تعتبر «الثعلبة البقعية» من أمراض المناعة الذاتية، التي لا يقتصر تأثيرها على الشعر فحسب، فقد يمتد ليترك تأثيرات نفسية كبيرة على المصابين به، نظراً للارتباط الوثيق بين الشعر والصورة الذاتية للفرد. وحول هذا المرض، تحدثنا إلى الدكتورة هدى رجب علي، استشارية الأمراض الجلدية، والأمين العام لجمعية الإمارات للأمراض الجلدية، لاستعراض الأسباب المحتملة لظهور «الثعلبة البقعية»، وأهم طرق العلاج المتاحة، بالإضافة إلى كيفية التعامل النفسي مع التحديات المرتبطة بهذا المرض.

  • ما «الثعلبة البقعية».. وكيف يمكن التعامل معه؟

أوضحت الدكتورة هدى أن «الثعلبة البقعية» من أمراض المناعة الذاتية، ويعتبر تشخيصها أمراً يسيراً، إلا أن علاجها كان يواجه العديد من الصعوبات؛ نظراً لقلة العلاجات المتوفرة، ومحدودية النتائج المطلوبة، وكذلك لتداخل الحالة مع أمراض مناعية أخرى. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة حول معدلات الإصابة بالمرض، إلا أنه يشكل نسبة لا بأس بها من الأمراض الجلدية، حيث يأتي المريض، عادة، إلى طبيب الجلدية بسبب معاناته تساقطاً في الشعر، ووجود بقعة، أو أكثر، تخلو من الشعر، قد تصل لنسبة أكثر من 50% من فروة الرأس. وعادة، يسألنا المرضى عن إمكانية عودة الشعر بعد العلاج، إلا أنه لا يوجد جواب جازم على ذلك، فمن الممكن عودة الشعر، بينما قد يستمر في التساقط لتتحول «الثعلبة البقعية» إلى «ثعلبة كاملة» تتجاوز شعر الرأس؛ لتصل إلى الحواجب، واللحية لدى الرجال، والأماكن الأخرى في الوجه. ولا يعتبر مرض «الثعلبة البقعية» معدياً؛ كونه من أمراض المناعة الذاتية.

وأضافت أنه يتم تشخيص المرض بالفحص السريري، وفي حال تداخل الحالة مع أمراض جلدية أخرى، تسبب نفس الأعراض، نقوم بأخذ خزعة من الجلد؛ لمعرفة الحالة بدقة. وللأسف لا توجد سبيل للوقاية من هذا المرض؛ كونه أساساً مرضاً غير معدٍ، يرتبط بالجهاز المناعي، إلا أن تشخيص المرض مبكراً، وبدء علاجه، يحسنان بشكل كبير النتائج. وبغياب أي مؤشرات مسبقة إلى احتمالية الإصابة بالمرض، لا يوجد أي دليل مبكر على الإصابة، وليست هنالك أي فئة معرضة أكثر من غيرها، إلا أن التأثير النفسي للإصابة يكون أكبر بين الإناث؛ نظراً لانخفاض مستويات تقدير الذات، بسبب الصورة الخارجية.

  • ما «الثعلبة البقعية».. وكيف يمكن التعامل معه؟

وحول علاج المرض، أكدت الدكتورة هدى أن التطور الطبي قاد إلى ظهور أدوية بيولوجية، أثبتت كفاءة عالية في التعامل مع حالات مناعية أخرى، مثل: الصدفية، والإكزيما. ويتوفر، اليوم، نوعان من الأدوية البيولوجية، التي تعالج مرضى «الثعلبة»، وتكون هذه الأدوية على شكل حبوب تؤخذ يومياً، وأثبتت فاعليتها وأثرها الإيجابي على مرضى «الثعلبة» حول العالم، خصوصاً في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، حيث تقلل فقدان الشعر بنسبة تتجاوز الـ50%، ولاحظنا أن هذه الأدوية تبدأ بالعمل بعد شهرين من تناولها، في حين أن مفعولها طويل الأمد عند الالتزام بها، وفقاً لتوجيهات الطبيب. وبالنسبة لتجربتنا مع هذه الأدوية، لم نشهد أي آثار جانبية لها على المرضى.

وأوضحت، في هذا الإطار، أن جمعية الإمارات للأمراض الجلدية كانت، ولا تزال، من أولى المؤسسات، التي تحرص على نشر الوعي بهذه الحالة الصحية، وإيصال رسالة تثقيفية مهمة للمجتمع والمرضى، عبر تنظيم اجتماعات دورية؛ لتوعية أطباء الجلدية والمتخصصين في الطب العام؛ لتعريفهم بالمرض، وعلاجاته المتاحة. ونواصل إقامة الندوات العلمية في هذا الإطار، التي تلقينا إثرها إشادة وثناء من مختلف الجهات المعنية، في حين باتت دولة الإمارات سباقة في تبني العلاجات البيولوجية لمختلف الأمراض الجلدية، على مستوى المنطقة، ومنها مرض «الثعلبة».

وقد تكشف الإصابة بـ«الثعلبة البقعية» عن إصابات مناعية أخرى لدى المريض، مثل: مرض الغدة الدرقية، الذي يصيب نسبة تتجاوز الـ50% من مرضى «الثعلبة». وأوصت الدكتورة هدى مرضى «الثعلبة» بعدم السكوت على مرضهم وتغطية الإصابة، لأن العلاجات متوفرة لها، والعلم قد تطور، وبات بإمكان الطبيب مساعدة المريض على الوصول للنتائج المرغوبة.