في وقت، انخفض فيه متوسط العمر المتوقع، وأصبحت الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي سبباً رئيسياً للوفاة، فلا عجب أن يجذب استكشاف دان بويتنر (الباحث في طول العمر، وصاحب كتاب Live to 100: Secrets of the Blue Zones)، الذي استمر لعقود من الزمان، للمُعمرين الذين يزدهرون في المجتمعات الأطول عمراً على وجه الأرض)، الكثير من الاهتمام. لذلك، يحاول البشر، طوال الوقت، البحث عن العادات، التي يتمتع بها أصحاب العمر الطويل، خاصة في البلدان المعروفة باسم «المناطق الزرقاء»، فهم يتميزون بعمر طويل، وبصحة جيدة.. في ما يلي، أبرز العادات، التي يتبعها هؤلاء المُعمرون في الأرض.
عادات المُعمرين في الأرض.. لعيش حياة صحية ومديدة:
في سعينا إلى حياة أطول وأكثر صحة، يمكننا اكتساب رؤى لا تقدر بثمن من «المناطق الزرقاء» في العالم، أي المناطق التي لا يعيش فيها الناس لفترة أطول فحسب، بل يتمتعون أيضاً بجودة حياة أعلى. وتشترك هذه المناطق الفريدة، مثل: «أوكيناوا» في اليابان، و«سردينيا» في إيطاليا، و«نيكويا» في كوستاريكا، في عادات مشتركة، تساهم في طول عمر سكانها بشكل ملحوظ، ومن أبرزها:
1- إعطاء الأولوية لنظام غذائي قائم على النباتات:
من أكثر القواسم المشتركة، اللافتة للنظر بين المجتمعات الأطول عمراً، هو التركيز على النظام الغذائي القائم على النباتات. ففي هذه المناطق، تتكون الوجبات في الأغلب من الخضروات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة، مع الحد الأدنى من استهلاك اللحوم والأطعمة المصنعة، وهذا النمط الغذائي غني بالعناصر الغذائية الأساسية، ومنخفض في المواد الضارة التي تزيد احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة. وتساعد وفرة الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة، في الأطعمة النباتية، على تقليل الالتهابات، وتحسين الهضم، وتعزيز الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول كميات محدودة من المنتجات الحيوانية والأطعمة المصنعة، يقلل خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، وبعض أنواع السرطان.
2- الحفاظ على النشاط البدني:
يعتبر النشاط البدني عاملاً حاسماً آخر في طول العمر لدى هؤلاء المعمرين. لكن من المهم ملاحظة أنهم لا يشاركون، بالضرورة، في روتين تمارين شاقة. وبدلاً من ذلك يدمجون الحركة في حياتهم اليومية بأنشطة، مثل: المشي، والبستنة، والعمل اليدوي. ويساعد هذا النشاط البدني، المستمر والمعتدل، في الحفاظ على اللياقة البدنية، وتقليل التوتر، وتعزيز الصحة العقلية. كما تعمل الحركة المنتظمة على تحسين صحة القلب، والأوعية الدموية، وتقوية العضلات، والعظام، وتعزيز جهاز المناعة.
3- تنمية الروابط الاجتماعية القوية:
الروابط الاجتماعية القوية، والشعور بالانتماء للمجتمع، جزء لا يتجزأ من حياة المُعمرين، الذين يعيشون في «المناطق الزرقاء»، وتولي هذه المجتمعات قيمة عالية لقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية، ودعم بعضهم بعضاً. وتوفر الروابط الاجتماعية الدعم العاطفي، وتقلل مشاعر الوحدة والعزلة، وتساهم في الشعور بالانتماء. وقد أظهرت الأبحاث أن الروابط الاجتماعية القوية تحسن الصحة العقلية، وتعزز جهاز المناعة، بل وتطيل العمر.
4- ممارسة تقنيات الحد من التوتر:
للتوتر المزمن آثار ضارة على الصحة البدنية والعقلية، وتمارس المجتمعات الأطول عمراً تقنيات مختلفة؛ للحد من التوتر؛ لإدارة مستويات التوتر، والحفاظ على الوضوح العقلي.
وتشمل هذه التقنيات: التأمل والصلاة وقضاء الوقت في الطبيعة، حيث إن الانخراط في هذه الممارسات يؤدي إلى خفض مستويات الكورتيزول، وتقليل القلق، وتحسين الحالة المزاجية، بالإضافة إلى ذلك تعزز هذه التقنيات الوظائف الإدراكية، وتعزز الاسترخاء.
5- الشعور بالهدف:
الشعور بالهدف سمة مشتركة بين سكان «المناطق الزرقاء». ففي «أوكيناوا» اليابانية يُعرف هذا المفهوم باسم «إيكيجاي»، ويترجم إلى «سبب الوجود»، ذلك أن معرفة هدف المرء في الحياة يوفر الدافع، ويعزز الصحة العقلية، ويساهم حتى في حياة أطول. ويشجع الشعور بالهدف الأشخاص على البقاء منخرطين ونشطاء في مجتمعاتهم، وملاحقة شغفهم، وتحديد أهداف ذات مغزى. وأظهرت الأبحاث أن الشعور بالهدف يرتبط بانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وتحسين الصحة العقلية، وزيادة طول العمر.
6- تناول الطعام باعتدال:
الاعتدال في تناول الطعام عادةٌ أساسية أخرى؛ لوحظت في المجتمعات الأطول عمراً بالعالم. ففي «أوكيناوا» تتضمن ممارسة «هارا هاتشي بو» تناول الطعام حتى يشبع الشخص بنسبة 80%، بدلاً من الإفراط في تناول الطعام. ويساعد هذا النهج الواعي لتناول الطعام على منع السمنة، وتحسين الهضم، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، كما يعزز تناول الطعام باعتدال التحكم في الحصص، ويشجع على اختيار الأطعمة الصحية.
7- أخذ قسط كافٍ من النوم:
النوم الكافي ضروري للصحة العامة، وطول العمر، وتعطي المجتمعات الأطول عمراً في العالم الأولوية للراحة، وتضمن الحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة. ويدعم نظام النوم الجيد الصحة البدنية والعقلية، ويعزز جهاز المناعة، ويحسن الوظائف الإدراكية. وأثناء النوم، يخضع الجسم لعمليات مهمة، مثل: إصلاح الأنسجة، وتقوية الذاكرة، وتنظيم الهرمونات. بينما تؤدي قلة النوم إلى مجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك: ضعف الوظائف الإدراكية، وضعف المناعة، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.