وهذا هو الهدف الأكبر من زيارة المعرض، خاصة معرض أبوظبي للكتاب. وفي مرات كثيرة، أذهب إلى المعرض بقائمة محددة من الكتب، لكن الممرات، ومن نلتقيه فيها، يجعلون القائمة أطول، بسبب التوصيات التي أتلقاها منهم. وفي أحيان أخرى، نتبادل الكتب، إذا رأوا، مثلاً، أن الموضوع الذي يتناوله كتاب ما، يدخل ضمن اهتماماتي، والعكس. أما في معرض الشارقة الدولي للكتاب، فإنني أذهب كقارئة فقط، فزيارتي تكون للاستمتاع بشراء الكتب، وحضور الفعاليات الثقافية المصاحبة، ومنها: ورش العمل، والأمسيات الشعرية».
حصة خليفة المهيري: لقاء الكتّاب يثري معارفنا
كاتبة الطفل، صاحبة كتاب «الدينوراف»، الحائز جائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2018، في فرع «أدب الطفل والناشئة»، وتمت ترجمته إلى ثلاث لغات.. تتحدث عن علاقتها بمعارض الكتب، قائلة: «منذ طفولتي، أعتبر زيارة معارض الكتاب تجربة مليئة بالمتعة، فلم تكن، بالنسبة لي، مجرد مكان لشراء الكتب، بل كملعب للقراء، وما زلت أحتفظ بتلك المشاعر إلى اليوم في كل معرض أحضره، لكن الفرق هو أنني أصبحتُ أصدر كتباً، وأقدم ورشاً، يستمتع بها القراء».
وتتابع المهيري: «عند ذهابي للمعرض، عادةً، تكون لديّ قائمة بالكتب التي أود اقتناءها، وبالكتب الجديدة التي أود الاطلاع عليها، وتهمني قراءة الكتب الفائزة بجوائز، فحتماً تم اختيارها لتميزها في أمرٍ ما. وأصبحتُ، مؤخراً، أركز على اختيار كتب من ثقافات أخرى، فذلك يمنحني منظوراً جديداً، وبعداً آخر، من حيث المواضيع، واختلاف الثقافات، وأساليب الكتابة المتنوعة. ومن الأشياء الأخرى الجميلة، تأتي الورش واللقاءات المقدّمة، فأحرص على الاطلاع على جدول الورش، التي ستقدم في المعرض، والكتّاب الذين ستتم استضافتهم؛ لأحضر ما يهمني من مواضيع، لأن لقاء الكتّاب أمرٌ مهم جداً في إثراء معرفتنا وتجاربنا؛ فحوارات الكتّاب تكون مُلهمة، وتوسع آفاقنا ومداركنا. وأستمتع، أيضاً، بتقديم الجلسات القرائية والورش الفنية إلى الأطفال واليافعين، كما ألتقي القراء، وأستمع إلى آرائهم، وتلك متعة أخرى لا يعرفها إلا الكاتب». وتختتم الكاتبة الإماراتية: «ككاتبة أو قارئة، في الحالين أعتبرُ زيارتي للمعرض مغامرة أدبية، تنعكس بتأثير طويل المدى على خبراتي بالقراءة والكتابة؛ لذلك الوقت الذي أقضيه في المعارض يكون ذا قيمة كبيرة».
محسن سليمان:
رائحة «المكان» تُشعرني بالدفء
بالإضافة إلى كونه ناشر مكتبة «العنوان»، فإن الكاتب والقاص، محسن سليمان، يحضر معارض الكتب؛ بصفته قارئاً نهماً وكاتباً. وعن علاقته بمعارض الكتاب، يقول: «لديَّ علاقة عاطفية مع معارض الكتب، فرائحة المكان أول ما يلفتني، ويشعرني بالدفء. ويكون استعدادي مبكراً لمعارض الكتاب، فقبل كل شيء أنا قارئ ومطلع، والكتابة بالنسبة لي نتيجة حتمية لإظهار المخزون الثقافي والمعرفي، الذي اكتسبته بالقراءة. وقبل ذهابي إلى أي معرض أعد قائمة رغبات بما سأقتنيه من كتب، ولكوني كاتباً، يكون استعدادي مضاعفاً لشغفي بالقراءة، وللبحث عما يخدم مشروعي المقبل. وأعتبر دخولي معرض الكتاب كالدخول إلى عالم الحكايات والأساطير والدهشة، وعالم مليء بالمفاجآت، وكنوز المعرفة».
ويضيف سليمان: «أبدأ بجولة عامة على دور النشر، وجديدها. وغالباً تكون هذه الجولة استكشافية؛ لأخذ الانطباع الأول، ومتابعة الكتب الجديدة، والكتّاب الجدد. وأهتم، أيضاً، بالندوات والمقاهي الثقافية؛ لذلك عند دخولي، أحرص على اقتناء كتيب الفعاليات، وهنا تأتي أهمية تنظيم الوقت؛ للانتقال بين الأنشطة والندوات بجهد أقل، فعامل الوقت، والتخطيط الجيد مهمان بشكل كبير، وأيضاً حضور ندوات الزملاء؛ للاستماع إليهم وهم يتحدثون عن أعمالهم، أو عن مواضيع ثقافية مختلفة، وكذلك حضور أمسيات لمختلف المدارس الشعرية. كما أكون مستعداً، دائماً، لمفاجآت اللقاءات، التي لا تكون بمواعيد مسبقة مع الزملاء، فبعضهم ألتقيهم سنوياً في مختلف الأماكن، فنتجاذب أطراف الحديث بين الممرات، وأمام رفوف الكتب، مع تبادل النصائح والتوصيات حول كتاب، أو مؤلف، أو دار نشر».
فتحية النمر:
لـ«المعرض» مكانة خاصة بقلبي
الكاتبة والروائية، فتحية النمر، تعتبر «الشارقة الدولي للكتاب» سوقاً للكتب، يحتل مكانة خاصة في قلبها، وعن ذلك تقول: «هذا المعرض رافق نضجي وازدياد وعيي، على مدار 42 دورة، وأترقب قدومه بشغف، فدائماً أعد قائمة بالكتب التي أود اقتناءها، خاصةً في: الرواية، والقصة القصيرة، والشعر، وكتب النقد الأدبي، التي تتناول - بالدراسة - الإصدارات الأدبية (الرواية، والقصة) على وجه الخصوص، بالإضافة إلى كتب الفكر والفلسفة. كما أحب أن أكون حاضرة طوال أيام المعرض؛ فأتجول - بفرح - بين دور النشر العربية. وأحرص على لقاء الكتاب العرب، الذين يحضرون إما بصفتهم الشخصية، أو كضيوف، فأحاورهم، وأهديهم نسخاً من كتبي. كما أقوم، سنوياً، بتوقيع إصداراتي الجديدة. وفي هذه الدورة، عبر بوابة (ركن التواقيع)، لديّ إصداران جديدان، وأنا فخورة وسعيدة بهذا الإنجاز».