سارة الأحبابي: أعمالي تترجم علاقة المكان بالإنسان

ستظل، دوماً، علاقة المكان بالإنسان موضوعاً لا ينتهي في الأعمال الفنية، مهما اختلفت أشكال التعبير، والوسائط الفنية المستخدمة، ورغم تكرار طرح هذه العلاقة في أعمال فنية كثيرة، إلا أنها مازالت تثمر أفكاراً جديدة ومتعددة، كما في العمل الفني، للفنانة الإماراتية سارة الأحبابي، الذي أطلقته تحت عنوان «تايم ل

ستظل، دوماً، علاقة المكان بالإنسان موضوعاً لا ينتهي في الأعمال الفنية، مهما اختلفت أشكال التعبير، والوسائط الفنية المستخدمة، ورغم تكرار طرح هذه العلاقة في أعمال فنية كثيرة، إلا أنها مازالت تثمر أفكاراً جديدة ومتعددة، كما في العمل الفني، للفنانة الإماراتية سارة الأحبابي، الذي أطلقته تحت عنوان «تايم لاين للأدوات الإلكترونية»، وجسدت فيه تحول ممارسة رياضة المشي، في أحياء أبوظبي، إلى رحلات استكشافية، رصدت من خلالها تفاصيل الحياة، وما يطرأ عليها من تغيرات. وفي حوارها مع مجلة «زهرة الخليج»، أكدت الفنانة الإماراتية أن هذه التغيرات، في البناء أو المجتمع، كمن يمر عبر طبقات متتالية، شعرت معها كأنها تتبع مسارات عبرها آخرون من قبل، خاصة أنها لم تعتمد فقط على التأمل، واتجهت إلى فتح حوارات مع أصحاب المحال. والطريف أنها جسدت عبارات من هذه الحوارات بتسليط الضوء على إحدى اللوحات في عملها، الذي يتكون من صناديق مضيئة. كذلك، ركزت على أضواء الزينة في الشوارع، وواجهات المحال؛ لتجعل الضوء أداة للتوثيق والرسم.. لنتعرف أكثر إلى الرحلة الفنية لسارة الأحبابي؛ كان لنا هذا اللقاء:

  • سارة الأحبابي: أعمالي تترجم علاقة المكان بالإنسان

كيف كانت بداياتك الفنية، وما أبرز المعارض التي شاركتِ فيها؟

منذ الصغر، كان لديَّ شغف كبير بالفنون؛ لهذا حصلت على البكالوريوس من جامعة نيويورك أبوظبي عام 2016. وشاركت، عام 2017، في برنامج سلامة بنت حمدان للفنانين الناشئين. الآن، أعمل موظفةً في قسم التعليم بدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وبالتالي يلعب التعليم دوراً كبيراً في ممارستي الفنية، فعزز أبحاثي بهذا المجال. حالياً، أسعى إلى الحصول على درجة الماجستير في الفن والإعلام من جامعة نيويورك أبوظبي. وقد شاركت سابقاً في معارض عدة، منها: «مرتبط»، بيت الممزر، دبي (2023)، «إمارات الرؤى»، متحف «مي كولكترز»، برلين (2017)، «المجتمع والنقد الفني»، مجمع 421 للفنون، أبوظبي (2017)، و«هذا ما يفكرون فيه عني»، مساحة المشروع، جامعة نيويورك أبوظبي (2016).

قصص.. وتراث

عملك بمثابة نزهة في أنحاء أبوظبي.. ما الموضوعات والأفكار الرئيسية، التي يمكننا اكتشافها في أعمالك الفنية؟

إن المفهوم، الذي أتناوله، هو أهمية استكشاف المناظر الطبيعية غير المألوفة عبر المشي في المساحات المخصصة للمشاة. ففي مدينة تسودها ثقافة ركوب السيارات، تعرفت من خلال استكشاف وسط مدينة أبوظبي سيراً على الأقدام على الكثير من تفاصيل المدينة، مثل: التفاعل مع مجتمع متنوع من الناس، وتناول الطعام في مطاعم محلية مختلفة في كل مرة، وسماع قصص عن التراث الحديث في أبوظبي من منظور صاحب متجر.

ما المواد والتقنيات، التي استخدمتها؛ لتنفيذ هذا العمل؟

كانت لديَّ كمية محدودة من المواد التي يمكنني العمل بها؛ لذلك قررت أن أمشي، وأوثق ذلك عبر عدسة الكاميرا، وجهاز التسجيل. كنت أرغب في تسجيل التفاصيل الدقيقة بالمدينة، مثل: طنين وحدات التكييف، التي تغمر الأزقة، وتجمعات السيارات، التي «تزأر» خلال تنقلها في أنحاء المدينة، والتفاعلات الإنسانية الشخصية، التي أجريتها مع أصحاب المتاجر، ومديري المطاعم، والملاحظات الذكية التي تعرضت لها، مثل: «هل أنت من البلدية يا سيدتي؟»، التي قالها لي أحدهم؛ عندما رآني أتطلع عبر زقاق به عدد كبير جداً من وحدات التكييف، التي لم أَرَ مثلها على الإطلاق وأنا أحمل كاميرتي، فقلت له: «لا.. أنا فنانة»، وأظهرت الكاميرا له.

صفي لنا شعورك، خلال هذه الجولات!

 كنت أستخدم الكاميرا حيناً، وجهاز التسجيل الخاص بي أحياناً، وكنت أشعر بسعادة غامرة؛ لأنني قمت بتوثيق وسط مدينة أبوظبي الأصيل عن قرب قدر الإمكان. كانت تجربة متميزة، حيث كنت أعيش في حي الكرامة والبطين، وأحس أني مختفية عن عالم المدينة، وعليَّ أن أختلط بالمجتمع الذي يعيش في بلدي. كانت نتيجة هذه الجولات تصميم 5 قطع فنية تمثل أحياء أبوظبي، التي كنت أصورها أثناء سيري، ولديَّ أكثر من 500 صورة تركتها للبحث القادم، وهذه القطع الفنية المعروضة، اليوم، استخرجت من تلك الصور والخرائط.

  • سارة الأحبابي: أعمالي تترجم علاقة المكان بالإنسان

رحلة مع الذكريات

كيف ترجمت جهودك في عمل فني؟

 يمثل العمل التركيبي، الذي قمتِ بإنتاجه، مسيرتي عبر المدينة، فقد أدركت ذلك بعدما حصلت على صور من «غوغل إيرث» لكل مبنى مررت به. وبمساعدة ذاكرتي والصور التي التقطتها، كنت أحصل على أسماء المحال التجارية، ثم أشير إليها في صور «غوغل»؛ لتأخذني في رحلة مع الذكريات. قمت، بعد ذلك، بترجمة نتيجة التصميم، المتمثلة في تذكر وتتبع خطواتي، عبر تركيبات ضوئية باستخدام شرائط «ليد» من شارع إلكترا، اشتريتها من متجر يسمى «تايم لاين للكهرباء»، وهو الاسم الذي أطلقته على أطروحتي. لطالما رغبت في العمل على تراكيب إضاءة بسيطة، إلا أن العمل النصي في عرضي، الذي لخص ما تشير إليه مفاهيمي، حقاً، شكل لمسة «ما بعد البساطة».

 


ما طموحاتك، وأحلامك؟

أطمح أن أكون أستاذة فنون؛ لأن التعليم جانب آخر من تدريبي، الذي أود دمجه مع شغفي بالفنون، فممارساتي الفنية تعزز علاقة المكان بالإنسان، فهي تدور حول التشجيع على استكشاف الأماكن غير المألوفة؛ ليتعلم الناس أكثر عن أنفسهم، وعما يمكن أن تعلمهم إياه هذه الأماكن. لذلك، إن استطعت - من خلال ممارساتي الفنية - التشجيع على استكشاف المدينة من خلال ثقافة المشي، فإن ذلك سيكون حماسياً ومشوقاً جداً بالنسبة لي.