اليوم، بات مفهوم الابتكار مطروحاً في كل مكان، في البيت، والمدرسة، والمؤسسات بأطيافها المختلفة، ويدفعنا هذا إلى سؤال يقول: هل الابتكار مفهوم معاصر، أم أنه ارتبط بالإنسان منذ وُجِدَ على هذا الكوكب؛ للبحث عن حل لأي مشكلة تواجهه؟
أن نفتح حديثاً حول الابتكار، معناه أن نمسك بخيط الإبداع؛ للوصول إلى الصورة المثلى، التي نبحث عنها، أو تبحث المجتمعات عنها. ويبدو واضحاً أن الإنسان يمتلك إرادة ومخيلة، فهو الذي دفعته الحاجة إلى اكتشاف النار، واللغات، ووصل بطموحه إلى الفضاء. ولو اقتربنا من الحالات، التي تبدو بسيطة حولنا، لوجدنا أن أمهاتنا وجداتنا حوّلن سعف النخيل وجذوعه إلى بيوت وأدوات، أسست لمهن تراثية؛ فصنعن المأوى والأثاث، وغزلن من صوف الإبل خيوطاً، صنعن منها الألبسة والمفارش، وكل هذا يأخذنا إلى مفهوم الابتكار. وفي هذا السياق، يمكننا أن نعتبر حكايات «شهرزاد»، في «ألف ليلة وليلة»، نوعاً من الابتكار، انتصرت به المرأة على «شهريار».
واليوم، بات مفهوم الابتكار جزءاً أساسياً من الحياة، يكرس الإبداع، وروح التنافس؛ للوصول إلى أعلى أداء ممكن، فيسهم في إحداث وعي شامل، ورؤية واضحة للطموحين، ويوفر فرصة أفضل للدخول في عمليات منظمة وهادفة لتنمية العقول، ومن ثَمَّ تنمية المجتمع. وهذا ينطبق على مجتمعنا، الذي يقترب من المدن الفاضلة، ويشهد نقلة حقيقية في التنمية والابتكار، وينافس في عالم الاقتصاد والسياحة والصناعة، لاسيما التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وهنا، أشير إلى أهمية التربية والتعليم، والإعلام أيضاً، في رفد هذا المفهوم، بتسليط الضوء على المبتكرين، وهذا ينشئ بيئة تنافسية، تأخذنا من المحلي إلى العالمي..
ففي عالمنا، اليوم، كم هو جميل أن نبتكر في العمل والبيت، وأن نعرف كيف نبتكر سعادتنا، إلى جانب المشاركة في تغيير طريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا. وبالتأكيد، لا يقتصر الابتكار على التكنولوجيا، بل يدخل جميع مجالات حياتنا. ويكفي أن نفكر بأساليب مبتكرة في العمل، تتماشى مع أهم مبادئ البيئة والمناخ، والاستدامة والإبداع؛ لنستمتع بوقتنا، فالعمر نعيشه مرةً واحدةً، وكم هو جميل، أيضاً، أن نترك أثراً إبداعياً في الكتابة، أو الفن.. وكل جوانب الحياة.
لو التفتنا حولنا؛ لوجدنا تحولًا مذهلاً؛ بفضل الابتكارات التي تعزز الكفاءة، وتفتح آفاقًا جديدة، تجعلنا في عالم أقرب إلى «قرية كونية»، ولا يتنافى الابتكار مع الاحتفاظ بخصوصيتنا وهويتنا. والشركات التي تتبنى التفكير الابتكاري تستطيع التكيف مع التغيرات السريعة في السوق، وتقديم منتجات وخدمات، تلبي احتياجات المستهلكين المتغيرة.
ويبدو أننا بتنا نعيش على «مسرح كوني»، كل ما فيه - من ابتكار، وذكاء اصطناعي - يساعدنا في حياتنا الشخصية، فتطبيقات الهواتف الذكية تساعدنا في إدارة الوقت، وتنظيم المهام، وتمنحنا القدرة على تحقيق التوازن بين العمل والحياة. كما أن التقنيات الحديثة، في مجال الصحة والعافية، تساعدنا في اتخاذ قرارات أفضل بشأن نمط حياتنا، لنصبح أكثر وعياً بأهمية الفحوص الدورية، والغذاء الصحي، والابتكار للحظة قدوم أي جائحة!
وكذلك، يشجع الابتكار على الاستدامة، وإبداع حلول جديدة، كالمنتجات القابلة للتحلل، والتقنيات الخضراء، التي تمنحنا أدوات لمواجهة التحديات البيئية، وتساعدنا على العيش بطريقة أكثر وعيًا واهتمامًا بالبيئة.
من هنا، تأتي أهمية الابتكار، بإعادة التدوير، واللجوء إلى بيئة خضراء، وتغذية صحية، والأروع أن يتحول الابتكار إلى سلوك يومي؛ لأنه سينعكس - حتماً - على التربية والتعليم والحياة والاقتصاد، وهو ما نشهده على أرض دولتنا الحبيبة، التي تتبنى الأفكار الجديدة؛ لهذا بتنا نسمع بالتراث المستدام، والإبداع، والابتكار في كل شيء!
وكلّ ما سبق يساعدنا على الوقوف في وجه المتغيرات؛ فالابتكار ليس حدثاً عابراً، بل أسلوب حياة يدفعنا نحو مستقبل متجدد، وهو المفتاح لتحقيق الحياة التي نطمح إليها؛ لذلك نشجع قراءنا على استكشاف أفكار جديدة، تساهم في تحسين نوعية حياتهم..