يبدأ سرطان الثدي على هيئة نمو غير طبيعي للخلايا في أنسجة الثدي، ويتشكل نتيجةَ خللٍ في نمو خلايا الثدي، وزيادة انقسامها. وعلى الرغم من أن سرطان الثدي أكثر شيوعاً لدى النساء، إلا أنه يمكن أن يصيب الرجال، ولكن بشكل نادر. كما يمكن أن يصيب أجزاء عدة من الثدي، مثل: القنوات، أو الأنسجة المحيطة به، وأن يتشكل أيضاً في الدهون والأنسجة الضامة.. هذا ما شرحته، باختصار، الدكتورة عايدة العوضي، استشاري رئيس قسم أمراض أورام الدم بمدينة الشيخ شخبوط الطبية.
وتضيف الدكتورة عايدة: أن الأسباب الدقيقة للإصابة بسرطان الثدي غير معروفة. لكن هناك عوامل قد تزيد خطر الإصابة به، مثل: التغيرات الوراثية، والتقدم في العمر، والتاريخ الوراثي للإصابة، والهرمونات الأنثوية (مثل الإستروجين)، وأسلوب الحياة غير الصحي، كالتدخين والسمنة وشرب الكحول.
وتشرح الدكتورة عايدة العوضي: إن سرطان الثدي يتم تصنيفه؛ بناءً على عوامل عدة، منها: نوع الورم (مثل سرطان القنوات الموضعي، أو السرطان الفصيصي الغزوي)، ودرجته (مدى اختلاف الخلايا السرطانية عن الخلايا الطبيعية)، ومرحلته (مدى انتشار السرطان في الجسم)، ونوعه البيولوجي، ويُحدد من خلال وجود مستقبلات هرمونات الإستروجين والبروجسترون، أو وجود طفرة جينية، فالورم يجعلها تنتج بروتين (HER2)، بشكل فائض.
وهذه العوامل، جميعاً، تستخدم لمعرفة مواصفات وطبيعة سرطان الثدي؛ لتحديد العلاج الأمثل، وطرق العلاج تختلف حسب المرحلة، والدرجة، والنوع البيولوجي للورم.
التاريخ العائلي:
تتابع الدكتورة العوضي، مشيرة إلى أن أكثر النساء عرضة للإصابة بالمرض، هن اللاتي لديهن تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، والمقصود بذلك أفراد العائلة من الدرجة الأولى، أو وجود طفرة وراثية مشخصة، مثل: (BRCA1)، و(BRCA2)، أو اللواتي تأخرن في الحمل، أو لم ينجبن، أو لم يرضعن، وكذلك تناول الهرمونات، مثل: هرمونات منع الحمل، التي تحتوي على الإستروجين والبروجسترون، والسمنة، وعوامل أخرى. وتعتبر الاستشارية العوضي أن احتمالية الإصابة بسرطان الثدي تزداد مع تقدم العمر. ومع ذلك، لا يقتصر سرطان الثدي على فئة عمرية معينة، ويمكن أن يصيب النساء في أي عمر، وحتى النساء اللاتي ليس لديهن تاريخ وراثي بالسرطان.
أنواع سرطان الثدي:
وعن أنواع سرطان الثدي، تشير الدكتورة العوضي إلى أن النوع يُحدد حسب منطقة حدوث الورم، فمثلاً سرطان القنوات الغازية، هو الأكثر شيوعاً، وهناك سرطان «الفصيص الغازي»، الذي يظهر في الغدد التي تنتج الحليب، ويعتبر من حالات سرطان الثدي الأقل شيوعًا، التي تصيب 10 إلى 20% من النساء. ويتحدد النوع، أيضاً، حسب مستقبلات الورم، الذي يتم تحديده من خلال الدراسة المجهرية للورم، والمستقبلات التي يتم فحصها على الورم، هي مستقبلات الإستروجين والبروجسترون، وبروتين (HER2)، مثلاً سرطان الثدي الثلاثي السلبي يكون سلبياً أو لا يتوفر على مستقبلات الإستروجين، والبروجسترون، و(HER2).
تجدر الإشارة، هنا، إلى أن مصطلح (HER2) يشير إلى سرطان الثدي الإيجابي البروتين، الذي يعمل على تحفيز نمو الخلايا السرطانية. وفي حالة واحدة من كل 5 حالات لسرطان الثدي، تحتوي الخلايا السرطانية على نسخ إضافية من الجين، الذي ينتِج بروتين (HER2)، وعادةً تكون سرطانات الثدي الإيجابية البروتين (HER2) أكثر عدوانية من أنواع سرطان الثدي الأخرى. لكن مع تطور العلم والأبحاث، أصبحت هناك علاجات فعالة لهذا النوع من الأورام.
كذلك، هناك سرطان الثدي الالتهابي، وهو نوع نادر جدًا، ويتميز باحمرار وانتفاخ في كامل الثدي، فيتسبب في انسداد الأوعية الليمفاوية في الثدي، وأحياناً يكون غير مصاحب لكتلة ورمية. ويعتبر من الأنواع الأكثر عدوانية، والأسرع انتشاراً. وهناك، أيضاً، سرطان الثدي الثلاثي السلبي والالتهابي، ويعتبر أخطر هذه الأنواع؛ لسرعة انتشاره، ومع التطورات الكبيرة في العلاج؛ أصبحت العلاجات المتوفرة له أكثر فاعلية، وتحت السيطرة.
انتشار السرطان:
وتشرح الاستشارية أنه غالباً، عند انتشار سرطان الثدي، ينتقل، أولاً، إلى العقد الليمفاوية تحت الإبط في الجهة المصابة بالورم، ثم قد يمتد إلى أعضاء أخرى، مثل: العظام، والرئتين، والكبد، والدماغ. ويحدث هذا الانتشار، عادة، في المرحلة المتقدمة من المرض، والمعروفة بالمرحلة الرابعة. وعلى الرغم من أن الشفاء التام غير ممكن في هذه المرحلة، إلا أن هناك علاجات متاحة، تساعد في السيطرة على المرض. ومع تطور العلاجات، تعيش العديدات من المريضات لفترات طويلة في المرحلة الرابعة، بالتكيف مع المرض، والسيطرة على أعراضه.
وتتابع الدكتورة العوضي: إن الوراثة تلعب دوراً مهماً في الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، فحاملات طفرات (BRCA1)، و(BRCA2)، يكون لديهن استعداد وراثي للإصابة بهذين النوعين من السرطان، ما يجعلهما أكثر عرضة للإصابة بهما، مقارنة بالنساء الأخريات.
الاختبار الجيني:
وتنصح الدكتورة عايدة، بشدة، بإجراء الاختبار الجيني للسرطان؛ إذا كان لدى المرأة تاريخ عائلي أو وراثي قوي للإصابة بسرطان الثدي أو المبيض، أو إذا تم تشخيص إصابتها بالسرطان، وكانت في سن مبكرة، فهذه العوامل قد تشير إلى وجود طفرة وراثية تزيد خطر الإصابة بالسرطان. ويفضل، في هذه الحالة، استشارة طبيب أورام أو طبيب متخصص في الجينات الوراثية.
أهمية الكشف المبكر:
وتعتبر الدكتورة العوضي نسب الشفاء من سرطان الثدي مرتفعة، بشكل ملحوظ، خاصة في حال الكشف المبكر عن المرض. وهذا يعود إلى تطور تقنيات التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى الوعي المتزايد بأهمية الفحوص الدورية.
وتشدد على ضرورة إجراء الفحوص المنتظمة؛ لأنها خط الدفاع الأول ضد سرطان الثدي، حيث تساعد هذه الفحوص على اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، موضحة أن العلاج، في هذه المرحلة، يكون أكثر فاعلية. ومن أهم الفحوص، التي يجب على كل امرأة القيام بها:
1. الفحص الذاتي للثدي.
2. فحص الأشعة السينية (الماموغرام).
3. الفحص السريري للثدي.
4. الفحوص الأخرى إذا لزم الأمر، مثل: التصوير بالرنين المغناطيسي، والخزعة.
الوقاية من السرطان:
وفي النهاية، ترى الدكتورة عايدة العوضي أنه يمكن تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي؛ عن طريق تبني نمط حياة صحي، وممارسة الرياضة، والحفاظ على وزن صحي، وتجنب التدخين، وتقليل استهلاك الكحول، وتجنب استخدام الأدوية التي تحتوي على الإستروجين، والبروجسترون.